ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ يتواصل الغموض في المشهد السياسي الجزائري في ظل استمرار غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الساحة السياسية, وكان آخر ظهور له في الاحتفالات المخلدة لذكرى اندلاع ثورة التحرير الجزائرية المصادف للأول من نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، وغذى غيابه الجدل في البلاد حول حالته الصحية ومستقبله السياسي, خاصة مع تراجع الأصوات المطالبة بترشح الرئيس بوتفليقة إلى الولاية الرئاسية الخامسة، وبروز فرضية تأجيل رئاسيات 2019 والتي تباينت المواقف بشأنها.
وكان آخر ظهور للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في الاحتفالات المخلدة لذكرى اندلاع ثورة التحرير الجزائرية المصادف للأول من نوفمبر / تشرين الثاني الماضي, في مقبرة العالية في العاصمة, وقرأ حينها سورة الفاتحة إلى جانب كبار المسؤولين كرئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح ورئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحي، ورئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح ووزير الداخلية نور الدين بدوي.
ومنذ ذلك التاريخ لم يظهر بوتفليقة في أي نشاط, رغم الشخصيات والوفود الأجنبية التي زارت الجزائر خلال هذه الفترة, كزيارة رئيس وزراء إيطاليا الذي حل بالجزائر يوم 5 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، ولم يحظ باستقبال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأيضا لم يستقبل ولي العهد السعودي بن سلمان، حيث أصدرت الرئاسية بيانا في اللحظات الأخيرة من انتهاء الزيارة بيانا تعلن فيه أن الرئيس بوتفليقة لن يستقبل بن سلمان بسبب إصابته بانفلونزا حادة ألزمته الفراش.
ويترقب الكثيرون ظهور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، نهاية ديسمبر / كانون الأول الجاري رفقة طاقمه الحكومي بعد التوقيع على قانون الميزانية لسنة 2019.
وتزامنا مع غياب الرئيس بوتفليقة عن المشهد السياسي, برزت مؤشرات زادت من الأوضاع غموضا, كسحب معسكر الموالاة مطلب ترشح بوتفليقة إلى ولاية رئاسية خامسة, وظهور مصطلح ” الاستمرارية ” بقوة في خطابه, إضافة إلى ذلك ظهور أصوات تنادي صراحة إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة عمليا في أبريل / نيسان 2019, وتباينت المواقف السياسية بين الأحزاب الجزائرية بشأن هذا المطلب, ففي وقت ينادي حزب تجمع أمل الجزائر ” تاج ” برئاسة الوزير السابق عمار غول, إلى عقد ندوة للإجماع الوطني لبحث سبل تمديد الولاية الرابعة, وضع زعيم ” إخوان الجزائر ” عبد الرزاق مقري, شروطا لهذا المقترح, واقترح تأجيل الرئاسيات لعام آخر, شريطة إجراء استحقاق رئاسي بعد انقضاء فترة التأجيل لا يترح لها الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة.
ويقول في الموضوع القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم, يوسف ناحت في تصريح لـ”” إن المشهد السياسي يعيش ضبابية لدى “المعارضة والموالاة”، وما زاد الأمور غموضا” الضغط الذي يفرضه الآجال القانونية لاستدعاء الهيئة الناخبة خلال جانفي / كانون الأول القادم وهو الموعد الذي يطرح نقاط استفهام عديدة أبرزها ” هل السلطة جاهزة للذهاب لانتخابات رئاسية في وقتها المحدد وفي هذه الحالة إما نحن ذاهبون لترشيح بوتفليقة لعهدة خامسة أو انتخابات مفتوحة بدون بوتفليقة “, ويقول المتحدث إن ” كل الفرضيات المتداولة من التمديد وغيرها تجد أمامها العائق القانوني الذي لا يسمح بكل هذه الفرضيات, وحتى فرضية حل المجلس لا تكسب السلطة إلا 3اشهر أمامها وهي مدة غير كافية لترتيب الأمور “.
ويضيف القيادي في الحزب الحاكم قائلا إن ” المعارضة اليوم تائهة لأن السلطة تائهة أيضا ولم تستطيع التوافق على مرحلة أو سيناريو يتفق عليه الجميع, فالمعارضة متخوفة من الذهاب للمجهول الذي لم تكن تنتظره والذي قد يفاجئها بإخراج لم تقم بأي دور فيه “.
ويعتقد يوسف ناحت أن سنة ” 2019 ستكون مفتوحة على كل الاحتمالات وقد يفصل في الأخير لأحد الخيارات ومنها قد تلجأ السلطة لتعديل الدستور عبر البرلمان بغرفتيه وهنا تمرر الفرضية التي تستطيع تمريرها إن أرادت التمديد مع تحويرات في هرم السلطة, ماعدا ذلك لا مخرج لها سوى إجراء الانتخابات الرئاسية في وقتها المحدد وتكون مفتوحة أما ببوتفليقة أو بنظام بوتفليقة! “.
ويقول المتحدث إن ” المشهد السياسي الذي شهدته البلاد عام 2014 يختلف تماما عن المشهد الذي نعيشه اليوم لأن الرئيس آنذاك كان في وضع صحي مختلف تماما عن اليوم وكذا الوضع المادي للبلاد وحتى الوضع السياسي للأحزاب موالاة ومعارضة وحتى الوضع الإقليمي والجيوسياسي “.