أوروبا
الفرنسيون ينتظرون رد السلطات في أزمة “السترات الصفراء”
ـ باريس ـ تتجه الأنظار الأحد في فرنسا إلى الرئيس إيمانويل ماكرون بانتظار الرد على الأزمة غداة يوم رابع من تعبئة “السترات الصفراء” التي ما زالت قوية وأفضت إلى أعمال عنف وعدد قياسي من المعتقلين.
وبعد أسبوع من مشاهد العصيان في باريس، وعلى الرغم من تحذيرات السلطات، لم يتخل المتظاهرون في هذه الحركة الشعبية غير المسبوقة، عن التجمع في العاصمة الفرنسية ومدن أخرى شهدت هي أيضا حالات فلتان.
وعلى المستوى الوطني، أعلنت وزارة الداخلية الفرنسي أن 136 ألف شخص شاركوا في تحركات السبت من تظاهرات ونصب حواجز واعتصامات. وفي باريس كان عددهم أكبر من الأول من كانون الأول/ديسمبر إذ بلغ عشرة آلاف (مقابل ثمانية آلاف في الأسبوع الماضي).
ولتجنب مشاهد أقرب إلى حرب شوارع، قامت السلطات بتوقيف عدد قياسي من الأشخاص في انحاء فرنسا ناهز الفين معظمهم في باريس، وفق وزارة الداخلية.
واثار هذا العدد الاحد انتقادات محامين في فرنسا.
وقال آرييه عليمي المحامي في باريس وعضو رابطة حقوق الانسان عبر فرانس أنفو “تم اعتقال اشخاص أرادوا فقط التظاهر، حين يعتقل اشخاص لم يفعلوا شيئا، لمجرد الاعتقاد ان لديهم نيات خطيرة، فهذا يعني تغييرا في النظام”.
وتكررت السبت مشاهد أعمال العنف من إطلاق الغازات المسيلة للدموع في محيط جادة الشانزيليزيه وتكسير واجهات وإحراق سيارات في باريس، وكذلك صدامات في مدن كبيرة مثل بوردو وتولوز ومرسيليا ونانت، وإغلاق شوارع وحواجز على طرق.
لكنها لم تصل إلى حجم مشاهد حرب الشوارع التي سجلت قبل أسبوع وأذهلت العالم عند قوس النصر أحد المواقع الرمزية لفرنسا، وفي عدد من الأحياء الراقية في العاصمة.
“كارثة على الاقتصاد”
وصرح وزير الاقتصاد برونو لومير للصحافيين الاحد خلال تفقده متاجر قرب محطة سان لازار في باريس “انها كارثة على الاقتصاد، انها كارثة على اقتصادنا”.
وتحدث الوزير عن أزمة بوجوه ثلاثة، “أزمة اجتماعية” ترتبط بالقدرة الشرائية و”أزمة ديموقراطية” مع تمثيل سياسي غير كاف و”أزمة أمة” في مواجهة “انقسامات كبيرة”.
على الصعيد التجاري، تحدثت وزارة الاقتصاد عن تراجع عام للنشاط يناهز 15 في المئة بالنسبة الى المتاجر الكبرى وأربعين في المئة للمحال الصغيرة.
والاحد، قال جاك كريسيل المندوب العام للاتحاد النقابي للتجارة والتوزيع ان خسارة التجار “ستتجاوز مليار يورو”.
وبالنسبة الى السياحة، تراجعت حجوزات نهاية العام في الفنادق بنسبة لا تقل عن عشرة في المئة، بحسب التجمع الوطني لشبكات الفنادق.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الاحد ان “رئيس الجمهورية سيتحدث ، بداية الاسبوع واعتقد ان موقفه سيكون قويا بما فيه الكفاية لاحتواء التحرك او على الاقل ردع” مثيري الشغب.
واضاف “اعلم، وهذا نلاحظه في بعض الدول، الى اي مدى تبدو الديموقراطية هشة، يمكن ان تكون عندنا على هذا النحو وادعو تاليا الى الحوار”.
رد على ترامب
الى ذلك، دعا لودريان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى عدم التدخل في الشؤون السياسية الداخلية لفرنسا بعد تعليقاته الناقدة على تحرك “السترات الصفراء”.
وقال في برنامج تلفزيوني “اقول لدونالد ترامب، ورئيس الجمهورية (ايمانويل ماكرون) قال له ايضا: نحن لسنا طرفا في النقاشات الاميركية، اتركونا نعيش حياتنا حياة امة”.
والسبت، هاجم ترامب مجدّداً اتّفاق باريس حول المناخ، معتبراً أن تظاهرات “السترات الصفراء” في فرنسا تثبت فشل هذا الاتّفاق.
وينتمي معظم ناشطي “السترات الصفراء” الى الطبقات الشعبية والوسطى ويرفضون السياسة الضريبية والاجتماعية لايمانويل ماكرون. وأصيبت فئات اخرى مثل الطلاب والعمال والمزارعين بعدوى تحركهم في الاسابيع الاخيرة.
ولم تتمكن الحكومة الفرنسية تحت ضغط هذه الحركة، حتى الان من تقليص هذه الهوة الاجتماعية.
وفي هذا السياق، لم يتح تراجع الحكومة عن رفع اسعار الوقود، وهو اول مطلب ل”السترات الصفراء”، احتواء النقمة على النخب السياسية والاحزاب التقليدية.
وتتركز الانظار على ايمانويل ماكرون الذي لا يزال يسعى الى مخرج سياسي يحفظ ماء وجهه.
وصباح الاثنين، سيتم في الاليزيه استقبال خمس نقابات تمثيلية في فرنسا وثلاث منظمات لاصحاب العمل اضافة الى رؤساء جمعيات اعضاء مجلسي النواب والشيوخ.
وكان رئيس الوزراء إدوار فيليب صرح مساء السبت “حان وقت الحوار ويجب إعادة تشكيل الوحدة الوطنية”.