السلايدر الرئيسيشرق أوسط
مسيرات العودة… شباب غزة يقودون زمام المبادرة لينال الشعب مطالبه
محمد عبد الرحمن
ـ غزة ـ من محمد عبد الرحمن ـ على طول الشريط الحدودي بين قطاع غزة والجانب الإسرائيلي تبدو ملامح المشهد مغايرة تماما للواقع السياسي، فينما فشل طرفي الانقسام الفلسطيني في تحقيق المصالحة، نجح الشباب الفلسطيني في تصدر أحداث مسيرة العودة الكبرى، تفكيراً وتخطيطاً، مع دعم لوجستي من بعض فصائل العمل الوطني.
فالشباب في غزة اليوم وبمشاركته في فعاليات مسيرة العودة أكد أنه يمتلك الكثير، وأنه قادر على الأخذ بيده زمام المبادرة، وقد عقد العزم على تصويب المسار، الذي أضاعت بوصلته الفصائل بخلافاتها حول الأولويات ومناكفاتهم السياسية.
ومنذ يوم الجمعة 30 مارس الماضي شكلت فعاليات مسيرة العودة الكبرى في غزة، نقطة مهمة في تاريخ مواجهة إسرائيل، فالحشود الكبيرة التي تتوافد بالآلاف إلى الشريط الحدودي كافة أساليبها سلمية، ليعود الفلسطينيون عبر هذه المسيرات إلى سجال طويل ولكنه مضني وهو النضال السلمي الشعبي من أجل نيل حقوقهم.
وبدأت فعاليات مسيرات العودة التي أعلنت عنها الفصائل الفلسطينية ومبادرات شبابية ومجتمعية، بإقامة خيام اعتصام في خمس مناطق قرب الشريط الحدودي لقطاع غزة، للمطالبة بحق العودة إلى بلداتهم التي هجروا منها عام 1948 ، وذلك بدءا من يوم الأرض المصادف 30 آذار/ مارس الجاري، وحتى يومنا هذا لتكون هذه الجمعة هى ال39 لانطلاقة المسيرات السلمية .
وقبل البدء بالفعاليات شكلت “الهيئة الوطنية لانطلاق فعاليات مخيم ومسيرة العودة وكسر الحصار، وتضم ممثلين عن كافة الفصائل، بما فيها حركتي فتح و حماس ولجان اللاجئين الشعبية، وشباب، للتأكيد على حق العودة.
وقد أعادت المظاهرات السلمية التي تقام على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، حق عودة الفلسطينيين إلى الأنظار، في جدول الأعمال الدولي والعربي والإسرائيلي، وعلى وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، وحرّكت شعب فلسطين، كما لم تحركه أحداث أخرى من قبل، ما يؤكد ديمومة هذا الشعب.
وعلى الرغم من سلمية” ميسرات العودة الكبرى” إلا أن الشبان المتظاهرين لم يسلموا من الاعتداءات الإسرائيلية، فقد ارتكبت قوات الاحتلال مجازر بحقهم مما أدى إلى استشهاد العشرات وإصابة الألاف منذ انطلاقتها.
ورغم استشهاد العشرات وجرح الآلاف من المتظاهرين، إلا أن الشباب الفلسطينيين لم يستسلموا، وقرروا الاستمرار بالتظاهر حتى نيل مطالبهم والعودة إلى أراضيهم، وقد طرحوا العديد من الأفكار والمبادرات الشعبية التي تهدف لمنع سقوط المزيد من القتلى والجرحى على يد قناصة الاحتلال.
محمد سليم( 27عاماً) إعلامي فلسطيني وناشط شبابي كان له دور كبير في دعوة الشباب للمشاركة في “مسيرات العودة” وحثهم على التظاهر السلمي على الحدود الشرقية لغزة، للمطالبة بحق العودة، ونشر الأحداث لحظة بلحظة عبر مواقع التوصل الاجتماعي للتفاعل معها.
يقول :” كان دوري عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحفيز الشباب للمشاركة “بفعاليات مسيرة العودة” وحثهم على المطالبة بحق العودة لأراضيهم المحتل بشكل سلمي بشكل سلمي، فهناك عدد كبير من الشبان استجابوا لدعواتنا وشاركوا بالمظاهرات السلمية وتفاعلوا مع المتظاهرين، إضافة إلى توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي الذي يستهدف المتظاهرين السلميين بالرصاص الحى وقنابل الغاز المسيلة للدموع”
ويضيف” شاركت أنا وزملائي، ودعوت المتابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة بالمظاهرات السلمية كونها وسيلة مهمة في هذه المرحلة لإثبات حقنا في هذه الأرض ولتفنيد وتغييب الفرصة على العدو الإسرائيلي الذي يتهمنا بالإرهاب”.
