السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا

الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة في الخارج لصحيفة “” : مؤتمر مراكش هو اعتراف دولي بمجهودات المغرب في تدبير ملف الهجرة

فاطمة الزهراء كريم الله

ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ تبنى ممثلو حوالى 150 دولة الإثنين الماضي، في مراكش ميثاق الأمم المتحدة حول الهجرة بعد إعلانه شفهيا وضربة المطرقة الرمزية، وبعدما أثاره من انتقادات واعتراضات من طرف القوميين وأنصار إغلاق الحدود في وجه المهاجرين.

وتضمن النص غير الملزم الواقع في 25 صفحة مبادئ تتعلق بالدفاع عن حقوق الإنسان والأطفال والاعتراف بالسيادة الوطنية للدول. ويقترح إجراءات لمساعدة البلدان التي تواجه موجات هجرة من قبيل تبادل المعلومات والخبرات ودمج المهاجرين، كما ينص على منع الاعتقالات العشوائية في صفوف المهاجرين وعدم اللجوء إلى إيقافهم سوى كخيار أخير.
في حوار مع صحيفة “” قال عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج: إن “لقاء مراكش هو بمثابة انتصار أخلاقي وإنساني وتراكما جديدا في أدبيات الاشتغال على ملف الهجرة واللجوء والتنمية، على الرغم من تأثر هـــذا الملف بمتغيرات اللعبة السياسية العالمية وبمصالح الدول الكبرى، كما سيشكل مرجعا قانونيا وفقهيا انتصر للمقاربة الإنسانية في مواجهة المقاربة الأمنية؛ ذلك أن رعايـة هيئـة الأمم المتحدة للميثاق الدولي للهجرة أكسبته طابعا كــونيا من جهة، وأبرزت رغبة المجتمع الدولي في التفكير الجماعي والتفاوض الجماعي من أجل إيجاد إجابات عالمية لإشكالية المهاجرين واللاجئين الذين تجاوز عددهم حاجز 250 مليون مهاجر في جميع أنحاء العالم”.

وأضاف بوصوف، أن ” التوقيع على صيغته النهائية هو اعتراف دولي بمجهودات المغرب في تدبير ملف الهجرة، سواء كبلد أصل للمهاجرين أو بلـد عبور أو بـلـد استقرار للعديد من المهاجرين الأفارقة و العرب”.

وهذا هو نص الحوار…

بداية… باعتبارك كنت من المشاركين في المؤتمر العالمي للهجرة الذي احتضنته مدينة مراكش الأسبوع الماضي، ماهي أهم البنوذ التي خرج بها المؤتمرين؟

أولا لابد من الإشارة، إلى أن مؤتمر مراكش حول الميثاق العالمي لهجرة منظمة ومنتظمة وآمنة، هو بمثابة انتصار أخلاقي وإنساني وتراكما جديدا في أدبيات الاشتغال على ملف الهجرة واللجوء والتنمية، على الرغم من تأثر هـــذا الملف بمتغيرات اللعبة السياسية العالمية وبمصالح الدول الكبرى، كما سيشكل مرجعا قانونيا وفقهيا انتصر للمقاربة الإنسانية في مواجهة المقاربة الأمنية؛ ذلك أن رعايـة هيئـة الأمم المتحدة للميثاق الدولي للهجرة أكسبته طابعا كــونيا من جهة، وأبرزت رغبة المجتمع الدولي في التفكير الجماعي والتفاوض الجماعي من أجل إيجاد إجابات عالمية لإشكالية المهاجرين واللاجئين الذين تجاوز عددهم حاجز 250 مليون مهاجر في جميع أنحاء العالم.

فأهم البنوذ التي خرج بها المؤتمرون هي تعزيز التعاون الدولي من أجل توفير “هجرة آمنة منظمة ومنتظمة” من خلال خلق شبكة عالمية لتعزيز مبدأ التعاون والتضامن، وخلق تصور عالمي لظاهرة الهجرة واللجوء، واقتسام مسؤوليات تدبيرها، مع احترام مبدأ السيادة الوطنية والدفاع عن حقوق الإنسان والأطفال والنسا، والحد من مخاطر الهجرة، والاعتراف بالهجرة كـقيمة مضافة للتنمية الاجتماعية في العالم، وتبادل المعلومات والخبرات، وإدماج المهاجرين، وبالتالي فتفعيل هذه البنوذ عل أرض الواقع بات ضرورة ملحة، حتى لا يبقى الميثاق حبيس صيغته النظرية، ليس من أجل محاربة الهجرة، وإنما من أجل تنظيمها حتى لا تبقى الأمور عشوائية وحتى لا نواجه المخاطر المترتبة عن ظاهرة الهجرة العالمية التي من بينها الإتجار بالبشر والإرهاب.

