شرق أوسط
قادة الخليج يدعون في الرياض لحماية وحدة مجلسهم رغم تغيّب أمير قطر
ـ الرياض ـ دعا قادة دول الخليج في افتتاح قمتهم السنوية في الرياض الأحد إلى الحفاظ على وحدة مجلس التعاون، الذي تعصف به أزمة كبرى دفعت بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتغيّب عن أعمال دورته المنعقدة في ظل حرب مستعرة في اليمن وقضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
وقال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ39 للقمة الخليجية “قام مجلس التعاون لدول الخليج العربية من اجل تعزيز الامن والاستقرار والنماء والازدهار والرفاه لمواطني دول المجلس”.
وأضاف “واثق أننا جميعا حريصون على المحافظة على هذا الكيان وتعزيز دوره في المستقبل”.
بدوره، قال أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح “ندعو إلى وقف الحملات الإعلامية التي زرعت بذور الفتنة والشقاق في صفوف أبنائنا ليكون ذلك مقدمة لتهيئة الأجواء لحل الخلاف بيننا”.
كما طالب فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان بأن تتحوّل الدعوات لحماية المجلس “إلى واقع”، مضيفا “ندعو ان يحمي ربنا هذا المجلس وأن يوفّقه بكل خير”.
وقطعت السعودية والامارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/يونيو 2017، متّهمة الدوحة بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة. وتنفي قطر هذه الاتهامات، لكن النزاع مستمر منذ 18 شهرا ولم تظهر مؤشرات إلى قرب تسويته.
ولا يشارك أمير قطر في قمة الدول الست الأعضاء في المجلس التي لا يتوقع أن تصدر عنها قرارات حاسمة، علما أنه تلقى دعوة من العاهل السعودي.
ويترأس وفد قطر إلى القمة وزير الدولة للشؤون الخارجية سلطان المريخي. وكان أمير قطر حضر القمة السابقة التي عقدت العام الماضي في الكويت.
“حرقت سفن العودة”
استقبل العاهل السعودي رؤساء الوفود الذين وصلوا إلى الرياض، وهم نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير الكويت.
أما الوزير القطري فكان في استقباله وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية نزار مدني، بحسب السلطات القطرية. وبثت القنوات السعودية مشاهد وصول الوفود الخليجية بشكل مباشر على الهواء باستثناء الوفد القطري.
ويبدو الانقسام جليا في المجلس بين الدول التي تتّبع سياسة متشددة ضد طهران كالرياض وأبوظبي والمنامة، وتلك التي تقيم علاقات مع طهران مثل مسقط والكويت.
وتسعى الدوحة أيضا إلى تعزيز علاقاتها بشكل أكبر مع طهران في ظل استمرار خلافها مع جاراتها والاجراءات العقابية التي اتّخذتها الدول الاربع بحقها والمتمثلة خصوصا في مقاطعتها اقتصاديا والعمل على محاصرتها تجاريا.
وأعلنت قطر الأسبوع الماضي انسحابها من منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) اعتبارا من كانون الثاني/يناير 2019.
من جانبه، قال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن احمد آل خليفة أن “قطر حرقت جميع سفن العودة، ولم يعد لديها أي سفينة من جهتها يمكن أن تعيدها إلى المجلس”.
والى جانب قطر والامارات والسعودية والبحرين، يضم مجلس التعاون الخليجي الكويت وسلطنة عمان اللتين لا تزالان تقيمان علاقات مع الدوحة.
هدف واحد؟
تأتي القمة الخليجية بينما يواصل وفدا الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمدعومة من السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، محادثاتهم التي بدأت الخميس في ريمبو في السويد برعاية الأمم المتحدة، في محاولة لإيجاد حل لنزاع أوقع أكثر من عشرة آلاف قتيل ودفع 14 مليون شخص الى حافة المجاعة.
وقال الملك سلمان ان السعودية تدعم “جهود الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية”.
وتقود السعودية بمشاركة الإمارات تحالفا عسكريا في البلاد دعما لحكومة الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وكانت قطر عضوا في التحالف قبل أن تنسحب منه.
وأوقع النزاع في اليمن منذ آذار/مارس 2015 أكثر من عشرة آلاف قتيل وتسبّب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
وقد تشكلّ محادثات السلام الجارية أفضل فرصة حتى الآن لإنهاء الحرب المتواصلة منذ 2014، بحسب خبراء، مع تزايد الضغوط على الدول الكبرى للتدخّل لمنع حدوث مجاعة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
وفي الشأن السوري، دعا الملك سلمان الى “حل سياسي يخرج سوريا من أزمتها ويسهم في قيام حكومة انتقالية تضمن وحدة سورية وخروج القوات الأجنبية والتنظيمات الإرهابية منها”.
وكرر اتهام إيران، التي تدعم النظام السوري برئاسة بشار الاسد، وكذلك المتمردين في اليمن، باتباع “سياسة عدائية”، معتبرا ان هذا الامر “يتطلب منا جميعنا الحفاظ على مكتسبات دولنا والعمل مع شركائنا لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم”.
وتأتي القمة بينما تتعرض السعودية وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان لضغوط دولية بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصليتها في اسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وأقرّت الرياض، بعد نفي طويل، بأنّ خاشقجي قتل داخل قنصليتها في اسطنبول. ولكنها سعت إلى إبعاد الشبهات عن الأمير محمد.
وتستمر أعمال القمة في الرياض ليوم واحد فقط. وعشية افتتاح الاجتماع، وضعت أعلام الدول الست، وبينها قطر، في شوارع العاصمة السعودية إلى جانب لافتات ترحيبية بدول مجلس التعاون الذي يرى خبراء ان الازمة مع الدوحة أضعفته بشكل كبير.
وكتب على إحدى اللافتات “خليجنا واحد وهدفنا واحد”. (أ ف ب)