أوروبا
ألمانيا تشدد الرقابة على الاستثمارات الأجنبية وعينها على الصين
ـ فرانكفورت ـ شدّدت الحكومة الألمانية الرقابة على الاستثمارات غير الأوروبية في القطاعات الإستراتيجية الأربعاء في وقت تبدي الصين اهتماما متزايدا بشركات أوّل اقتصاد في أوروبا.
ويسمح المرسوم الذي أقرّته حكومة أنغيلا ميركل الأربعاء بحصر الاستحواذات الأجنبية في بعض الشركات الألمانية بحوالى 10 % من رأس المال، بدلا من 25 % كما هي الحال منذ 2004.
والهدف من هذا المرسوم الذي يكتسي أهمية خاصة في ألمانيا التي تعوّل على التصدير ولا تفوّت فرصة للاستثمار في الخارج، هو تشديد الرقابة على “البنى التحتية الحساسة” لمعرفة “من يستثمر فيها وتداعيات هذه الاستثمارات”، بحسب ما قال وزير الاقتصاد بيتر ألتماير.
والقطاعات المعنية بالمرسوم هي الدفاع والاتصالات والغاز والكهرباء والمياه والإعلام، بحسب ما أفاد الوزير.
ويمكن إبطال المرسوم، حتّى لو أقرّته الحكومة وعمّمته، في مهلة أربعة أشهر في البوندستاغ، لكن هذا الاحتمال لا يبدو واردا.
مطامع صينية
تثير ألمانيا منذ وقت طويل مطامع المستثمرين بشركاتها المنتشرة على الصعيد العالمي ومؤسساتها الصغيرة والمتوسطة المتقدّمة جدّا في مجال التكنولوجيا والتي ينبغي على عدد كبير منها تنظيم توزيع رؤوس الأموال فيها.
وشكّلت طموحات الصين للتوسّع في مجال المطارات والمرافئ والمجموعات التكنولوجية مصدر قلق لبرلين وغيرها من العواصم الأوروبية في السنوات الأخيرة.
وباتت هذه المخاوف تؤرق السلطات في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر إثر إعلان ترك تيل روتر، رئيس مجلس إدارة شركة الروبوتات الألمانية “كوكا”، منصبه قبل أوانه، وذلك بعد أقلّ من سنتين على بيع المجموعة للعملاق الصيني في مجال الأجهزة الإلكترونية “ميديا”.
وكانت برلين قد شدّدت منتصف العام 2017 القواعد المفروضة على الاستثمارات الأجنبية، مع إطالة المهلة المخصصة للنظر في العروض من شهرين إلى أربعة أشهر وتوسيع نطاق الصفقات الخاضعة لموافقتها ليشمل مزوّدي الخدمات ومطوّري البرمجيات المستخدمة في القطاعات الإستراتيجية.
غير أن السلطات الألمانية لم تعترض في شباط/فبراير على استحواذ الملياردير الصيني لي شوفو على 10 % من أسهم مصنّع السيارات “دايملر”، حتّى لو كانت هذه النسبة أدنى من السقف المحدّد لإطلاق مسار تدقيق.
في المقابل، لم توفّر الحكومة الألمانية جهدا في تموز/يوليو لشراء 20 % من الحصص في شركة “50 هرتز” لإدارة شبكات الكهرباء عبر المصرف الألماني العام “كاي اف دبليو”، متحججة بدواع أمنية وقاطعة الطريق أمام مشروع مستثمرين صينين كانوا يتطلعون لوضع اليد على هذه الحصة.
تحفّظ الصناعيين
منذ العام 2004، نظرت السلطات بوتيرة سنوية في 80 إلى 100 استثمار ضخّ في البلد من خارج أوروبا شمل أكثر من 25 % من الحصص في شركة ألمانية، من دون أن يرفض أيّ منها في نهاية المطاف، بحسب ما أفادت وزارة الاقتصاد وكالة فرانس برس.
وقال المصدر عينه “يظهر ذلك أننا نطبّق خير تطبيق مواد تشريعنا بشأن المبادلات التجارية الخارجية، وأن ألمانيا تبقى من مراكز الاستثمار الأكثر انفتاحا على العالم”.
أما وزارة الخارجية الصينية، فحذّرت الأربعاء على لسان ناطقة باسمها من “الإشارات الخاطئة التي قد ترسل إلى العالم” مع الإعلان عن بعض السياسات “في وقت تشتدّ النزعات الحمائية والأحادية”، مشددة في الوقت عينه على أن ألمانيا “لا تستهدف شركة أو دولة معيّنة”.
وقالت هوا تشونيينغ “نأمل أن توفّر ألمانيا النفاذ إلى السوق بشكل منصف ومنفتح للشركات الأجنبية التي تستثمر في البلد، بما فيها تلك الصينية”.
وأثار تشديد الرقابة انتقادات في أوساط الشركات في البلد. وفي بيان صدر الأربعاء، أعرب الاتحاد الألماني للصناعة عن معارضته إجراءات مماثلة، داعيا الدولة إلى “الحفاظ على انفتاحها على الاستثمارات الأجنبية”.
وأوضح فولكر تراير المسؤول في اتحاد غرف التجارة الألمانية من جهته أن هذه التعديلات “تأتي في سياق حساس ولا بدّ من التوفيق بين مصالح متعارضة”. (أ ف ب)