السلايدر الرئيسيمال و أعمال

الحكومة التونسية تنفي نية خوصصة المؤسسات العمومية رغم تأكيد الاتحاد العام التونسي للشغل

ـ تونس ـ خاص ـ بين التكذيب من الجهات الحكومية الرسمية وتأكيد الاتحاد العام التونسي للشغل تراوح مسالة التفويت في المؤسسات الحكومية العمومية إلى الخواص مكانها. وبعد أن نشر اتحاد الشغل على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” لائحة تضم مجموعة من المؤسسات العمومية مؤكدا أن الحكومة تنوي التفويت فيها للقطاع الخاص نفى الناطق الرسمي للحكومة إياد الدهماني، وجود قائمة لمؤسسات عمومية قررت الحكومة خوصصتها.

واتهم الاتحاد العام التونسي للشغل الحكومة التونسية الحالية بالسعي إلى التفويت في المؤسسات العمومية التي تعاني صعوبات مالية خانقة، مؤكدا في أكثر من مناسبة رفضه المطلق لهذه الخطوة التي يصفها بالخط الأحمر الذي لا يمكن أن يسمح بتجاوزه، معلنا أن الاتحاد، بوصفه أكبر وأعرق منظمات البلاد، سوف يتصدى لذلك بكل الطرق الممكنة لأنه يعتبر أن الحفاظ على القطاع العمومي من أكبر مسؤولياته كمنظمة نقابية تحرص على صون حقوق المواطن التونسي وتذود على حقوق الشغالين.

وأثار نشر القائمة التي تضمنت عددا من أهم وأكبر المؤسسات العمومية التونسية الحيوية مثل بعض البنوك والمؤسسات المالية وبعض المؤسسات الصناعية المنتجة لمواد حيوية مثل الفسفاط والسكر ومؤسسات دراسية وبحثية وكذلك بعض مؤسسات النقل العمومي البري والبحري والجوي وكذلك مؤسسة الطباعة والنشر ومؤسسة الإذاعة والتلفزة العمومية ضجة كبيرة حول القرار سواء في الأوساط السياسية والاقتصادية، أو لدى الرأي العام وفي وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

تواصل التصريحات بين النفي من جهة الحكومة، والتأكيد على صحة الخبر ووجود القائمة من جهة الاتحاد العام التونسي للشغل، يأكد أهمية القضية وتأثيرها المباشر على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في تونس.

ويلامس موضوع خوصصة المؤسسات الحكومية بشكل مباشر الحياة اليومية للمواطن التونسي ويؤثر على مستواه المعيشي، حيث يعتبر العديد من الخبراء الاقتصاديين وكذلك من السياسيين بأن خوصصة المؤسسات الحكومية لا تضعف فقط القدرة الشرائية للمواطن، بل من شأنها أن تحدث اختلالا في جل موازنات الدولة وهو ما يضعف دورها الإداري وبالتالي يؤكد فشل مؤسساتها وسياساتها.

بعض القراءات اليسارية ترى أن نية الحكومة التفويت في المؤسسات العمومية، ليست وليدة اليوم، بل هي امتداد لسياسات رسمية قديمة، وهي جميعها تمثل رجع صدى لإملاءات الصناديق المالية الدولية التي تحاول دائما فرض شروطها على الدول المدينة.

وفي الجانب المقابل يؤكد مختصون وخبراء اقتصاديون بأن خوصصة المؤسسات الحكومية تمثل حلا قادرا على إخراج البلاد من وضعها الاقتصادي المتأزم وتحقيق النمو الاقتصادي المنشود الذي يقوم على تنشيط الاستثمار وتحسين الخدمات التي كانت تشرف عليها مؤسسات عمومية وبالتالي تحقيق التنمية التي قامت من أجلها الثورة التونسية، وما يعزز هذه القراءة أن أغلب المؤسسات الواردة في اللائحة هي مؤسسات تعيش منذ سنوات أوضاعا مالية واقتصادية صعبة.

اختلاف القراءتين حول وجاهة خوصصة المؤسسات العمومية من عدمها، لا يخفي أنها قراءات متفقة على الصعوبات التي تعيشها هذه المؤسسات، لكن اختلاف التشخيص هو الذي أدى إلى تباين المواقف، المواقف الرافضة ترجع الصعوبات المالية إلى الفساد والهدر المالي وسوء التصرف، والمواقف المساندة تعيد الأمر إلى ما تمثله هذه المؤسسات من أعباء على الدولة بالنظر إلى تشغيليتها الكبيرة وعدم مردوديتها وتخلف خدماتها.

وكان النائب في البرلمان التونسي عن الجبهة الشعبية فتحي الشامخي قد اتهم الدولة بالفساد، مبينا أن الفساد المستشري في الدولة يدفع المؤسسات العمومية للخسارة مشيرا إلى أن التجربة التونسية في هذا الصدد أثبتت أن الشركات العمومية التي تم بيعها في شتى القطاعات كشفت أن الفساد ليس بالمؤسسة في حد ذاتها إنما في سياسات الدولة والدليل أنه وبعد عملية البيع تصبح شركات ربحية ومنتجة.

وقال رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية (وهي منظمة تمثل الأعراف ورجال الأعمال) طارق الشريف، على هامش افتتاح الندوة الوطنية حول التوجهات الاقتصادية والاجتماعية لمشروع قانون المالية لسنة 2019 تحت عنوان “دفع النمو والإدماج الاجتماعي والجهوي”، الجمعة 14 سبتمبر 2018، إنّ “أمام تونس خيارين فقط لتجاوز أزمتها الخانقة، أولا التخفيف من مصاريفها خاصة قيمة الأجور، وثانيا خوصصة المؤسسات العمومية”.

وأوضح الشريف أنه على الحكومة خوصصة المؤسسات العمومية، رغم الضغوطات التي تتعرض لها، لأن تحسينها أو هيكلتها غير ممكن، فهي تكلف الدولة سنويا أكثر من ألف مليار دينار. واعتبر أن الخط الأحمر اليوم هو الإصرار على انتهاج سياسات خاطئة والتعنت في مواصلتها، مؤكدا أن بيع المؤسسات العمومية للقطاع الخاص أو لمستثمر أجنبي سيؤدي إلى تحسن إنتاجها لتتخلص الدولة من خسائرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق