ـ تونس ـ من سناء محيمدي ـ صادق البرلمان التونسي على موازنة المحكمة الدستورية الغير موجودة على أرض الواقع، إذ أن الخلافات السياسية أخرت أكثر من عامين تاسيس المحكمة التي نص عليها الدستور الجديد لتونس عام 2014.
وعلى الرغم من أن أشهر قليلة، تفصل البرلمان عن انتهاء مدته النيابية، فشل النواب التونسيون في انتخاب أعضاء أول محكمة دستورية ضمن مسلسل استكمال إخراج المؤسسات الدستورية الجديدة في البلاد إلى حيز الوجود بالرغم من مرور ما يناهز 5 سنوات على المصادقة على الدستور الجديد.
وتنصل النواب التونسيون في جلسة اعتماد الموازنة للمحكمة الدستورية من مسؤولية فشل انتخاب اعضاء المحكمة الدستورية، مشددين على التزام أحزابهم بانتخاب هذه المؤسسة الدستورية، رغم تغليبهم لمنطق المحاصصة الحزبية والتجاذبات السياسية التي طغت على جلسات انتخاب المحكمة الدستورية.
واتهم النائب سالم الابيض رئيس الكتلة الديمقراطية، الاغلبية الحاكمة في فشل انتخاب المحكمة الدستورية لأنها تعاملت بمنطق تسجيل النقاط، على حد قوله، مؤكدا على ضرورة تركيز هذه المؤسسة الدستورية قبل الذهاب الى محطات انتخابية.
وتحدث نور الدين البحيري رئيس كتلة حزب النهضة عن موقف حزبه من هذه المؤسسة، مشددا على تمسكهم بمحكمة دستورية بأغلبية معززة، والعبرة أن تكون المؤسسات الدستورية باعثة للأمان في قلوب التونسيين”، مشيراً إلى أنه “في اللحظات الكبرى لا نساوم ولا نحيد بل نختار مصلحة الوطن ونختار مؤسسات دستورية مستقلة”، على حد تعبيره.
وقال طارق الفتيتي عضو كتلة “نداء تونس”، إن مجلس نواب الشعب “يحصد ما زرعه عندما صوّت على قانون المحكمة الدستورية، إذ إنه من الضروري أن يمر كل مرشح عبر الأحزاب ويقدّم من كتل نيابية، ما يجعل المحكمة الدستورية مسيّسة بامتياز”.
ورغم أن البرلمان التونسي توصل في كانون الثاني/ ديسمبر عام 2015 إلى المصادقة على قانون أساسي يضبط صلاحيات المحكمة الدستورية، ومهام أعضائها وطرق عملهم، فإنه لم يتم إلى اليوم تحقيق تقدم كبير في اتجاه تنصيب هذه المؤسسة الدستورية.
ويقول نشطاء حقوقيون في تونس، ان “المماطلة السياسية” تعد من أبرز الأسباب التي أدت إلى تأخير تركيز المحكمة الدستورية، خاصة وان المشرّع التونسي اعطى للمحكمة الدستورية صلاحيات واسعة في مجال مراقبة دستورية القوانين، والرقابة على السلطات التنفيذية.
ويشير خبراء في القانون الدستوري إلى أن صلاحيات المحكمة الدستورية تنقسم إلى صنفين يتمثل الأول في النظر في مدى دستورية التشريعات والقوانين، فيما يختص الثاني في فرض رقابة على السلطات التنفيذية.
ومن صلاحياتها، مراقبة دستورية مشاريع القوانين، والقوانين، وتعديل الدستور، والمعاهدات الدولية، التي تصادق عليها البلاد، فضلا عن مراقبة النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب.
كما منح القانون للمحكمة الدستورية، النظر في النزاعات القائمة على مستوى الصلاحيات بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى النظر في لوائح اللوم التي يتقدم بها نواب الشعب ضد رئيس الجمهورية في حال تجاوزه لأحكام الدستور، إلى جانب معاينة الشغور على مستوى رئاسة الجمهورية، والنظر في تمديد الحالات الاستثنائية التي تعلنها الرئاسة.
يشار إلى ان الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي دعا البرلمان إلى الإسراع في تشكيل الهيئات المستقلة المقررة في الدستور وبينها المحكمة الدستورية، ولكن لا توجد حتى الآن جهة دستورية يمكنها إعلان الفراغ في السلطة في حال وفاة الرئيس أو عجزه عن ممارسة مهامه أو انتهاء ولايته قبل انتخاب خلف له.