شرق أوسط
الحديدة اليمنية تترقّب وصول فريق الامم المتحدة لحماية الهدنة الهشة
ـ الحديدة ـ صمدت الهدنة الهشة في مدينة الحديدة اليمنية أمام خروقات جديدة تمثّلت في قصف مدفعي متبادل، بانتظار وصول فريق من الامم المتحدة لترؤس لجنة مشتركة ستعمل على منع اتفاق وقف اطلاق النار من الانهيار.
والخميس، في ثالث أيام الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ الثلاثاء، يعم الهدوء المدينة المطلة على البحر الاحمر التي تضم ميناء يشكّل شريان حياة رئيسيا لملايين اليمنيين، حسبما أفاد سكان وكالة فرانس برس.
وسبق الهدوء اشتباكات جديدة بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المقرّبين من إيران، بعد أسبوع من التوصل إلى اتفاق الهدنة في السويد.
وقال مسؤول في القوات الموالية للحكومة لفرانس برس إن المتمردين قصفوا في وقت متأخر الأربعاء مواقع للقوات الحكومية عند أطراف مدينة الحديدة، انطلاقا من شارع ومن مركز أمني، ما ادى إلى اصابة أربعة عناصر من القوات الحكومية بجروح.
وبحسب المصدر ذاته، فإن القصف المتبادل استمر “لنصف ساعة”، مؤكدا أن هدوءا حذرا يسود شوارع المدينة الخميس، لكن اشتباكات تدور في مناطق اخرى من المحافظة التي تحمل الاسم ذاتها، وتقع جميعها جنوب مدينة الحديدة، بينها التحيتا وحيس وبيت الفقيه.
وبدأت حرب اليمن في 2014، ثم تصاعدت حدّتها مع تدخّل السعودية على رأس التحالف العسكري في آذار/مارس 2015 دعماً للحكومة المعترف بها بعد سيطرة المتمردين الحوثيين على مناطق واسعة بينها صنعاء.
وقتل نحو عشرة آلاف شخص في النزاع اليمني منذ بدء عمليات التحالف، بينما تهدّد المجاعة نحو 14 مليوناً من سكان البلاد، بحسب الامم المتحدة.
اجتماع مشترك
بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب، توصّلت الحكومة اليمنية والمتمرّدون في محادثات في السويد استمرت لأسبوع واختتمت الأسبوع الماضي إلى اتّفاق سحب القوات المقاتلة من مدينة الحديدة ومينائها الذي يعتمد عليه ملايين للتزوّد بالمؤن، ووقف إطلاق النار في المحافظة.
ويتبادل الطرفان الاتهامات بخرق اتفاق وقف إطلاق النار منذ بدء سريانه. وكان التحالف العسكري بقيادة السعودية حذّر الأربعاء من احتمال انهيار اتفاق وقف اطلاق النار في حال تأخرت الامم المتحدة في التدخل للاشراف على الهدنة.
وينص اتفاق الحديدة على إنشاء لجنة مشتركة، برئاسة الأمم المتحدة، لمراقبة وقف إطلاق النار وعملية الانسحاب من المدينة.
وأعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن رئيس “لجنة إعادة الانتشار” الجنرال باتريك كاميرت عقد الاجتماع الأول للجنة من نيويورك الأربعاء عبر تقنية الفيديو “لبحث الخطوط العامة لعملها، بما في ذلك مدونة قواعد السلوك”.
وبحسب دوجاريك، فإن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “يضغط بشدة” لضمان نشر الفريق الأممي بأسرع وقت، مشيرا إلى أن كاميرت سيتوجه إلى عمّان حيث يقع المكتب الاقليمي لمبعوث الامم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، قبل أن يسافر من هناك إلى العاصمة اليمنية صنعاء ثم الحديدة.
وتوقّع مصدر في الامم المتحدة أن يصل الجنرال الهولندي إلى عمّان الجمعة، لافتا إلى أن موعد سفره إلى اليمن “يعتمد على الترتيبات اللوجيستية والرحلات المتوفرة”.
وفي هذا السياق،، أكد العميد احمد الكوكباني، أحد ممثلي الجانب الحكومي في اللجنة، أن كاميرت “ناقش معنا مهام وأسس عمل اللجنة خلال المرحلة المقبلة، وطلب من الأعضاء الاجتهاد والمساعدة في تهدئة الوضع ورفض الخروقات” للاتفاق.
وأضاف الكوكباني في تصريحات لفرانس برس أن رئيس اللجنة أصر على “موقف المجتمع الدولي في إنجاح اتفاق الحديدة المنبثق عن مشاورات السويد”.
عواقب مؤلمة
يرى محللون أنّ الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها هي الأهمّ منذ بداية الحرب لوضع البلد الفقير على سكّة السلام، لكنّ تنفيذها على الأرض تعترضه صعوبات كبيرة، بينها انعدام الثقة بين الاطراف.
وأفاد دبلوماسيون في نيويورك الاربعاء أن أعضاء مجلس الامن يخوضون منذ نحو أسبوع مفاوضات شاقة حول مشروع قرار في شأن اليمن يهدف الى المصادقة على ما حققته المباحثات في السويد بين طرفي النزاع وإجازة نشر المراقبين في هذا البلد.
والمشروع الذي أعدته المملكة المتحدة يستعيد في جزء منه مشروع قرار انساني لا يزال على طاولة المجلس منذ وقت طويل. وتم تأخير اقراره بناء على طلب واشنطن وستوكهولم لعدم التشويش على المباحثات التي استضافتها السويد.
وكتبت “مجموعة الازمات الدولية” في تقرير الاربعاء أن “الاسابيع المقبلة ستكون صعبة وحاسمة للمبعوث الاممي وفريقه”، مشددة على ضرورة أن “يتبنى مجلس الامن (الاتفاقات) في قرار”.
وحذّرت من أنه “من دون دعم دولي، سينهار اتفاق وقف اطلاق النار. وعواقب الفشل مؤلمة، فمعركة الحديدة ستكون طويلة ومدمّرة”. (أ ف ب)