السلايدر الرئيسيتحقيقات

مسيرات العودة على حدود غزة… بين استغلال حماس لها وأجيال ليس لديها ما تخسره

فادي أبو سعدى

*قرابة المئتي شهيد منذ آذار الماضي وتوقعات بحرب وشيكة

ـ غزة ـ منذ أواخر آذار/ مارس الماضي، انطلقت في غزة فكرة مسيرات العودة للتأكيد على حق العودة للفلسطينيين الذين هجروا من مدنهم وقراهم، وفي محاولة لإظهار الوحدة الوطنية الفلسطينية في وجه الاحتلال الإسرائيلي على وجه الخصوص، وفي وجه ما أسمته الإدارة الأمريكية بصفقة القرن بشكل عام ومحاولة فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.

وحسب الهيئة القيادية لمسيرة العودة وكسر الحصار فإن مسيرة العودة الأولى التي شارك فيها مئات الآلاف من الفلسطينيين في مختلف مناطق قطاع غزة، أكدت للعالم وحدة الشعب الفلسطيني والثبات في حقوقه الوطنية .وأعادت غزة على الواجهة الدولية من جديد.

وقال القائمون على مسيرات العودة أن المسيرة الأولى نجحت في إرسال رسائل للاحتلال الإسرائيلي أن الانفجار لن يكون إلا في وجه الاحتلال، والرسالة الثانية للإدارة الأمريكية أن محاولات صفقة القرن وفصل غزة عن الوطن ستبوء بالفشل، لأن الشعب الفلسطيني مصمم على الاستقلال ومستمر في النضال والكفاح حتى نيل حقه في العودة وتقرير مصيره.

ورغم تطور السلاح السلمي الذي يستخدمه شباب قطاع غزة المنتفض ضد الاحتلال وحصار قطاع غزة، والوصول إلى استخدام سلاح الطائرات الورقية التي نشبت بسببها آلاف الحرائق في الأراضي الزرعية الاستيطانية على حدود قطاع غزة، إلا أن إسرائيل تتلذذ في قنص الأطفال والنساء والشيوخ والشباب وطواقم الاسعاف والصحافيين وكافة الفئات الفلسطينية التي تشارك في هذه المسيرات بسبب تحكمها في المناطق الحدودية عبر السياج الالكتروني ثم ابراج المراقبة العسكرية ما يعطيها المجال لفعل ذلك.

ورغم ارتباط مسيرات العودة بقضية كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، إلا أن الفلسطينيون أنفسهم يعلمون أن كسر الحصار لن ينجح بدون المصالحة الوطنية الفلسطينية وعودة السلطة الفلسطينية لإدارة أمور القطاع وتحديدة المعابر مع إسرائيل ومع مصر. ثم يصار إلى العمل على كسر الحصار الإسرائيلي الذي تستغل إسرائيل فيه ملف المصالحة وحكم حركة حماس للقطاع.

ويرى الكثيرون أن حركة المقاومة الإسلامية حماس استغلت الشباب الفلسطيني في قطاع غزة كي تعودة إلى الواجهة من جديد في ظل الوضع الاقليمي المتدهور خاصة في سورية، وانشغال العالم عن القضية الفلسطينية وتحديدا حصار قطاع غزة، وكي تقول “نحن هنا” والمقاومة مستمرة للاحتلال الإسرائيلي، رغم الحديث المستمر عن هدنة طويلة الأمد مع الاحتلال مقابل بعد التسهيلات لحياة الغزيين.

على الجانب الآخر تطفو على السطح فكرة أن أجيال كثيرة من رجال ونساء وشباب قطاع غزة وبسبب الحصار المفروض على القطاع منذ سيطرة حماس بالقوة على السلطة، وعدم القدرة على السفر والدراسة والعمل خارج القطاع، لم يتبقى لهم ما يخسرونه، وبالتالي مشاركتهم بهذا الحجم الكبير، إنما هو حالة تفريغ طبيعية لما يعانيه الفلسطينيون في النقطة الجغرافية الأكثر اكتظاظًا في العالم وهي قطاع غزة.

وجاءت قضية وقف الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لتزيد الطين بلة، فأعداد اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة كبيرة جداً، وما تقدمه الأونروا لهم في قطاع التعليم وحده حجمه كبير جداً، خاصة وأن ثلاثة حروب إسرائيلية على قطاع غزة أوصلت عديد الغزيين إلى الحضيض.

