السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
اختتام الجولة الأولى من مباحثات جنيف…مراقبون: المغرب يؤكد على مبادرة الحكم الذاتي كحل للنزاع المفتعل في الصحراء
فاطمة الزهراء كريم الله
ـ الرباط ـ فاطمة الزهراء كريم الله ـ اختتمت مساء أمس الثلاثاء، الجولة الأولى من محادثات المائدة المستديرة المنعقدة على مدى يومين بالعاصمة السويسرية جنيف، برئاسة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة هورست كولر، وبمشاركة جميع أطراف النزاع الإقليمي حول الصحراء المتمثلة في الوفد المغربي برئاسة وزير الخارجية ناصر بوريطة، والوفد الجزائري بقيادة وزير الخارجية عبد القادر مساهل، بالإضافة إلى الوفد الموريتاني برئاسة اسماعيل ولد الشيخ أحمد، وزير الخارجية، إلى جانب وفد جبهة البوليساريو يتقدمه خطري أدوه، رئيس ما يسمى “المجلس الوطني”.
وانصبت نقاشات اليوم الأول حول القرار الأخير لمجلس الأمن والتنمية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى موضوع “حق تقرير المصير”.
وتمحورت المحادثات الأولية حول مناقشة القضايا السياسية والأمنية الإقليمية العالقة، تشجيعا لدخول أطراف النزاع في مفاوضات مباشرة تماشيا وقرار مجلس الأمن الأخير رقم 2440، مشيرة إلى أن اللقاء يشكل تمهيدا لمسلسل مفاوضات قادمة تنتهي قبيل شهر أبريل / نيسان القادم. حيث حاول الوسيط الأممي هورست كولر، إدخال مفاهيم جديدة في دينامية المفاوضات تختلف عن الوسطاء السابقين، تتمثل في إقناع الفرقاء السياسيين بضرورة التعجيل بحل قضية الصحراء للإسهام بشكل مباشر في بناء التكامل الإقليمي بين بلدان المغرب العربي الخمسة، وربط فشل إيجاد تسوية سياسية لنزاع الصحراء بالتأثيرات الأمنية والاقتصادية والإنسانية التي تشل تقدم المنطقة المغاربية.
وخلال اليوم الأول من المحادثات، دعا نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريس، جميع الأطراف للمشاركة بحسن نية وبروح بناءة، على أساس القرار 2440، مما يفند ادعاءات الجزائر والبوليساريو اللذان يدعيان بأن الأطراف الأساسية في المباحثات هي فقط المغرب والبوليساريو، وأن الجارة الشرقية ليست سوى عضوا ملاحظا. مؤكدا في الوقت ذاته دعمه الثابت لمبعوثه الشخصي، هورست كوهلر، ولجهوده الرامية إلى إعادة إطلاق عملية التفاوض، ومشاركة جميع الأطراف بحسن نية دون شروط مسبقة.
في ذات السياق، جددت الحكومة الموريتانية موقفها من نزاع الصحراء، وأكدت أن موقفها هو الحياد التام والدفع بأطراف النزاع إلى التوصل إلى إيجاد حل سياسي لهذا النزاع المفتعل، وأن حضورها كمراقب في جنيف من شأنه أن يسهل العملية ويدفع نحو الحل.
و قال الناطق باسم الحكومة الموريتانية سيدي محمد ولد محم: إن هذا ” الاجتماع هي تقييم التطورات منذ الجولة الأخيرة من المفاوضات سنة 2012، ومعالجة القضايا الإقليمية ودراسة الخطوات المتعلقة باستئناف العملية السياسية. و أن لقاء جنيف سيكون للتشاور حول بحث أفضل السبل لاستئناف العملية السياسية بهدف التوصل إلى حل عادل ومقبول ومتوافق عليه طبقا لتوصيات القرار الأممي الأخير رقم 2414، الصادر أكتوبر للماضي. حيث أن التطورات الراهنة في المنطقة ومستقبل العملية السياسية المتعلق بملف الصحراء، والخطوات الكفيلة باستئناف برنامج تدابير الثقة، ستناقش خلال اللقاء الذي ترعاه الأمم المتحدة”.
كما أنه من المرتقب أن تتركز المباحثات اليوم الثاني، حول إبراز خطوات المبعوث الأممي المعتمدة لبناء عملية سياسية حقيقية تفضي إلى مفاوضات مباشرة حول النزاع، وبعث العملية السياسية المتوقفة لأزيد منذ ست سنوات تقريبا.
