السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
تطويب الرهبان الكاثوليكيين الـ 19 … الجزائر تخطو أولى الخطوات بعد طي صفحة أسوأ القضايا التي تعكر صفو علاقاتها مع فرنسا
نهال دويب
ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ احتضنت، اليوم السبت، الكنيسة ” الكاثوليكية ” بمحافظة وهران ( 400 كلم غرب الجزائر العاصمة ) ثاني أكبر مدينة بعد الجزائر العاصمة وإحدى أهم مدن المغرب العربي، مراسيم تطويب الرهبان الـ 19 راهبا قتلوا في الجزائر خلال ” العشرية السوداء ” التي عرفتها البلاد في سنوات التسعينات، بينهم رهبان “تبحريين” السبعة وذلك للمرة الأولى في بلد مسلم.
مراسيم التطويب التي أقيمت في باحة مزار سيدة النجاة في ” سانتا كروز “، التي تم تدشينها خلال الساعات الماضية من طرف الوزير المسؤول عن الوصاية الدينية الحكومية في الجزائر محمد عيسى ومسؤول أمانة الفاتيكان الممثل الشخصي للبابا فرانسيس, شهدت حضور حوالي 1200 شخص، بينهم مئات الأجانب القادمين من الخارج ومعظمهم من أقارب المطوبين، وتمت وسط إجراءات أمنية مشددة.
والرهبان والراهبات الذين تم تطويبهم, هم 15 فرنسيا واسبانيتان وبلجيكي ومالطية, ويتوزعون على ثماني رهبانيّات كاثوليكية مختلفة وقد قتلوا بين العامين 1994 و1996 على أيدي إرهابيين كانوا ينتمون إلى ما كان يعرف حينها بالجماعة الإسلامية المسلحة حسبما نقلته تقارير إعلامية محلية.
ووصف البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم السبت، في ختام عظته بساحة القديس بطرس، الأسقف بييترو كلافيري وثمانية عشرة راهب وراهبة الذين قتلوا بـ ” الشهداء “، وقال في ختام عظته بساحة القديس بطرس إنّ ” شهداء زمننا هؤلاء كانوا معلنين أمناء للإنجيل، وبناة سلام متواضعين، وشهودًا بطوليين للمحبة المسيحية “، واستطرد ” أسقف وكهنة ورهبان وراهبات وعلمانيين، إنَّ شهادتهم الشجاعة هي مصدر رجاء للجماعة الكاثوليكية في الجزائر وبذرة حوار للمجتمع بأسره “، واختتم كلمته ” ليكن هذا التطويب للجميع حافزا لكي يبنوا معا عالم أخوة وتضامن.
قضية اغتيال الرهبان الـ 19 المثيرة للجدل تعتبر من أبرز القضايا التي زادت من تعقيد العلاقات بين الجزائر وفرنسا إضافة إلى ملف ” تصفية الذاكرة “، وازدادت حدة التوتر بين البلدين حول هذا الملف عام 2014 بعد وصول القاضي الفرنسي مراك ترفيديك إلى البلاد في إطار التحقيق الذي كان يقوم به منذ سنة 2009، وطالب حينها القاضي بإعادة فتح القضية وتشريح جماجم الرهبان.
ومنحت السلطات الجزائرية تسهيلات بالجملة لإنجاح هذا الحدث حسبما كشف عنه وزير الشؤون الدينية الجزائري محمد عيسى, الذي أكد على أن تطويب 19 راهبا يدحل في سياق ” المصالحة الوطنية ” الذي قدمه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تاريخ وصوله إلى سدة الحكم لإنهاء حرب العشرية السوداء من خلال منح عفو عن معظم أعمال العنف التي ارتكبت خلال تلك الفترة.
وحازت عملية التطويب على موافقة من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، رغم أنها تتم عادة في الفاتيكان.
وأوضح الوزير الجزائري إن الدستور في مادته 47 “يكرس حرية المعتقد”، مضيفا أن الدستور المعدل في ديسمبر2016، كرّس حقا ثانيا للمؤمنين بغير الدين الاسلامي وهو “حرية ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين، واشترط أن يكون ذلك في إطار قوانين الجمهورية “.
وبتطويب الرهبان الـ 19 الذين قتلوا خلال العشرية السوداء, تكون الجزائر قد خطت أول خطوة بعد طي صفحة أسوأ القضايا التي تعكر صفو العلاقات الجزائرية _ الفرنسية والتي تسيئ إلى صورة البلاد.
ويقول في الموضوع المحلل السياسي احسن خلاص, في تصريح لـ ” ” إنه منذ عام تقريبا اقترحت الجزائر على الأمم المتحدة أن يكون 16 مايو / آيار من كل عام سوما للعيش معا في سلام، وهو يعني التعايش بين الأعراق والديانات وغيرها، ويؤكد المتحدث، أن “عملية التطويب جاء كخطوة أولى بعد طي ملف اغتيال الرهبان “.