ونعرف أن المهاجرين عبر العالم يشكلون 250 مليون مهاجر وهو العدد الذي يمكن به تشكيل شعب والأكيد أن من بين هؤلاء المهاجرين الكثير من الكفاءات التي يمكنها إغناء بلدان الإقامة، ويمكنهم أن يساهموا في التقارب الثقافي والتقارب الديني وفي حوار الحضارات والتعارف على الأخر مما يساهم في السلم العالمي، وهذا لن يتحق إلا تحويل بنوذ الميثاق إلى فعل حقيقي، وذلك لن يتم إلا بالمطالبة والضغط والمتابعة من طرف هيأت المجتمع المدني كل في دولته لخلق الآليات الكفيلة من أجل تنفيذ التي يحتويها هذا الميثاق.

لاحظنا أن بعض الدول قاطعت الحضور إلى مراكش والمشاركة في المؤتمر على رأسها الولايات المتحدة الامريكية، في نظرك هل سيكون لذلك تأثير على جدية الميثاق؟

أكيد سيكون له تأثير، لأن الولايات متحدة الأمريكية ليست بدولة صغيرة، ونعرف أن الولايات المتحدة تستقبل عدد كبير من المهاجرين وهي دولة مكونة من الهجرة، ولكن لا أظن أنها ستقف أمام المنتظم الدولي.

فالدول التي قاطعت الحضور ربما كان بسبب سوء فهم لبنوذ الميثاق أو ربما فهمت أن هذا الميثاق سيسهل عملية الهجرة وسيغرق الدول المستقبلة بالمهاجرين، وهذا ليس صحيح، لأن الميثاق في صيغته الحالية ليس ذا بعد إلزامي وحتى الدول التي حضرت المؤتمر ووقعت على الميثاق لن تكون ملزمة قانونيا، فأسباب مقاطقة بعض الدول بالإضافة إلى أمريكا، النمسا وهنغاريا وبولونيا وبلغاريا وكرواتيا وسلوفينيا والتشيك وسلوفاكيا والبرازيل والسويد، ربما هو سبب راجع لسوء فهم للبنوذ، أو هو سبب راجع إلى أدبيات الأحزاب الحاكمة في تلك الدول المبنية أصلا على التضييق على الهجرة وعلى مكتسبات المهاجرين، وتبني بعضها سياسة إغـلاق الحدود والموانئ والسياسة الحمائية. حيث تعرف تلك الحكومات جيدا أن التوقيع على ميثاق مراكش سيكون لـه تـأثيـر سياسي كبير وسط كتلتها الناخبة، وهو الرهان الذي لا تريد الأحزاب الحاكمة خوضه بالرغم من الطابع الإنساني لهذا الميثاق.

في نظرك هل هذا الميثاق سيكون كافيا لحماية المهاجرين ؟

لا أبدا، لم نصل إلى هذه المرحلة بعد، هذا الميثاق هو مجرد مرحلة أولية لا زالت هناك محطات لابد من الاشتغال عليها. أولا لا بد من تفعيل نبوذ الميثاق وبعدها تحسين الميثاق وبعدها إدراج بنود أخرى، وكما قلنا سابقا لابد من نضال مكثف لهيآت المجتمع المدني كل في بلده.

لكل شيئ بداية، وهذا الميثاق هو بداية تأمين وتنظيم الهجرة العالمية وهذه سيرورة لابد من مرورها عبر عدة مراحل حتى نصل المبتغى لأن ظاهرة الهجرة ليست بظاهرة عابرة حتى يتطلب الأمر منها حلولا جذرية، بل هي ظاهرة إنسانية تحتاج إلى الوقت وإلى النفس الطويل.

في الفترة الأخيرة عرف المغرب أحداثا متتالية في قضية الهجرة أبرزها ترحيل مهاجرين من جنوب الصحراء في نظرك هل الإجراءات المتخذة لمواجهة الأزمة تحترم التزامات الرباط مع دول أفريقيا؟

أنا دائما أقول وقلتها مؤخرا في مراكش، بأن المغرب تبنى سياسة شجاعة. بالرغم من أنه ليس في وضعية الدول الأوروبية في سبعينات عندما استقبلت الهجرة في سنوات ما يعرف بالإزدهار الذهبي، نحن ليس في ذلك الوضع ولكن المغرب نبنى سياسة ومقاربة إنسانية تجاه المهاجرين الافارقة لأنه وباعتباره بلد عبور ولهذا فكان مجموعة من الأفارقة للمرور إلى وروبا كان لابد من تواجدهم.في المغرب على الأقل أربعة أو خمس سنوات، لذلك فالمغرب قرر تسوية وضعيتهم القانونية لتسهيل مرورهم إلى اوروبا. ولعل اختبار الأمم المتحدة للمغرب من أجل تنظيم هذا المؤتمر العالمي كان اختيار نتيجة لسياسة المغرب تجاه الهجرة والمهاجرين.

فأرى أن المغرب مقارنة مع بعض الدول سواء في أفريقيا أو في اوروبا من ناحية الضغط على المهاجر و تشديد القوانين يكون بردا وسلاما على المهاجرين وتعامله تعامل لائق مع الإنسان المهاجر. وأنا أكد أن غالبية المهاجرين الأفارقة في المغرب وجدوا توازنهم مما سهل عليهم الإندماج داخل المجتمع المغربي مما جعل الكثير منها لم يعد في حاجة إلى الهجرة إلى الشمال أو الرجوع إلى بلدانهم.

هل سيكون لسياسة التي يتبناها المغرب في ما يخص الهجرة واللجوء على انضمامه إلى منظمة الاقتصادية لغرب إفريقيا “سيياو”؟

العاهل المغرب الملك محمد السادس، ينظر إلى الهجرة بنظرة استباقية، وكما ذكرنا أن المغرب بلد عبور ويواجه الهجرة سواء كان الأمر بإرادته أو خارج عن الإرادته،. اذن فالانسان عندما يكون في حاجة إلى تحسين وضعيته المعيشية ويكون في وضعية هرب من حرب فلابد له من أن ينتقل، فمثلا اوروبا عملت على تشييد الأسلاك الشائكة وقوات خاصة ومع ذلك هناك تم تسجيل العديد من حالات تسلل للمهاجرين نفس التحدي بالنسبة للمغرب، لذلك أنا أقول لابد من وجود خطاب سياسي يرقى بوضعية المهاجرين ويأخذ بعين الإعتبار البعد الإفريقي والهجرة الإفريقية لأننا لا يمكننا تغييبها في النقاش السياسي، لتكون فرصة للمغرب ليضع نفسه في وضعية الاستعداد لاستقبال مفروض.

باعتبارك أمينا عاما لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، كيف تمظر لصعود اليمين المتطرف في عدد من الدول الأوروبية وما مدى تاثيره على الجالية المغربية ؟

بطبيعة الحال، صعود الأحزاب اليمينية في سواء في إسبانيا أو في بعض الدول الاوروربية الغخرى بات يثير نوعا من القلق على جاليتنا المغربية، مع العلم أن الجالية المغربية من بين أكبر الجاليات المتواجدة ليس في إسبانية فقط وإنما في الكثير من البلدان الأوروبية اليوم، والسؤال المطروح هو كيف يمكننا مواجهة ما يسمى بالاسلامفوبيا والميز العنصري، يعني كيف يمكننا تحسين وضع الجالية المقيمة بالمهجر من ناحية الرفع من مستوى التعليم وتجنب بعض المظاهر التي تعطي نظرة سلبية على المهاجر المغربي، ومن الناحية الدينية على جاليتنا ألا تجعل من تدينها عنصرا يشكل عبء أو ثقلا على المجتمع الذي تقيم فيه.

لاشك أن الانتخابات الأوروبية المقبلة لسنة 2019، ستعطينا خريطة حقيقية لوضع اليمين المتطرف في أوروبا ولا شك أننا سنلاحظ صعود الكثير من هذه الأحزاب، الأنر الذي يستدعي منا القليل من الذكاء لخلق جسور التواصل ثقافية و دينية مع هذه المجتمعات لمواجهة الفكر اليميني.

عندي أمل، أن مستقبل الإنسانية سيكون في إطار الهجرة ، لأن الهجرة هي التي ستشكل مستقبل الإنسان من خلال التلاقي والعيش المشترك.

ماهو دور مجلس الجالية والأحزاب المغربية في حماية الجالية من مخاطر اليمين المتطرف ؟

نحن في المجلس قمنا بمجموعة من المبادرات، خاصة بعد العمليات الإرهابية التي عاشتها بعض الدول الأوروبية مؤخرا، مثلا قمنا بتأطير الآئمة المغاربة في ألمانيا حتى تكون لهم القدرة على مخاطبة الجيل الثاني والثالث والرابع من الجالية المغربية المتواجدة هناك، وفي بلجيكا مثلا اشتغلنا الأسبوع الماضي على ضرورة إبراز دور المرأة وكفاءاتها في ربط جسور التواصل ومحاربة التطرف الديني كما طالبنا بضرور إنفتاح المؤسسات الدينية في المهجر بالانفتاح على الشباب والاعتراف بكفاءاتهم.

ومن الناحية البيداغوجية، قمنا بإنتاج بعض الوسائل من بينها لعبة صغيرة اطلقنا عليها اسم ” السلام في دواخلنا” وهذه اللعبة تجيب عن الاسئلة الحرجة المطروحة اليوم في اوروبا عن الإسلام وستكون على شكل لعبة بيداغوجية.

فنحن نشتغل على جعل ممارسة الإسلام ممارسة متطابقة لمجتماعات مختلفة دينيا وثقافية، مثلا في مجتمعات لها قوانين خاصة ومعاصرة كتلك التي تفصل بين الدين والدولة، والحمد لله أن الإسلام لديه القدرة على التالقم مع هذه المجتمعات ما ينقصنا هو تحريك آلياتنا لتحقيق ذلك ولاظهار أن الأعمال الإرهابية لا تمت للإسلام بصلة وأن المسلمين أبرياء من ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق