السلايدر الرئيسيتحقيقات
في الذكرة العاشرة لعدوان “2008”… الغزيون يستذكرون اللحظات القاسية ويتمنون عدم تكررها
محمد عبد الرحمن
ـ غزة ـ من محمد عبد الرحمن ـ يوافق اليوم الخميس 27 ديسمبر 2018، الذكرى السنوية العاشرة للعدوان الإسرائيلي الأول على قطاع غزة، والتي استمر لـ 23 يومًا.
وأطلق الاحتلال على هذا العدوان اسم “الرصاص المصبوب”، فيما أطلقت عليها المقاومة “معركة الفرقان”، ولم يتمكن الاحتلال من تحقيق أهدافه فيه.
حيث تعرض القطاع لعدوان إسرائيلي شرس، لم يتعرض له منذ عدة سنوات، فالمشاهد القاسية ومسلسلات الموت ما زالت حاضرة في أذهان الغزيين لا تمحى من ذاكرتهم، متخوفين من تكرارها مرة أخرى، ويحالون نسيانها.
فالبشر والحجر والشجر كانوا مستهدفين من قبل، آلات البطش الإسرائيلية، فلم يكن هناك بيت في قطاع غزة لم يذق الأسى، فإن لم يهدم يستشهد منه شخص أو أكثر وأن لم يخرج منه شهداء فيوجد مصابين، فهذا هو حال الغزيين خلال الـ(23 يوماً)، والتي تعتبر من أقسى الأيام التي عاشوها متمنين بأن لن تعود أبدا.
منطقة الجوازات غرب مدينة غزة، والتي تعرضت لمجزرة إسرائيلية شرسة، راح ضحيتها عشرات من عناصر الشرطة الفلسطينية الذين كانوا في دورة تدريبية فتلك المشاهد ما زالت حية في أذهان المواطنين.
وعن ذلك يقول محمد عبد العال الذي فقد اثنين من إخوانه في هذه المجزرة، أثناء تلقيهم تدريبات للحصول على رتبة عسكرية في عملهم” تألمنا كيراً في هذه الحرب، فهى أفقدتنا أشخاص لم نكن نتوقع ان يتركونا ويغادروا سريعاً، فإخواني لم يرتكبوا أي ذنب سوى أنهم من أفراد الشرطة الفلسطينية يخدمون المواطنين”.
ويضيف” مشهد أخواني وهم يفترشون الأرض ما زال عالقاً في ذهني حتى الآن لم يغيب، رغم مرور عشرة أعوام، فخبر استشهادهما كان بمثانة الصعقة، لم أتمالك نفسي وظننت أني بحلم عندما وصلت مستشفى الشفاء ورأيت إخواني، في ثلاجات الموتى صعقت، ولم أتمالك نفسي، وتعرضت للإغماء، وبعد أن فقت حمدت الله على ما قدره”.
مدينة أشباح
في حين يقو المواطن أبو محمد المصري من سكان بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة” حرب عام 2008 كانت بمثابة الكابوس الذي، يتمنى الإنسان إن يفوق من نومه، حتى يتخلص منه، لكي يخرج من المشاهد الأليمة والتي لا تطاق، فبلدة بيت حانون تعرضت لهجمات شرسة من قبل، المدفعية الإسرائيلية والمقاتلات الحربية، حتى تحولت البلدة إلى مدينة أشباح”.
ويصمت قليلاً وتابع حديثه في كل لحظة كنا نخشى أن نتعرض، للموت أو يهدم منزلنا على رؤوسنا، لأن الاحتلال الإسرائيلي، خلال عدوانه كان يستهدف البشر والحجر والشجر ولا يفرق بين مواطن أو حامل سلاح وبين رضيع أو مسكن فكافة، سكان القطاع كانوا في دائرة الاستهداف”.
أيام عصيبة لا توصف
ويستطرد قائلا: نتمنى ألا يتكرر هذا العدوان مرة أخرى، لأننا خلاله عشنا أيام عصيبة لا توصف، وخسرنا بيوتنا، مشيراً إلا أنهم ورغم الخوف الشديد الذي كان يسطر عليهم خلال إل(23 يوما) ألا أنهم كانوا واثقين بالمقاومة الفلسطينية أدائها وكنوا على يقين أن الاحتلال سوف يستسلم.
أما الشاب حسين محمد، فلازال يحمل في ذاكرته أقسى الصور، فهو كان أحد شهود العيان على مجزرة عائلة الداية، الذين تعرضوا لقصف من قبل الطائرات بصورة بشعة، ليصدم بمشاهد مأثرة حيث أن الجثث كانت ملقاة في كل مكان.
جثث متفحمة
ويقول كنت في منزلي بحى الزيتون، إلا وقامت طائرات الاحتلال الإسرائيلي باستهداف منزل عائلة الداية في المنطقة، فزعت من النوم وهرعت إلى المكان بسرعة، وشاهدنا جثث متفحمة ملقاة على الأرض، لم أتحمل المشهد ولم أستطيع بانتشال الجثث لبشاعة المشهد.
أبو أحمد(42عاماً) شاهد على مجزرة عائلة المصري، والتي راح ضحيتها جميع افراد العائلة، تقول كنا في أحد الأيام متجمعين على مائدة الغداء أنا وزوجتي وابنائي، فتفاجئنا بسماع دوي انفجار قوي وانهالت كافة نوافذ المنزل فعهرنا لنري ما الذي حدث.
أقسى لحظات حياتي
وتتابع: عندما ذهبنا للمكان والذي لا يبعد سوى أمتار عن منزلنا، صعقت من بشاعة المشهد، فعندما شاهدت الأب والأم والأبناء ملقين على الأرض ومتفحمين لم أتمالك نفسي من البكاء والصراخ، فلم أنسي هذه اللحظة والتي تعتبر من أقسى لحظات حياتي، وأتمنى أن لن تتكرر ابداً لأن أثارها باقية حتى الان.
وجاء العدوان الإسرائيلي بعد انتهاء تهدئة دامت ستة أشهر توصلت لها الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي برعاية مصرية، لكن الاحتلال خرق التهدئة أكثر من مرة ولم يلتزم ببنودها مما دفع المقاومة لعدم تمديدها.
وعمل الاحتلال حينها على تضليل المقاومة الفلسطينية من خلال إعلانه عن مهلة مدتها 48 ساعة لوقف إطلاق الصواريخ من غزة، وبدئه الحرب بعدها بـ 24 ساعة فقط.
وبعد 23 يومًا من بدء العدوان، أعلن رئيس حكومة الاحتلال “إيهود أولمرت” عن إيقاف إطلاق النار من جانب واحد دون الانسحاب من غزة، تلاه في اليوم التالي إعلان الفصائل الفلسطينية هدنة لمدة أسبوع، كمهلة لانسحاب الجيش الإسرائيلي، وهو ما حدث.
وأسفر العدوان على غزة عن استشهاد نحو 1330 شهيدًا غالبيتهم العظمى من المدنيين والنساء والأطفال، في حين أصيب 5500 مواطنًا العديد منهم يعاني حتى الآن من إعاقات دائمة.
أما الاحتلال فاعترف بمقتل 13 إسرائيليًا بينهم 10 جنود وإصابة 300 آخرين، إلا أن المقاومة أكدت أنها قتلت أكثر من 100 جندي.
فيما أعلنت المقاومة عن إطلاقها أكثر من 1500 صاروخ وقذيفة على أهداف إسرائيلية خلال تصديها للعدوان.