السلايدر الرئيسيشرق أوسط
نحو مليوني تونسي يعانون الأمية… أرقام صادمة كشفتها الجهات الحكومية وخطط لمكافحة الظاهرة
ـ تونس ـ سجلت نسبة الأمية في تونس ارتفاعا يعد الأول منذ الاستقلال في العام 1956. وأرجع وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي تزايد أعداد الأميين إلى العديد من الأسباب من أهمها تنامي ظاهرة الانقطاع المبكر على التعليم وضعف الميزانية المخصصة لمحو الأمية وتعليم الكبار. وأكد الوزير بأن الأمية قضية وطنية وجب تضافر الجهود للحد من تداعياتها على المجتمع.
نحو مليوني تونسي يعانون من الأمية بحسب وزير الشؤون الاجتماعية الذي أكد أن نسبة الأمية ارتفعت من 18.2 بالمئة في العام 2010 إلى 19.1 بالمائة حاليا من مجموع السكان الذي يناهز 12 مليونا. وكشفت الإحصائيات الرسمية أن نسبة الأمية تصل إلى 41 بالمئة في صفوف النساء بالوسط الريفي وإلى 53 بالمئة بالنسبة للقوة العاملة في مجال الزراعة والصيد البحري.
الأمر الذي “يجعل من الأمية قضية وطنية وجب تضافر الجهود لمعالجتها والتقليص من حدتها على المجتمع” بحسب تصريح محمد الطرابلسي خلال ندوة وطنية عقدت الأربعاء بمحافظة أريانة في العاصمة تحت عنوان “دور الاتصال والتواصل في تعبئة الرأي العام للتقليص من ظاهرة الأمية”.
وخلال أعمال الندوة أعلن وزير الشؤون الاجتماعية على أن الحكومة التونسية بصدد إعداد إستراتيجية وطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار بالتعاون مع المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بالرباط بغرض تطوير المناهج التعليمية المعتمدة في محو الأمية من خلال تشريك عدد من الفاعلين من القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات لدعم تعليم الكبار وهيكلة الإدارة الحالية بما يمكن من إحداث مركز وطني لمحو الأمية وتعليم الكبار يتمتع بالإستقلالية الإدارية والمالية.
وتم توقيع اتفاقيتين إطاريتين بين وزارة الشؤون الاجتماعية من جهة ووزارتي التكوين المهني والتشغيل والفلاحة (الزراعة) والموارد المائية والصيد البحري من جهة ثانية لدعم برنامج محو الأمية وتعليم الكبار. وتناولت مداخلات الندوة العديد من المحاور الهامة ذات الصلة بالأمية ومن بينها موضوع توظيف وسائل الاتصال الاجتماعي في محو الأمية وتعليم الكبار. ومسألة دور الإعلام الحكومي في تحسيس الرأي العام بخطورة ظاهرة الأمية.
من جانبه اعتبر وزير الزراعة والموارد المائية والصيد البحري سمير الطيب “أن ارتفاع نسبة الأمية بالقطاع الزراعي والوسط الريفي يمثل هاجسا لدى الدولة التي تعمل بالتنسيق مع الوزارات المعنية والهياكل العمومية للحد منها”. ولفت الوزير إلى الوضعية الهشة للمرأة الريفية بتونس والتي يعتبر عدم تمتعها بالتعليم والتكوين في مختلف اختصاصات العمل التي تتصل بالمجال الزراعي أهم أسبابها والتي بدورها أثرت على تردي أوضاعها المعيشية ومكانتها الاقتصادية والاجتماعية.
وبلغ عدد المنقطعين سنويا عن الدراسة بين 100 و120 ألف منقطع، وهو ما يستدعي مزيدا من الاهتمام بهذه الفئة وتوجيههم نحو اختصاصات التكوين المهني الواعدة لوقايتهم من خطر الارتداد إلى الأمية وهو ما دعا إليه وزير التكوين المهني والتشغيل فوزي بن عبد الرحمان الذي أضاف أنه “وجب النظر لقضية الأمية في تونس من منظور شامل يراعى فيه تمكين المتكونين في مجال التكوين المهني من تعلم اللغات لتيسير إدماجهم في سوق العمل”.
وأردف بن عبد الرحمان أن “محاربة الأمية في تونس مسؤولية الجميع ولابد من التعاون بين مختلف الهياكل العمومية والخاصة وأيضا الدولية والإقليمية للقضاء عليها كظاهرة اكتسحت تونس والوطن العربي بوجود أكثر من 100 مليون عربي يعانون الأمية بمختلف درجاتها وهو ما يؤثر سلبا على المجتمعات ويعيق تطورها ونماءها”.
وسعت الجمهورية التونسية منذ قيامها غداة الاستقلال إلى القضاء على الجهل والأمية وركزت في بناء الدولة والمجتمع على التعليم الذي اعتبرته الحكومة أهم ركائز النهوض بالمجتمع والفرد وتحقيق النمو للدولة. وتم اعتماد استراتيجيات عديدة في مجال التعليم من بينها جعله إجباريا بمقتضى القانون للأطفال من الجنسين في عمر الست سنوات حيث يلزم آباؤهم بتسجيلهم في المدارس بالمرحلة الابتدائية.
وخلال السنوات القليلة التي سبقت الثورة التونسية تم اعتماد إستراتيجية لمحو الأمية وتعليم الكبار بشكل مجاني في المدارس الحكومية وغيرها وتبعا لتطبيق هذه الإستراتيجية انخفضت نسب الأمية لدى جل فئات المجتمع خصوصا بالنسبة لكبار السن وسكان الأرياف من النساء اللاتي يسجلن أعلى نسبة أمية في المجتمع التونسي غير أن الارتفاع المسجل حاليا في نسب الأمية أعاد قضية الأمية إلى الطرح مجددا حيث شكل صدمة لدى الجهات الرسمية ولدى الرأي العام.