ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ انتقد خبراء ومختصون جزائريون في الاقتصاد بشدة الأرقام التي كشفت عنها بيانات رسمية للبنك المركزي صدرت بالعدد الأخير للجريدة الرسمية حول الوضع المالي في البلاد حتى نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي, وأظهرت هذه البيانات أن الجزائر طبعت أكثر من أربعة آلاف مليارات دينار جزائري أي ما يعادل ( 36 مليار دولار ) بعد عام على إقرار ” التمويل غير التقليدي ” وهي إصدارات نقدية لسد عجز الخزينة العامة وتسديد الدين الداخلي.
ذكرت الجريدة الرسمية أن عمليات الإصدار حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي تعتبر الأولى من نوعها منذ نهاية مايو/أيار الماضي، عندما تم طبع 3500 مليار دينار (32 مليار دولار).
وقال رئيس الحكومة الجزائرية – في تصريح سابق – إن التمويل غير التقليدي يهدف إلى سد عجز الخزينة العامة، وتسديد الدين الداخلي.
ووصف خبراء الرقم الذي أفصح عنه البنك المركزي, بـ ” المرعب ” و ” المخيف ” بالنظر إلى الأرقام التي كشف عنها كل من رئيس الحكومة أحمد أويحي ووزير المالية عبد الرحمان راوية بعد مصادقة البرلمان على ” التمويل غير التقليدي مطلع أكتوبر / تشرين الأول 2017.
ويقول في الموضوع, الخبير الاقتصادي سليمان ناصر, في تصريح لـ ” ” إن الرقم الذي كشف عنه البنك المركزي يتناقض بشكل كبير مع ما كشف عنه أعضاء في الحكومة الجزائرية, ومباشرة بعد مصادقة البرلمان الجزائري على التمويل غير التقليدي في أكتوبر / تشرين الأول 2017 صرح أنه سيتم طبع 570 مليار دينار خلال الفترة المتبقية من السنة ذاتها وسيطبع البنك 1812 مليار دينار خلال 2018, بمعنى طبع 2382 مليار دينار من أكتوبر / تشرين الأول 2017 إلى غاية 31 ديسمبر / كانون الأول 2018, والأمر الذي حدث هو أن بنك الجزائر قام بطبع مبلغ يقدر بـ 4005 مليار دينار جزائري إلى غاية 30 سبتمبر / أيلول الماضي أي قبل نهاية السنة بثلاثة أشهر.
ويضيف الخبير الاقتصادي سليمان ناصر يتجاوز بحوالي 70 بالمائة من المبلغ المصرح به من طرف وزير المالية الجزائرية ونحن لم ننه بعد عام 2018.
ويرى سليمان ناصر أن النقود التي تم طبعها خلال الفترة المذكورة تعادل نصف ميزانية الدولة الجزائرية لسنة 2018, وأكد إنه سبق وأن تم تحذير البرلمان من خطورة التعديل, فنواب الشعب قدموا صكا على بياض للحكومة الجزائرية لطبع نقود بدون سقف كما أن المدة المسموح بها طويلة جدا وتمتد إلى خمس سنوات.
وتابع المتحدث قائلا, إن الحكومة كشف تاريخ إعلانها عن الشروع في طبع النقود في إطار التمويل غير التقليدي إنها ستوجه لتمويل العجز في الميزانية داخليا وتسديد الديون العمومية وتمويل الاستثمارات لكن الملاحظ اليوم أن هذه النقود توجه إلى النفقات العادية كتغطية الأجور مثلا وهناك تكمن الخطورة كما يقول _ الأستاذ سليمان ناصر _فالقرار كان له انعكاسات سلبية جدا كارتفاع معدل التضخم وتدهور القدرة الشرائية وانهيار قيمة الدينار الجزائري.
ومن جهته يقول النائب عن حركة مجتمع السلم الجزائرية ( أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد ), ناصر حمدادوش, في تصريح لـ ” ” إن ما تم طبعه من النقود في إطار التمويل غير التقليدي يتجاوز 40 مليار دولار وهو رقم مرعب ومخيف اقتصاديا, لأنه لا يوجد ما يقابله من الإنتاج أو الاحتياطي, وهو ما تسبب – مباشرة – في انهيار قيمة الدينار بأكثر من: 30%، وبالتالي ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم، والنتيجة الحتمية هي: انهيار القدرة الشرائية للمواطن.
ويؤكد المتحدث, أنه وفي المقابل يتم الانقلاب على التوجه نحو “الصيرفة الإسلامية”، مشيرا إلى أنهم أكدوا حينها على عدم توفر الإرادة السياسية العليا في ذلك، بسبب رفض التعديلات على قانون النقد والقرض نفسه، والتعديلات على قانون المالية لعام 2018.
ومع إصرار الحكومة الجزائرية على التمسك بالتمويل غير التقليدي, يحذر خبراء من ارتفاع مؤشرات التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين وتوسّع رقعة الفقر لتضع عشر الجزائريين تحت عتبة الفقر.
وكان الدينار الجزائري أول المتأثرين من برنامج الحكومة الجديد حيث شهد تراجعا قياسيا خلال الأيام الأخيرة أمام سلة العملات المتداولة في السوق السوداء.