ـ القاهرة ـ من شوقي عصام ـ لا تتوقف إسرائيل دائماً، عن استخدام أسلوب التباكي على خروج اليهود من مصر في خمسينيات القرن الماضي، وهو الملف الذي دائماً ما تتلاعب به سياسياً واستراتيجياً، وسط تمرير صور لعناصر يهودية ذات أصول مصرية، نجحت في مناصب أو مراكز دولية، ممزوجة بأكاذيب عن طرد الحكومة المصرية لليهود في منتصف القرن الماضي، وهي أمور تتصاعد في استغلالها الذي يصل في بعض الأحيان إلى حديث مسؤولين إسرائيليين عن أملاك يهود مصريين غادروا إلى إسرائيل.
المبكى الإسرائيلي تجدد مؤخراً، من خلال صفحات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية، الموجهة بالعربية، ومنها صفحات توجه بشكل خاص للمصريين، ويتم إدارتها من جانب السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، وآخر وقائع “المبكى”، هذه المرة مع تعيين “آدام موصيري” اليهودي من أصل مصري، والحامل للجنسية الإسرائيلية، رئيساً جديداً لشركة “انستجرام”، لتفتح إسرائيل فصل الخروج اليهودي من مصر، وتقديمه على أنه تم من خلال الطرد والترحيل، وتأشيرات الخروج بلا عودة، كنوع من إحياء الشعور لدى المصريين، بالندم على الاستغناء عن يهودهم.
وقالت هذه الصفحات، إن “آدام موصيري”، عاش طفولته بين إسرائيل وأمريكا، بعد أن أُجبر والده على الهجرة من مصر عام ١٩٥٧م، ويحب آدم أكلة الملوخية على الطريقة المصرية القديمة، وأنه يفضل تحدث اللغة العبرية التي يتكلم بها بطلاقة، وأن عائلة “موصيري”، التي يمتد منها “آدام”، كان لها العديد من النجاحات في مصر، بعد انتقال “نسيم موصيري” مؤسس العائلة إلى مصر في القرن الثامن عشر، وأنها أسست شركة فنادق مصر الكبرى، وبنت فنادق شهيرة ما زال بعضها قائماً مثل: “مينا هاوس، سان ستيفانو، سافوي، وكونتيننتال”.
وفي هذا الإطار، يقول أستاذ الدراسات العبرية بجامعة الإسكندرية، د. أحمد فؤاد أنور، إن إسرائيل تستغل الحديث عن اليهود من أصل مصري بشكل دائم، وتوجه شعوراً للمصريين بضرورة الإحساس بالندم عليهم، موضحاً أن اليهود لم يطردوا أو يتعرضوا لأشكال الترحيل من مصر، والتي يستخدمها الإعلام العبري، لافتاً إلى أنهم كانوا مواطنين لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات، مما سمح له بالوصول إلى أعلى المراتب، لا سيما في مجال الفن الذي يتطلب رضاءً شعبياً، وهو ما حدث في مصر، حيث إن نجاحهم يعطي تأكيدات أن الجمهور المصري لم يفرق بين المصريين، باختلاف ديانتهم أو طوائفهم.
وواصل “أنور” بالحديث في تصريحات لـ””، عن أن اليهود تم التعامل معهم بشكل طبيعي في مصر، حيث وصلوا إلى أعلى المناصب الوزارية، ومنهم من كان وزيراً للمالية ومسؤولين كبار بالقصر الملكي، وامتلكوا أكبر المتاجر والمصانع في مناطق عديدة، وهذا لن يحدث إلا بأن تكون البيئة بها نوع من القبول والتسامح.
وأكد “أنور”، أن هناك تشويهاً مستمراً من جانب إسرائيل في هذا الأمر، فلم يكن هناك تهجير على شاحنات كما يقول الإعلام الصهيوني، مصر تمسكت بهم، إلى أن توترت الأوضاع بأفعال الموساد الإسرائيلي، بالتزامن مع فضيحة لافون الشهيرة، ليتم تشويه الطائفة بعد قيام ضابط مخابرات إسرائيلية، بتكوين شبكة من ضعاف النفوس اليهود، للقيام بأعمال تخريبية، ثم تم الإيقاع بهم من جانب الأمن المصري، مما كان له أبلغ الأثر في وضعهم بمصر.
وتابع: “الإخوان المسلمون بالطبع في تلك الواقعة كان لهم دور في خروج اليهود، عندما هجموا على عدد من المحال المملوكة ليهود مصر، مما وتر وجودهم، ولكن الاتجاه العام رفض الهجرة إلى إسرائيل، وبالطبع بعد الحروب لا سيما حرب 1956، وإجراءات تمصير الاقتصاد، حيث كان هناك رجال أعمال يهود، لم يكن معهم الجنسية، فغادروا إلى أوروبا وأمريكا، والبعض جذبته الدعاية الصهيونية إلى إسرائيل.
وشدد أنور على أنه لا توجد واقعة طرد أو ترحيل جماعي ليهود مصر، ولكن لكل شخص حساباته الخاصة، وكانت الأغلبية مترددة في التوجه إلى أي مكان خارج مصر، إلا بعد وقائع عمل المخابرات الإسرائيلية في الخمسينيات من عمليات تخريبية بالقاهرة والإسكندرية.