ـ القاهرة ـ من شوقي عصام ـ من المعروف أن الشعب المصري يملك من الدعابة والتنكيت جانبا كبيرا، يسيطر على الحياة اليومية لجزء كبير من الجموع المصري، وتعتبر “النكتة” من الطرق التي يواجه بها الكثير من المصريين الصعوبات والأحوال المعيشية الصعبة، وهي النكت التي كثيرا ما تستخدم على الساسة، فلم يسلم حاكم في مصر من التنكيت عليه، ويكون بحسب مراقبون، من ذكاء الحاكم، تقبل هذه النكت وعدم التعامل معها على محمل الجد، وتفهم أنها وسيلة لتفريغ شحنات ضد قرارات أو إجراءات أو حتى تصرفات من جانب الحاكم.
لم يفلت حاكما في مصر من التنكيت عليه ، وعلى الرغم من أن “النكت” كانت تجلب غضب الحكام على المصريين بفرض الضرائب أو السجن وأحيانا التعذيب والقتل في قرون ماضية وقت حكم العثمانيين والمماليك، إلا أن في العهد الجمهوري، تغير الأمر، فحتى الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر الذي كان يعتبر مقدسا لقطاع كبير من المصريين ، إلا أن “النكت” عليه كانت مستمرة، والرئيس الأسبق أنور السادات، كان له نصيب من “نكت” شديدة القسوة لاسيما في فترة اللاحرب واللاسلم، ولكنه كان يعتبرها تفريغا من جانب طلاب الجامعة الذين ينتظرون سنة الحسم بالعبور إلى سيناء.
“السيسي” وضح عليه تقبل تنكيت المصريين ،سواء عليه أو على أحاديثه ، وهي “النكت” التي تصاعدت معدلاتها في الأيام الأخيرة، بعد الخطاب الخاص بزيادة أوزان بعض المصريين بسبب اتباع نظم غذائية غير سليمة.
الرئيس المصري فتح الأمر مجددا ، في أحدى زياراته لمحافظة الإسكندرية أمس الأربعاء ، وداعب المصريين، بسبب أعداد “النكت” التي خرجت من المصريين عن حديثه على الوزان الزائد ، وقال أن اعدادها يفوق الخيال، مطالبا إياهم بتقليل معدل التنكيت ، قائلا:”أرجو تنكتوا على مهلكم شوية عليه”!، رافضا ما يتردد في هذا الأمر، حول أنه يعاير المصريين ، متابعا:”حد يعاير أهله؟!، مطالبا الآباء والآمهات بضرورة الاهتمام بالنمط الغذائى لأطفالهم، مشددا على ضرورة مواجهة أمراض السمنة والأنيميا والتقزم، والتي يعاني منها طلاب المدارس.
أستاذ علم الاجتماع السياسي عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الدكتورة هدى زكريا، قالت أن المصريين عندما يعانون من الهموم يحاولون التعالي عليها بالسخرية منها لتخفيفها ،وهو نوع من العلاج النفسي الشعبي ، لافته إلى أن معدل التنكيت الزائد يصدر ممن لا يجدون دورا لأنفسهم في الحياة والعمل، فالمصريون أيضا هم من قالوا:”الفاضي بيعمل قاضي”
وأوضحت”زكريا”،في تصريحات لـ””، أن التنكيت أمر يسلك طريق غير ما نراه من السخرية على كل شئ، حتى الأمور التي تتعلق بالمصلحة العامة ، وهناك من هم ليس لديهم عمل سوى النظر في الهاتف المحمول، ووسائل التواصل الأجتماعي، والكتابة الساخرة بالتباهي بالجهل، فهذا ليس تنكيت وإلا يكون أيضا رأي، لأن الأراء مبنيه على معلومات ومعرفة.
وتابعت: “الرئيس السيسي ضحك على هذه الحالة، لأنه لم يأخذ الأمر مأخذ الجد بسبب حجم المبالغة في التنكيت”، موضحه على حد قولها، أن المصريين يتعالون على هذا النوع من الناس بالمثل الشعبي المعروف:”مبقاش حد إلا لما سكنا..حتى المتسخم كلبنا”.
بينما أوضح أستاذ الأجتماع السياسي ، الدكتور أحمد جلال، أن جزء كبير من الشعب المصري، يتعامل مع الكثير من أوضاعه بالتنكيت، والحكام كثيرا ما يقبلون هذا التنكيت في التاريخ الحديث، ولكن قديما في عهد العثمانيين والمماليك كان يطيح برقاب من ينكت، ويأتي بصب الغضب على العامة من الشعب
وأشار “جلال”في تصريحات لـ””،إلى أن هناك من هم يقوموا بالتنكيت على الحاكم في علاقة كلاسيكية تحمل انتقادا أو اعتراضا لطيفا ، وهناك من يتعاملون مع الأمر، كأداة لنشر الأحباط ، واستغلال بعض الأوضاع الإقتصادية الصعبة.