ويشير سليم إلا أنهم أرادوا رفع الأعلام الفلسطينية في مخيمات العودة لتكون راية فلسطين هى الوحيدة التي تمثل الشعب الفلسطيني، ولم يرفعوا أي راية أخرى أو رايات التنظيمات والفصائل.
الشاب عمر أبو جزر( 23 عاما) لم تمنعه إصابة أصدقائه الثلاثة وشقيقة بالرصاص المتفجر، من المشاركة بالمظاهرات السلمية والمطالبة بحق العودة.
ويقول أبو جزر لـ” “، :” جئت إلى هذا المكان لإيصال رسالة للعالم وللاحتلال الإسرائيلي الذي يسرق أرضنا أن القضية الفلسطينية لم تمت بل هي تولد من جديد، وتأكيداً على أهمية قضيتنا وإعادتها للواجهة من جديد والتأكيد على حق العودة وعلى حقنا في كل فلسطين في ظل المؤامرات التي تسعى لتصفية القضية”.
ويضيف:” حاول والدي منعي من الذهاب إلى المناطق الحدودية للمشاركة بالمظاهرات السلمية خوفاً من إصابتي مثل أخي وأصدقائي؛ ولكني أصررت على المشاركة لإثبات حقي بالعودة والدفاع عن أرض أجدادي التي سلبت، وتواجدي بهذا المكان كان لإيماني بقدرة الشباب على تغيير الواقع وتغيير المعادلة وتغيير ما يجري على الأرض من مؤامرات ضد القضية الفلسطينية”.
عمار حسين( 22 عاماً) لن يثنيه استشهاد صديقه قبل شهرين أثناء مشاركته في فعاليات مسيرة العودة، عن الذهاب الى المناطق الحدودية، للتظاهر السلمي، ويقول خلال حديثه لـ””، :” إن المقاومة الشعبية هي سبيلنا الوحيد في هذه الفترة للمطالبة بحق العودة وإخراج الاحتلال من أراضينا التي سلبها من آبائنا و أجدادنا”.
ويكمل حديثه:” يعتقد البعض أن فكرة المقاومة الشعبية غير مجدية؛ لكن التاريخ أثبت نجاحها في ترسيخ الاستقلال والتحرر سواء في الهند أو جنوب إفريقيا وثورة مارتن لوثر كنغ في أمريكا، لذلك أراد الشباب الفلسطينيين وخوض تجربة المظاهرات السلمية ، وتجسيد مقولة غاندي الشهيرة” في البداية يتجاهلونك، ثم يسخرون منك ثم يحاربونك، ثم تنتصر”.
ويتابع” لا بد أن نصبر لتحقيق أهدافنا، وتوجهنا للمظاهرات السلمية لا يعبر عن ضعفنا، بل عن قوتنا وقدرتنا على تحدي الاحتلال، فاعتقد غاندي أن السلمية سيكون لها دوراً كبيراً في مواجهة انجلترا، فكثف من الانشطة السلمية والإضرابات، وأراد ابراز أحقية الشعب الهندي بتحقيق أهدافه الوطنية وطرد المستعمر، وأراد أن يثبت أيضا أن المقاومة السلمية للاستعمار ليست شكلاً من أشكال الضعف والجبن، بل هي شكل نضالي يتطلب شجاعة وصبرا وقدرة على التحدي والمواجهة طويلة الأمد”.
لم يمضي سوى أسبوع على إصابة الشاب محمود قديح(٢٥عاماً) بقدمه اليسرى ناري أثناء مشاركته بالمظاهرات على حدود غزة، إلا أنه أصر على المشاركة والتواجد في خيام الاعتصام، يقول في حديثه لـ” ” : “حاول الاحتلال اجهاض مسيرة العودة من خلال اطلاق النار علي المتظاهرين لقتلهم واصابتهم بالرصاص ، لمنعهم من التظاهر؛ ولكنه لا يعلم أنه يتعامل مع شعب يجري حب الوطن في عروقه ولا يخشى الموت”.