أقلام يورابيا

أعظم إنجازات السيسي أن يرفض تمديد رئاسته لمصر

كيرلس عبد الملاك

كيرلس عبد الملاك

اعتدنا كلما يصل رجل عسكري إلى كرسي الحكم في مصر أن نجد من يطالب بتجليسه على عرش مصر إلى الموت بطرق وأساليب مختلفة وحجتهم الرئيسية على مر العصور في مطالبتهم هذه أن ذاك الحاكم هو الأصلح والأجدر لحكم مصر وكأن جميع المصريين الذين يصل عددهم اليوم إلى أكثر من مائة مليون نسمة بما فيهم رجال العسكرية المصرية لا يوجد فيهم شخص واحد فقط يشابه الحاكم في هذه الصلاحية وتلك الجدارة.

 

تندمج مع هذه الحجة الخالية من المنطق حجة أخرى وهي أن الزمن الحالي لا يسمح بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة نظرًا لما يمر بالوطن من تحديات، يعرضون هذه الحجة الساذجة كأن الوطن سوف ينتهي من التحديات في يوم ما، فمن المعلوم تاريخيًا وواقعيًا أن أي دولة في العالم مهما بلغت من تفوق وتقدم ورقي لا يمكن أن تنتهي من التحديات ولا يعقل أن تتوقف داخلها الصعاب لأنها تعيش في سعي واجتهاد دائم نحو الاستقرار والنجاح، وإذا احتج الحاكم بانتهاء التحديات الوطنية والمجتمعية لكي يتفضل بتنفيذ قواعد الديمقراطية الحقة لن يقبل الديمقراطية إلى نهاية عمره، وإذا سارت أي دولة على ذاك النهج بشكل دائم لن يرى شعبها ديمقراطية إلى الأبد إلا بثورة حقيقية على الفساد الإداري داخل أجهزة الدولة.

 

أما عن الحجة الثالثة التي اصطدمت بها حديثا فهي تتمثل في رفض متبنيها دخول شخص آخر على إنجازات الرئيس عبد الفتاح السيسي لكي لا ينسبها لنفسه! وكأن رئيس الجمهورية يمتلك هذه الإنجازات الوطنية، هذه الحجة الرخيصة عجز عقلي عن تفسيرها لكثير من الوقت من فرط ما احتوته من تملق ونفاق، فمن الطبيعي والمنطقي أن رئيس الجمهورية في أي دولة يعمل على تحقيق مشروعات في مختلف المجالات وهذه المشروعات منها ما يمتد تحقيقه لبضعة أيام ومنها ما يوضع في خطة وطنية ممتدة لعشرات السنوات المستقبلية من المحتمل ألا يعاصرها الرئيس ما يضع الوطن في حالة من العمل الدائم غير المرتبط بأشخاص، أي أن ربط انتهاء مدة الرئاسة بانتهاء المشروعات أو الإنجازات التي يقرر رئيس الجمهورية تنفيذها هو نوع من التخريب الإداري للمسار السياسي للدولة، وهو مؤدي أيضًا إلى وقف المسار الديمقراطي بشكل تام وتعزيز الديكتاتورية بشكل صريح لا جدال فيه.

 

وللعلم فإن رئيس الجمهورية لا ينفذ الإنجازات بيديه لكن المواطنين هم الذين ينفذوها بسواعدهم أما رئيس الجمهورية فهو يتخذ القرار بالرجوع إلى مستشاريه ليس أكثر، وإذا كان رئيس الجمهورية هو مالك الإنجازات الوطنية المنفذة في عهده كما يدّعي أصحاب هذه الحجة البلهاء فمن الواجب علينا أن نعيد الرئيس محمد حسني مبارك لكي يكمل ما بدأه من إنجازات غير مكتملة مثل المدن الجديدة التي بنيت في عهده ولم تكتمل إلى يومنا هذا لأنه لا يصح أن نترك رئيس آخر يكملها حسبما يقولون!

 

الانتماء إلى رئيس الجمهورية على حساب الانتماء للوطن هو قمة الخيانة للوطن، لأنه يوجه العمل لصالح شخص متجاهلا صالح الوطن والمنتمين له، ما يدفع ذلك الوطن إلى الانحدار والتقهقر، ويجعل منه مرتعا للمصالح الشخصية.

 

أعظم الإنجازات التي يمكن أن يحققها الرئيس السيسي على الإطلاق، في تصوري، هو أن يوقف حملة النفاق المتمثلة في رفع دعاوى تغيير الدستور وتمديد فترات الرئاسة بتأكيده على التزامه بالدستور احترامًا للشرعية التي وصل إلى منصبه من خلالها لينهي علاقته برئاسة الجمهورية بنهاية فترته الثانية، هذا إذا حدث بالفعل سيكون إنجازًا باهرًا غير مسبوق في تاريخ مصر وأظن أنه سوف يُنسى المصريين أي إخفاق سابق حدث في عهده لأنه سوف يؤكد للجميع أن رئيس الجمهورية حسن النية لم يريد شيئا لذاته.

 

وعلى الرغم من أمنيتي هذه لكن المتوقع والمنتظر في ظل المنهجية الحالية لأجهزة الدولة المصرية هو حدوث التمديد لفترات الرئاسة المنصوص عليها في الدستور وحينها سيكون علينا أن نعيد مشاهد العهود الماضية من الديكتاتورية والتقهقر الوطني والتغييب الشعبي، وهنا سوف نعود لانتظار إفاقة جديدة تنتشل مصر من مستنقع الفشل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق