السلايدر الرئيسي
قرى المقاومة الشعبية تقدم بعض الأمل لأجيال فلسطينية فقدت الثقة بكل شيء!
فادي أبو سعدى
* عميرة: هدفنا التوقف عن العمل بمنطق رد الفعل والقيام بخطوات استباقية لمواجهة الاحتلال
– رام الله – قد تكون فكرة المقاومة الشعبية بشكل عام أمر غير مُجد للكثيرين، لكن المقاومة الشعبية في جنوب إفريقيا على سبيل المثال لا الحصر حققت الكثير، وتجربتها انتشرت حول العالم بأسره كتعاليم لمن يطلب التحرر. ورغم أن المقاومة الشعبية في فلسطين انطلقت من أكثر من عقد من الزمان، إلا أنها تحقق الكثير من الأمل على الأرض لأجيال فلسطينية فقدت الثقة في كل شيء.
بدأت الحكاية عندما نجح نشطاء المقاومة الفلسطينية بمباغتة سلطات الاحتلال الإسرائيلي وإقامة قرية فلسطينية من الخيام حملت اسم “باب الشمس” بالقرب من مستوطنة معاليه أدوميم إلى الشرق من مدينة القدس المحتلة رفضاً لقرار ضمها إلى القدس المحتلة كما أعلنت إسرائيل مرارًا.
واعتبرت قرية باب الشمس هي أول قرية فلسطينية تم بناؤها من قبل نشطاء المقاومة الشعبية قبل ما يقرب من
أربع سنوات رفضاً للاستيطان الإسرائيلي وهدمتها قوات الاحتلال في ذلك الوقت واعتقلت العديد من النشطاء.
وانتقلت التجربة بعدها إلى قرية بيت إكسا، آخر القرى الفلسطينية غير المهجرة، والتي تقع على حدود القدس، وأراضي فلسطين المحتلة عام 1948، ومحافظة رام الله في الضفة الغربية، وشُيدت فيها قرية “باب الكرامة”، التي هدمتها هي الأخرى قوات الاحتلال الإسرائيلي، واعتقلت القائمين عليها من أهالي القرية ونشطاء المقاومة الشعبية الفلسطينية.
بعدها بوقت قصير عاد نشطاء المقاومة الشعبية، وأقاموا قرية الشهيد زياد أبو عين، على أراضٍ مهددة بالمصادر قرب بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم، وهاجمتها سلطات الاحتلال وهدمتها بعد الاعتداء على النشطاء والمتضامنين الأجانب.
وانتقلت التجربة إلى منطقة الأغوار الفلسطينية، وتحديدًا في قرية دير حجلة عندما اقام نشطاء المقاومة الشعبية قرية عين حجلة على أراضي الكنيسة التابعة لدير حجلة في الأغوار الفلسطينية. وهدفت الحملة في حينه لمناهضة قرارات الاحتلال بتهويد وضم الاغوار وإحياء لقرية فلسطينية كنعانية الأصل في منطقة الأغوار الفلسطينية بالقرب من ما يسمى شارع 90 الواصل بين البحر الميت وبيسان.
وكانت آخر التجارب الفلسطينية للمقاومة الشعبية بإقامة قرية “الوادي الأحمر”، على بعد عشرات الأمتار عن مستوطنة “كفار أدوميم” المقامة على أراضي الخان الأحمر التي تحاول سلطات الاحتلال ترحيل البدو الفلسطينيين منها.
وتمت عمليات بناء بيوت من الصفيح والأخشاب، المشابهة لبيوت الخان الأحمر المهددة بالهدم. وقام نششطاء المقاومة الشعبية ببناء خمسة منازل جديدة، وأعلنوا على الفور إقامة قرية جديدة هي قرية “الوادي الأحمر”، بهدف ايجاد مساكن جديدة للبدو في إطار خطة للتصدي للتوسع الاستيطاني في المنطقة.
واختلفت طريقة البناء في قرية الوادي الأحمر عن البناء في قرى المقاومة الشعبية التي أقيمت سابقًا، فهذه قرية بنيت من الصفيح والاخشاب وليس من الخيام، كما قال عبد الله أبو رحمة مدير عام دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
وأكد أن الفلسطينيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي، ولذلك بادرت المقاومة الشعبية لبناء قرية الوادي الأحمر وهي القرية المحاذية لقرية الخان الأحمر، ليقطن فيها سكان الخان الأحمر في حال هدمها، وذلك “رفضًا لطردنا من أرضنا ونحن لسنا عنيفين ولسنا إرهابين، بل ندافع عن حقوقنا التي كفلها لنا القانون الدولي”.
وأوضح أبو رحمة أن ما تمكن النشطاء من إدخاله رغم التشديدات الأمنية من قبل الاحتلال هي كمية مواد تكفي لخمسة منازل سنقوم بالمكوث فيها والمبيت فيها من أجل حمايتها من الهدم. وأعلن أن القرية هي مبادرة لمواجهة الاحتلال ليس فقط بالانتظار حتى يحضر الاحتلال ويهدم القرية، بل بالقيام بمبادرة لبناء هذه المنازل من الصفيح والخشب وهي منازل جيدة يمكن أن تسكن فيها خمس عائلات بدوية.
من جهته قال منذر عميرة رئيس اللجنة التنسيقية للمقاومه الشعبية في الضفة الغربية في حديث مع صحيفة “” أن فكرة بناء القرى الفلسطينية وتحديدًا بداياتها في “باب الشمس” كانت تحول نوعي في المقاومة الشعبية، وليس تظاهرة واحدة فقط كل يوم جمعة. وأكد أن الأهم هي المبادرة الفلسطينية عبر خطوات استباقية ضد الاحتلال، والابتعاد عن كوننا دائمًا رد فعل بعد خطوات الاحتلال.
ونوه كيف استطاعت المقاومة الشعبية نجحت في عين حجلة في منطقة الأغوار في وقت كانت إسرائيل تعتقد أن هذه المنطقة الاستراتيجية بعيدة عن حسابات الفلسطينيين ولن يستطيع أحد الوصول إليها، لكن المقاومة الشعبية وصلت وأعادت بناء قرية مهجرة منذ العام 1967.
أما قرية الوادي الأحمر، خاصة بعد استنفاد البعد القانون بقرار المحكمة الإسرائيلية العليا، فأكد عميرة أن المقاومة الشعبية ذهبت بمنطق جديد. “ببناء هذا الحي الجديد في نفس الحيز الجغرافي للخان الأحمر المنوي ترحيل سكانه، كيف ستتصرف إسرائيل؟ وما هو البعد القانوني لهذا الحي؟”. واعتبر أنها رسالة واضحة أن الفلسطينيين سيواصلون البناء حتى قبل الشروع بعملية الهدم وترحيل السكان. والأهم بالنسبة لعميرة هو إثارة قضية ومحاولة التأثير على الرأي العام الدولي وخلق ضغط دولي على إسرائيل، وكذلك رسالة إلى سكان المناطق المهددة أنهم ليسوا وحدهم فيما يحصل.
فكرة المقاومة الشعبية الفلسطينية ليس بالجديدة، بل يذكر التاريج جيدًا انطلاق هذه المقاومة في العام 1917، زمن الانتداب البريطاني لفلسطين، عبر اجتماع نسوي انطلق من القدس، واتسعت الفكرة رويداً رويداً حتى أصبحت نهجاً للمقاومة الفلسطينية، ضد البريطانين وحتى الحركة الصهيونية آنذاك.
بعد ذلك وتحديداً في العام 1936، جاء الإضراب الشهير الذي نفذ في فلسطين، وهو ما جعل المقاومة الشعبية الفلسطينية “غير المسلحة”، هي الصفة الأبرز للنضال الفلسطيني، واستمرت حتى انطلاق حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، وبقية فصائل منظمة التحرير، وانطلاق المقاومة الفلسطينية المسلحة بعد ذلك.