وبحسب مراقبين، فإن المغرب يراهن من هذا الحوار أن يصل لنقطة يطالب بها دائما على الصعيد الديبلوماسي والحقوقي، وهي مسألة إحصاء ساكنة تندوف التي ترفضها الجزائر.
وفي حديث عن السياق الذي جاء فيه هذا لقاء جنيف والسيناريوهات الممكنة، قال محمد الزهراوي، استاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض، متحدثا لصحيفة ” ” : ” بالنظر إلى السياق الذي يأتي فيه لقاء جنيف، خاصة قرار مجلس الأمن الأخير وحرص الولايات المتحدة الأمريكية على تقليص الولاية الانتدابية للبعثة المينورسو لمدة ستة اشهر للضغط على الاطراف، هذا بالإضافة إلى حضور كل من الجزائر وموريتانيا. يمكن هذا اللقاء المرتقب سيشكل مناسبة لجس النبض من طرف المبعوث الاممي كولر وتحديد الأرضية التي يمكنها اعتمادها كمنطلق لإحياء مسار التفاوض”.
وباستحضار المسار السابق للمفاوضات، يضيف الزهراوي قائلا: ” انطلاقا من مواقف الأطراف، والعوامل المتحكمة في هذا اللقاء، يمكن الحديث على ثلاث سيناريوهات منظرة من لقاء جنيف، الأول، أن هذا اللقاء يعتبر تكرارا لنفس اللقاءات السابقة التي لم تفضي إلى أية نتيجة، خاصة في ظل تباعد وتناقض المواقف. لاسيما وأن المغرب يشترط التفاوض مع الطرف الرئيسي في هذا النزاع الذي هو الجزائر. و الثاني، متمثل في اعتماد طاولة مستديرة من طرف المبعوث الاممي في هذا اللقاء بغية جمع كافة الأطراف سواء الجزائر وموريتانيا، قد يساهم في استبيان حقيقة المواقف كل الاطراف، مما يساعد على وضع أرضية جديدة لإحياء مسار التفاوض. وبالتالي، فهذا اللقاء يعتبر مناسبة لوضع تصور وطرح مقترحات جديدة من طرف القوى المؤثرة أي الولايات المتحدة الامريكية. أما السيناريو الثالث، يمكن في أن لقاء جنيف، يأتي نتيجة ضغط الولايات المتحدة الأمريكية خاصة على المغرب، فإن فشل المبعوث الأممي في تقريب وجهات النظر وإقناع الأطراف الأخرى بطرح مقترحات واقعية ومقبولة تتجاوز الشعارات الطوباوية، قد يشكل ذريعة بالنسبة للمملكة لرفض الانخراط في أي مسار تفاوضي مستقبلا ما لم تتحقق بعض الاشتراطات الموضوعية وتحديد الأطراف الحقيقية.
من جانبه يرى نوفل البوعمري، الباحث في شؤون قضية الصحراء، في تصريح لصحيفة””، أن “المائدة المستديرة تنعقد باعتبارها جولة أولى قد تفتح المجال نحو جولات أخرى تكون ممهدة لمفاوضات جدية تحت قاعدة الحل السياسي الواقعي في حال تعاطي الطرف الجزائري مع المائدة المستديرة بشكل إيجابي و جدي يسهم في دفع العملية السياسية نحو الأمام و النجاح”.
وأضاف البوعمري، أن ” المائدة المستديرة تنعقد ببرنامج عمل مدقق و واضح لا مجال فيه للتهرب من النقاش حول القضايا ذات الارتباط بالنزاع خاصة منها مستقبل المنطقة في ظل تطور العملية السياسية و هي نقطة جد مهمة تعكس وعي الجميع بأن المنطقة قد تشتعل في حال فشل العملية السياسية و الوصول للحل على قاعدة مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها المجسدة لمطلب الحل الواقعي كما وصفه قرار مجلس الأمن. مشيرا في الوقت ذاته إلى أن المائدة المستديرة ستعرف مواجهة بين خيارين أولهما الخيار الصحراوي المغربي المتمثل في طبيعة الوفد المغربي الذي يتشكل من ممثلي الساكنة المحلية و طرف آخر الذي هو البوليساريو يجسد الخيار الماضوي و المسلح، يعني أننا أمام مواجهة بين النموذج الديموقراطي و النموذج المليشياتي”.