تحقيقات
الألغام تحصد مزيدا من الضحايا في اليمن
ـ الخوخة ـ ظنت عائلة غالب أن مأساتها انتهت بعد عودتها إلى منزلها في قرية في محافظة تعز في جنوب غرب اليمن بعد أشهر من النزوح نتيجة القتال بين القوات الموالية للحكومة والمتمردين الحوثيين، ولكن بعد أيام انفجر لغم في أحد أطفالها.
وفقد عبد الله (7 أعوام) جزءا من إبهامه وتعرض لكسر ثلاثي في ساقه، ما دفعه لاستخدام كرسي متحرك.
أمام كوخ عائلته المتواضع في قرية الهاملي، يجلس على كرسي يصعب عليه تحريكه بنفسه، ويحتاج الى مساعدة فرد من أفراد عائلته للتحرك.
ويواجه المدنيون على طول الساحل الغربي لليمن، بالإضافة إلى الجوع الذي أنهكهم والقنابل، خطرا متزايدا يتمثل في الألغام والعبوات الناسفة الأخرى التي زرعها المتمردون الحوثيون.
ويروي عبد الفتاح غالب، والد عبد الله، كيف نزحت عائلته أثناء القتال إلى مديرية بيت الفقيه في محافظة الحديدة في غرب البلاد، قبل أن تعود إلى منزلها بعد رحيل المقاتلين الحوثيين وإثر سيطرة القوات الحكومية عليها وتوقف المعارك.
ويقول “بعد عودتنا بيومين أو ثلاثة أيام، انفجر هذا اللغم بابني داخل البيت”.
وقامت العائلة بنقل الطفل إلى مركز طبي تديره منظمة أطباء بلا حدود.
ويشير عم الطفل عبد اللطيف الى أن العائلة عادت إلى القرية بعد النزوح “من أجل الراحة. ولكن وجدنا خطر الألغام وخطر الحرب التي أهانتنا وسببت لنا الضياع”.
وتعتبر المنظمات الدولية زراعة الألغام الأرضية جريمة حرب.
ساق مبتورة
في قرية النهيرة في محافظة الحديدة، فقد الشاب محمد أحمد ابراهيم (18 عاما) ساقه عند دخوله إلى حقل للألغام عن طريق الخطأ بعد عودته من الصيد.
ويتذكر الشاب “كنت عائدا من الصيد، أنا وصديقي، بينما كان أخي يمشي خلفنا. دست على لغم وأنا أمشي وانفجر مباشرة ورمى بي أرضا”، مشيرا الى أن صديقه وشقيقه لم يصابا بأذى.
وهرع والد محمد اليه بعد تلقيه خبر إصابة ابنه، ولكنه قتل في لغم آخر عند اقترابه منه.
ويروي محمد بأسى “مات أبي أمامي وبقينا على الأرض معا”.
وجاء في تقرير لمعهد واشنطن نشر في تموز/يوليو الماضي، أن الألغام الأرضية موجودة في اليمن منذ عقود بسبب نزاعات مختلفة، إلا أن المتمردين الحوثيين يقومون باستخدامها حاليا “بمعدل عال يسبّب الذهول”.
وبحسب المعهد، “من الصعب للغاية التحقق” من الأعداد الدقيقة للألغام.
وأطلقت السعودية في حزيران/يونيو الماضي مشروعا جديدا لإزالة الألغام في اليمن.
بالقرب من قرية الهاملي، يتنقل عدد من الأطفال حفاة الأقدام على أرض قاحلة في منطقة لا تبعد كثيرا عن حقل ألغام عليه لافتة كبيرة تحذر من الاقتراب منه.
ويقول حسان الجهوري المشرف على فرق لنزع الالغام في “المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن” (مسام) إن هناك 16 فريقا من المنظمة يعملون في نزع الألغام حول منطقة المخا القريبة.
ويضيف الجهوري أن “أولى الفرق وصلت في آب/أغسطس الماضي، واستطاعت بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الساحل الغربي، من نزع ما يقارب تسعة آلاف لغم بالإضافة الى عبوات ناسفة زرعها الحوثيون في هذه المناطق”.
واشتدّت المعارك في الحديدة في بداية تشرين الثاني/نوفمبر، قبل أن تتراجع مع تقدم المحاولات الحثيثة لعقد مفاوضات سلام يفترض أن تبدأ اليوم في السويد. (أ ف ب)