أوروبا
حركة “السترات الصفراء” لم تخفت رغم تنازلات ماكرون
ـ باريس ـ يبدو أن حركة “السترات الصفراء” لم تخفت الثلاثاء غداة إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تدابير لتهدئة غضب الفرنسيين الذين يحشدون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع لمزيد من العدالة الاجتماعية.
وفي الأسبوع الرابع لتحرك “السترات الصفراء” استمر المحتجون ولو بأعداد قليلة، في قطع الطرق والتظاهر في أنحاء فرنسا.
وأكد مصدر في الشرطة لوكالة فرانس برس أن نحو 1,900 متظاهر نزلوا إلى الشوارع فيما جرت 40 عملية قطع لطرق صباح الثلاثاء.
ودافع رئيس الوزراء إدوار فيليب الثلاثاء أمام النواب عن التدابير التي أعلنها ماكرون مساء الإثنين والتي وصفها ب”الهائلة” قائلاً “نريد أن نمضي بسرعة، نريد أن نمضي بقوة”.
وتشمل التدابير الاجتماعية الجديدة زيادة شهرية تبلغ مئة يورو للموظفين الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور إلى إلغاء الضرائب المفروضة على الرواتب القليلة للمتقاعدين (أقل من ألفي يورو).
لكن لا يبدو أن التنازلات الجديدة ستنجح في تهدئة غضب المتظاهرين.
وقال متحدث باسم “السترات الصفراء” في إقليم البيرينيه الشرقية (جنوب غرب) توماس ميراليس لوكالة فرانس برس “على الفور، قلت لنفسي إن ماكرون أصغى إلينا قليلاً” مضيفاً “لكن عندما ننظر إلى التفاصيل، في الواقع (لم يفعل ذلك) على الإطلاق”.
وأوضح أن التدابير التي أعلن عنها ماكرون “لا تعني الجميع”. وتابع ميراليس الذي يعتزم التظاهر السبت في باريس “للمرة الأولى” تعبيراً عن استيائه، “هنا، نشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء ما أعلنه الرئيس، التعبئة مستمرة”.
وبعد الخطاب الرئاسي مساء الاثنين، عبّر كثيرون من “السترات الصفراء” عن استيائهم.
قال تييري (55 عاما) ميكانيكي الدراجات وهو في طريقه “لإغلاق” الطريق المدفوع في بولو على الحدود الفرنسية الاسبانية، “كل هذا سينما”.
وتلقى آخرون ما أعلنه ماكرون بإيجابية أكثر. وأشار كلود رامبور (42 عاما) أحد محتجي “السترات الصفراء” في شمال فرنسا إلى أن “هناك أفكار جيدة، اعتراف بالذنب، وصل متأخرا جدا لكننا لن نرفضه”.
ودعت ناطقة باسم “السترات الصفراء” جاكلين مورو المعروفة باعتدالها، إلى “هدنة” معبرة عن ترحيبها “بتطور وباب فتحته” السلطات.
لكن على نطاق أكثر شمولاً، اختلفت آراء الفرنسيين بشأن مواصلة التحرّك بعد إعلانات الرئيس.
وبحسب دراسة أجراها معهد “اودوكسا” لاستطلاعات الرأي، أعربت غالبية محدودة من الفرنسيين (54%) عن رغبتها مساء الاثنين في استمرار تحركات “السترات الصفراء” مقابل 66% منذ ثلاثة أسابيع.
حرص الاتحاد الأوروبي
وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية بنجامين غريفو الثلاثاء إن مجمل الإجراءات التي أعلنها ماكرون يفترض أن تكلف فرنسا “بين ثمانية وعشرة مليارات يورو”.
وأكد رئيس الجمعية الوطنية ريشار فيران العضو في الحزب الرئاسي أن العجز العام سيتخطى بذلك عتبة الـ3 بالمئة التي حددتها المفوضية الأوروبية “لكن بشكل مؤقت بالتأكيد”.
وحّذر مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي بيار موسكوفيسي لوكالة فرانس برس أن تأثير إعلانات الرئيس على العجز الفرنسي ستتابعه المفوضية الأوروبية “بانتباه”.
من جهتها، رأت الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) أن ماكرون “لم يفهم شيئا من الغضب الذي يتم التعبير عنه”. وعبر لوران بيرجيه أحد قادة النقابة المعتدلة الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل (سي اف دي تي) “لدينا ردود على الأمد القصير، ليست لدينا ردود على المديين المتوسط والطويل”.
في صفوف السياسيين، دعا رئيس اللجنة المالية في الجمعية الوطنية ايريك فورت (يمين) “السترات الصفراء” إلى “الانسحاب من المستديرات”.
وصرّح رئيس كتلة نواب حزب اليمين كريستيان جاكوب “لم يسبق أن وُضعت أي حكومة موضع تساؤل بشكل مباشر إلى هذا الحدّ”.
وأعلن نواب من اليسار الثلاثاء إطلاق آلية في الجمعية الوطنية لإسقاط الحكومة. إلا أن مذكرة حجب الثقة هذه ليس لديها أي فرصة بالنجاح.
من جهته، قدم جان لوك ميلانشون زعيم اليسار الراديكالي دعمه “لفصل خامس” من الاحتجاج، أي خامس سبت على التوالي يشهد تحركات على المستوى الوطني منذ انطلاق الحركة في 17 تشرين الثاني/نوفمبر رغم أعمال العنف التي تخللت التظاهرات في الأسبوعين الأخيرين.
ما ماكرون فسيستقبل بعد الظهر ممثلين عن القطاع المصرفي ومساء 370 نائباً وسيناتوراً من الأكثرية للتحدث عن خطواته.
والأربعاء، سيلتقي ماكرون مسؤولي الشركات الكبيرة ليطلب منهم “المشاركة في الجهد الجماعي”.
وصرّحت ثلاث مجموعات فرنسية الثلاثاء أنها ستمنح “مكافآت استثنائية” لموظفيها، كما طلب ماكرون.
على خط مواز، يواصل طلاب المدارس الثانوية حركتهم الاحتجاجية بمطالب مختلفة لكنها ولدت في أوج حركة “السترات الصفراء”. وتشهد 170 مدرسة ثانوية من أصل أكثر من ألفين الثلاثاء اضطرابات في العمل مقابل 450 مدرسة في اليوم السابق. (أ ف ب)