خالد القشطيني
اللغة من أهم أسرار الإمبراطورية البريطانية. فمن الحقائق التي تركت أثرها العميق على تاريخها كانت حقيقة لغوية لا أكثر. والحقيقة اللغوية التي أشير إليها هي عدم مقدرة الإنجليز على تعلم أي لغة أجنبية. لقد التقيت بكثير من الإنجليز المستعربين الذين أشادوا بقدرتهم على تكلم اللغة العربية. ولكنني لم أجد أي أحد منهم يتقن الكلام بها. حتى الجنرال غلوب لم يتكلم العربية من دون رطنة. أستثني واحداً منهم التقيته ولم أشعر بغربته، وكان ليزلي مكلوخلن. وقد يعود ذلك إلى أنه كان إسكوتلندياً وليس إنجليزياً.
وكان لذلك أثر مهم على تاريخهم، وهو أنهم حيثما ذهبوا فرضوا على الآخرين التكلم بلغتهم الإنجليزية، حتى أصبحت هذه اللغة اللغة المشتركة الوحيدة للهند… لم يكن لذلك أي سبب سوى عجز الإنجليز عن تعلم لغة الآخرين، في حين أن بقية الأوروبيين استطاعوا تعلم لغة الآخرين فضاعوا بين المواطنين الأصليين. هكذا أصبحت أميركا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا مناطق أنغلو سكسونية. وكان هذا من أسباب اتساع الإمبراطورية البريطانية، التي غطت نحو خمس الكرة الأرضية وأصبحت الدولة الوحيدة في العالم التي لا تغيب الشمس عن أراضيها.
يشعر الإنجليز بحرج وخجل وارتباك كلما اقتضى عليهم الكلام بغير لغتهم. يروي السير إدوارد غراي طرفة من طرائف ذلك في يومياته عندما كان وزير خارجية بريطانيا في الحرب العظمى. ذهب هو ولويد جورج وأسكويث ليهنئوا الوزارة الفرنسية الجديدة. قال: «حضرنا أحد اجتماعاتها، وكنا نكن احتراماً واهتماماً عظيماً بأصحاب تلك الأسماء التي خلدت في أذهاننا منذ أيام شبابنا، أسماء تلك الشخصيات الشهيرة في سياسة فرنسا. كان اجتماعاً حافلاً جداً وجرت الرسميات بمودة كبيرة وتقدير بليغ، ولو من دون إسهاب. بيد أنه كانت هناك بعض المناقشات التي جرت بالطبع باللغة الفرنسية. وتُرك هذا الجانب إليّ. أو بالأحرى فُرض عليّ. لم يظهر أسكويث أي استعداد لذلك، ولم يكن لويد جورج قادراً عليه. هكذا قُضي عليَّ أن أتكلم أنا بالفرنسية. كنت أدرك أن معرفتي بمفرداتها محدودة جداً. وإلمامي بالقواعد غير كافٍ، وقدرتي على تمييز المذكر والمؤنث شيء تركته للأقدار. فضلاً عن ذلك، لقد قِيل إن رطانتي بالفرنسية كانت مزعجة للغاية ومقززة للسامع…
ولكنني وجدت نفسي في هذا الوضع من دون خيار وظهري للحائط. ومع ذلك فقد شعرت بأن الكلام في شيء ذي صدد وجدوى سيوحي لي بالانطلاق دائماً وسيكون مقبولاً، فانطلقت…
وعندما انتهى الاجتماع الوزاري، انصرفنا نحن الوزراء الثلاثة الذين كونوا الوفد البريطاني. وكنا لوحدنا آمنين على أنفسنا في الخارج. كلمني لويد جورج فقال لي: هل تعرف، إدوارد، أن كلامك باللغة الفرنسية كان الكلام الفرنسي الوحيد الذي استطعت أن أفهمه في الاجتماع»!
وكان لذلك أثر مهم على تاريخهم، وهو أنهم حيثما ذهبوا فرضوا على الآخرين التكلم بلغتهم الإنجليزية، حتى أصبحت هذه اللغة اللغة المشتركة الوحيدة للهند… لم يكن لذلك أي سبب سوى عجز الإنجليز عن تعلم لغة الآخرين، في حين أن بقية الأوروبيين استطاعوا تعلم لغة الآخرين فضاعوا بين المواطنين الأصليين. هكذا أصبحت أميركا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا مناطق أنغلو سكسونية. وكان هذا من أسباب اتساع الإمبراطورية البريطانية، التي غطت نحو خمس الكرة الأرضية وأصبحت الدولة الوحيدة في العالم التي لا تغيب الشمس عن أراضيها.
يشعر الإنجليز بحرج وخجل وارتباك كلما اقتضى عليهم الكلام بغير لغتهم. يروي السير إدوارد غراي طرفة من طرائف ذلك في يومياته عندما كان وزير خارجية بريطانيا في الحرب العظمى. ذهب هو ولويد جورج وأسكويث ليهنئوا الوزارة الفرنسية الجديدة. قال: «حضرنا أحد اجتماعاتها، وكنا نكن احتراماً واهتماماً عظيماً بأصحاب تلك الأسماء التي خلدت في أذهاننا منذ أيام شبابنا، أسماء تلك الشخصيات الشهيرة في سياسة فرنسا. كان اجتماعاً حافلاً جداً وجرت الرسميات بمودة كبيرة وتقدير بليغ، ولو من دون إسهاب. بيد أنه كانت هناك بعض المناقشات التي جرت بالطبع باللغة الفرنسية. وتُرك هذا الجانب إليّ. أو بالأحرى فُرض عليّ. لم يظهر أسكويث أي استعداد لذلك، ولم يكن لويد جورج قادراً عليه. هكذا قُضي عليَّ أن أتكلم أنا بالفرنسية. كنت أدرك أن معرفتي بمفرداتها محدودة جداً. وإلمامي بالقواعد غير كافٍ، وقدرتي على تمييز المذكر والمؤنث شيء تركته للأقدار. فضلاً عن ذلك، لقد قِيل إن رطانتي بالفرنسية كانت مزعجة للغاية ومقززة للسامع…
ولكنني وجدت نفسي في هذا الوضع من دون خيار وظهري للحائط. ومع ذلك فقد شعرت بأن الكلام في شيء ذي صدد وجدوى سيوحي لي بالانطلاق دائماً وسيكون مقبولاً، فانطلقت…
وعندما انتهى الاجتماع الوزاري، انصرفنا نحن الوزراء الثلاثة الذين كونوا الوفد البريطاني. وكنا لوحدنا آمنين على أنفسنا في الخارج. كلمني لويد جورج فقال لي: هل تعرف، إدوارد، أن كلامك باللغة الفرنسية كان الكلام الفرنسي الوحيد الذي استطعت أن أفهمه في الاجتماع»!
الشرق الأوسط