اسرائيل من طرفها تبرر استخدام قواتها الرصاص الحي ضد المتظاهرين المشاركين في مسيرات العودة بالدفاع عن حدودها، كما تواصل اتهام حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة بمحاولة استخدام الاحتجاجات كغطاء لشن هجمات. وسقط منذ الثلاثين من آذار مارس الماضي، 179 شهيدًا من الفلسطينيين برصاص الجيش الاسرائيلي منذ الثلاثين فيما قتل جندي اسرائيلي في العشرين من تموز/يوليو.

وفي إسرائيل أيضًا تحدثت وسائل الاعلام الاسرائيلية، إلى ان أحداث مسيرة العودة على حدود غزة تشير إلى اقتراب حرب جديدة بين إسرائيل وحركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية الموجودة في غزة. وأكدت إسرائيل أن عدد المشاركين في آخر مسيرة على حدود القطاع قد وصل إلى قرابة 13 ألفًا لاول مرة منذ اشهر، اضافة إلى ان المظاهرات كانت بشكل اعنف بشكل ملحوظ، بعد ان حاول عشرات الشبان اجتياز السياج الحدودي.

وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى تحذير على لسان عضو الكنيست حاييم ييلان، الذي يعتبر أحد قادة المستوطنات في محيط غزة، أن وقف إطلاق النار ينهار وأن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة الاسرائيلية، معتبرًا ان الخلافات في الحكومة الاسرائيلية بسبب تدخل الولايات المتحدة الأمريكية لتمرير “صفقة القرن” وانشغال الجيش الاسرائيلي في الجولان هو ما يؤجل اندلاع الحرب فق. وأشارت مصادر دولية تحذيرها من أن الوضع على وشك الانفجار بسبب استمرار الحصار على القطاع واشتداد الازمة الانسانية في غزة.

وفي سياق الحرب على غزة قال ضابط كبير في سلاح اليابسة الإسرائيلي لصحيفة “هآرتس” إن الحاجز الذي يقام فوق وتحت سطح الأرض، حول قطاع غزة، والذي يهدف إلى منع تسلل الأنفاق إلى إسرائيل لن يزيل التهديد بالكامل. وقال “العائق يصد بشكل كبير انفاق حماس الخارقة للسياج… لكن لا يمكننا خداع انفسنا .. هناك إدراك اليوم بانه لا يوجد عائق لا يمكن خرقه، وسنواصل البحث عن أنفاق حتى بعد بناء العائق.”

وتعتقد القيادة الجنوبية أنه إذا طُلب من الجيش دخول القطاع في جولة أخرى من القتال، حتى لو كان ذلك محدودًا، فإن القوات ستواجه تحديات جديدة لم تشهدها حتى الآن. ووفقًا لتقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن حماس تقصد جعل الجيش يناور داخل قطاع غزة. وقال الضباط الرفيع: “تدرك حماس أن العائق هو مشكلة وتستثمر موارد أقل اليوم في بناء أنفاق تتسلل إلى إسرائيل، لكنها تواصل تعزيز شبكة أنفاقها داخل غزة. ستفعل حماس كل ما في وسعها لإجبار الجيش الإسرائيلي على دخول قطاع غزة. وهي تفهم بأنها تتمتع بتفوق هناك ولذلك تواصل بناء أنفاق داخل أراضيها”.

ويدعي الجيش الإسرائيلي أن لدى حماس القدرة على إرسال الطائرات الشراعية التي ستستخدم أيضا كقنابل طائرة. وعلى النقيض من البالونات والطائرات الورقية، فإن الطائرات الشراعية والطائرات بدون طيار أكثر دقة ويمكن أن تجد أهدافا بسهولة وفعالية داخل البلدات الإسرائيلية أو بالقرب من قوات الجيش المرابطة بالقرب من السياج. وقال الضابط الرفيع: “نحن مستمرون في الاستعداد وتعلم موضوع العبوات المرتبطة بالبالونات والطائرات الورقية. حاليا يجري الحديث عن وسائل بسيطة، لكن التقدير هو أن حماس تدرك إمكانات هذا الشيء”.

ووفقاً لادعاء الضابط، فقد حسّنت حماس في السنوات الأخيرة قدراتها في كل ما يتعلق بالعبوات الناسفة، سواء من حيث نوعية المتفجرات أو نوعية أنظمة التشغيل. ويمكن رؤية الأدلة على ذلك في حادثين وقعا مؤخرا وأصيب فيهما جنود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق