السلايدر الرئيسيتحقيقات

لقمة العيش المغمسة بالدماء… طريق العمال الفلسطينيين إلى أماكن عملهم في إسرائيل

فادي أبو سعدى

سعد: لا بدائل فلسطينية للعمال فلم نتحرر من التبعية الاقتصادية الإسرائيلية

جنود الاحتلال على الحواجز يمارسون كافة أنواع الاذلال للعمال الفلسطينيين

ـ رام الله ـ يعاني العمال الفلسطينيين في صباح كل يوم جديد، عمليات اذلال ممنهجة، خلال عبورهم حواجز ومعابر الاحتلال الإسرائيلي على مداخل القدس المحتلة، أو معابر الجيش على حدود فلسطين المحتلة في العام 1948، أو على مداخل المستوطنات اليهودية، للوصول إلى أماكن عملهم في إسرائيل، في محاولة للحصول على قوتهم اليومي.

وقبل كل ذلك، هناك اجراءات لا بد من القيام بها كي يستطيع الفلسطيني الدخول إلى إسرائيل والعمل فيها، أولها الحصول على بطاقة ممغنطة تمنحها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وهي بمثابة “الملف النظيف” لكل شخص، وهي كذلك مقدمة للحصول على تصريح للعمل والدخول إلى إسرائيل. ثم يأتيك ملف التسجيل في مكتب العمل الإسرائيلي.

بعد هذه الاجراءات تبدأ رحلة الذل اليومي، التي يستمتع جنود الاحتلال خاصة ممن لا تتجاوز أعمارهم الثامنة عشر عامًا، ممن يدخلون التجنيد الإجباري في جيش الاحتلال ويتم توزيعهم على الحواجز والمعابر العسكرية الإسرائيلي، بأسلحة ثقيلة، تمنحهم شعور العظمة، وتعطيهم الحافز لإذلال الفلسطينيين.

وحسب شاهر سعد الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين، فإن عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل يصل إلى مئة وسبعين ألف عامل، موزعين على ثلاث فئات، الأولى هي 70 ألف عامل قانوني، و60 ألف آخرين ممن يحملون تصاريح عمل في المستوطنات أو الجدار أو البحث عن عمل، والفئة الثالثة هي 50 ألف عامل ممن يبيتون في أماكن عملهم لأنهم لا يملكون التصاريح اللازمة للتنقل.

وأكد في حديث مع صحيفة “” أن أكثر ما تواجهه هذه الفئة من الفلسطينيين وهي ليست بالصغيرة، هي عمليات النصب والاحتيال من أرباب العمل الإسرائيليين خاصة في الأموال ومستحقاتهم عن عمليات البناء. والقضية الأخرى هي السماسرة الذين يبيعون التصاريح للعمال من المافيا والعصابات الإسرائيلية والفلسطينية على حد سواء.

الفئة الأولى من العمال والتي تعمل بشكل قانوني، ويصل عددهم إلى سبعين ألف عامل، تحسم من رواتبهم إسرائيل قيمة التأمين، وتحول هذه المبالغ إلى وزارة الصحة الفلسطينية لمتابعة أمورهم الصحية. لكن النسبة الأكبر التي تزيد عن مئة ألف فتقوم الجهات الفلسطينية المختلفة بتأمينهم عبر التأمين الفلسطيني الأولي، لكن كل ما قد يتعرضون له من حوادث وإصابات عمل داخل إسرائيل يكون على نفقتهم الخاصة، بينما هم في الأساس عمال مياومة لا يستطيعون تحمل نفقات كبيرة في حال وقوع حوادث.

المعضلة الأكبر التي تواجه العمال واتحادهم على حد سواء، أن لا بدائل فلسطينية لهم بدل العمل داخل إسرائيل والتعرض لكل أشكال النصب والاحتيال والاذلال في سبيل لقمة العيش. خاصة وأن إسرائيل لا زالت تسيطر على كل شيء. وحسب سعد “لم نتحرر بعد من التبعية الاقتصادية الإسرائيلية، فدولة الاحتلال تسيطر على كل شيء، ولا تريد ولن توافق على فتح مشاريع حيوية للعمال الفلسطينيين.

وتعتبر المعابر والحواجز العسكرية الاسرائيلية من ابشع اشكال الابرتهايد الاسرائيلي وتشكل عبئا كبييرا على كاهل الشعب الفلسطينية عامة وعلى العمال الفلسطينيين الذين يتوجهون لعملهم داخل الخط الاخضر بشكل خاص. وتبلغ تعداد هذه الحواجز احدى عشر معبرا ممتدة من شمال فلسطين في حاجز الجلمة في جنين ومرورا بحواجز ومعابر الطيبة وقلقيلية ونعلين وحزما والجيب والخان الاحمر ووصولا الى حاجز ترقوميا المرعب.

اغلبية العمال الفلسطينيين الذين يتوجهون بشكل يومي الى عملهم يستيقظون عند الساعة الثانية فجرا من صبيحة كل يوم ليستطيع ان يجهز نفسه، وقد لا يتناول الحد الادنى من الطعام في حينه وهو على عجالة من اجل ان يتمكن من الوصول الى هذه الحواجز في تمام الرابعة فجرا حيث تباشر هذه المعابر عملها.

أما سياسة التفتيش على المعابر والتي ينتهجها الجندي الاسرائيلي على الحواجز الاسرائيلية ومعابر العمال، فتعتبر الهاجس الرئيسي التي اصبح العامل يتمنى ان لا يصل اليها نتيجة لما يرونه من سياسات اذلال واستفزاز وابتزاز من قبل عناصر الجيش الذين يقومون بتفتيشهم. فمنهم من يلجأ احيانا للتفتيش العاري للعمال. ومنهم من يقوم بتفريغ حقائب العمال من محتوياتها.

ولا تختلف رحلة العودة من العمل داخل إسرائيل إلى البيت في فلسطين عن رحلة الذهاب، بل على العكس تمامًا، حيث يقوم الجيش الاسرئيلي المتواجد على الحواجز الاسرائيلية التفتيشية في كثير من الاحيان بمحاولة القاء القبض واعتقال عدد من العمال من حين لاخر، ويعمل على احتجازهم لفترات متباينة ومن ثم يطلقون سراحهم. وهذه الخطوة فقط من اجل الابتزاز والتنغيص على حياتهم اليومية وتعقيد الأمور عليهم أكثر، وتأخيرهم عن عودتهم. وكثيراً ما يقوم جنود الاحتلال بسحب ومصادرة التصاريح من هؤلاء العمال لأنهم يرفضون تلبية مطالب الجندي المزاجية وغيرها.

وتشير التقديرات الاسرائيلية والفلسطينية الأخيرة  الى أن اكثر من 25 ألف عامل فلسطيني يعملون في المستوطنات اليهودية، جزء منهم يملك تصريح يخوله العمل داخل هذه المستوطنات. والعمل داخل المستوطنات هو الخيار الوحيد بالنسبة لهم.

وكشف تقرير أصدره بنك إسرائيل المركزي قبل قرابة العامين أن العمالة الفلسطينية التي لا تحمل تصاريح عمل داخل إسرائيل ازدادت في السنوات الماضية بنسبة كبيرة تصل إلى 100% بعدد يبلغ 90 ألف عامل فلسطيني في إسرائيل. ما يعني أن هناك طلبًا متزايدًا على العمالة داخل إسرائيل، تزامنًا مع ارتفاع نسب البطالة في فلسطين، ولكن يدخل معظم العمال بشكل غير قانوني إلى إسرائيل. حيث إن عدد العمال الفلسطينيين الذين يحملون تصاريح عمل داخل إسرائيل يصل إلى 59 ألف عامل بنسبة 64% من إجمالي عدد العاملين داخل إسرائيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق