رياضة
يوم أسود لكرة القدم الإيطالية بسبب صيحات عنصرية ومقتل مشجع
ـ روما ـ عاشت كرة القدم الإيطالية يوما أسود الأربعاء بسبب الصيحات العنصرية المتكررة تجاه مدافع نابولي الدولي السنغالي كاليدو كوليبالي ووفاة مشجع لنادي إنتر ميلان عقب أحداث شغب حول ملعب مباراة الفريقين في المرحلة الثامنة عشرة من الدوري.
وكتب كوليبالي باللغة الإيطالية عقب المباراة في حسابه على تويتر “مستاء للخسارة وخصوصا التخلي عن إخواني (الطرد في الدقيقة 80). ولكنني فخور بلون بشرتي. بكوني فرنسيا، سنغاليا، ومن نابولي. بأنني رجل”.
قبل ذلك بساعة، طرد كوليبالي الذي استهدفته “صيحات القردة” مرات عدة خلال المباراة، في الدقيقة 80 بتلقيه إنذارين في مدى دقيقة واحدة، الأول لارتكابه خطأ بحق المهاجم ماتيو بوليتانو، والثاني لمقابلته قرار الحكم باولو سيلفيو ماتزوليني بالتصفيق الهازئ.
وكانت النتيجة وقتها التعادل السلبي قبل أن يقتنص البديل الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز هدف الفوز في الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع.
وبحسب مدربه كارلو أنشيلوتي، طلب الجهاز الفني لنابولي مرارا وتكرارا وقف المباراة دون جدوى. وقال في تصريح لقناة “سكاي”: “طلبنا ثلاث مرات وقف المباراة وكان هناك ثلاثة إعلانات لكن المباراة استمرت”، مضيفا “كان اللاعب عصبيا، ومعنوياته لم تكن في أفضل حالاتها. إنه لاعب هادئ جدا ومحترف جدا. ولكن كان هناك صراخ طيلة المباراة”.
وتابع “يبدو هذا وكأنه عذرا، لكن اللاعب كان قلقا ومتوترا. لم يكن ذلك جيدا بالنسبة لنا ولا لكرة القدم الايطالية”.
وأردف قائلا “الحل موجود، عليك أن توقف المباراة، عليك فقط أن تعرف متى وإذا لم تكن تعرف، ففي المرة القادمة نحن من سيتوقف عن اللعب”.
سابقة مونتاري
وتعتبر “صيحات القرد” ظاهرة متكررة في كرة القدم الإيطالية وكوليبالي الذي حصل الخميس على دعم نجم يوفنتوس الدولي البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي كتب عبر مواقع التواصل “لا للعنصرية وجميع الإهانات والتمييز العنصري”، سبق له أن كان ضحية هذه الصيحات في شباط/فبراير 2016، خلال مباراة ضد لاتسيو بالملعب الأولمبي في العاصمة.
وبدوره، عانى لاعب وسط يوفنتوس الدولي الفرنسي بليز ماتويدي من أحداث مماثلة مرتين، في كانون الثاني/يناير 2018 في المباراة ضد كالياري، وفي كانون الأول/ديسمبر 2017 على أرض هيلاس فيرونا.
خلال موسم 2016-2017، ترك الدولي الغاني سولي علي مونتاري الذي كان يلعب وقتها مع بيسكارا، أرضية ملعب كالياري بعدما كان أيضا ضحية لهتافات عنصرية. وقد نال عقابا على تركه الملعب إنذارا ثانيا وأوقف مباراة واحدة، قبل أن يتم إلغاء العقوبة عند الاستئناف.
قبلهم، واجه لاعبون آخرون المصير ذاته أبرزهم العاجي زورو، الغاني كيفن برينس بواتنغ، النيجيري أكيم أومولادي والكاميروني صامويل إيتو، دون أن يؤدي ذلك إلى فرض عقوبات حقيقية.
وكان ماورو فاليري، مسؤول المرصد حول العنصرية ومكافحة العنصرية في كرة القدم، قد أكد لوكالة فرانس برس عقب قضية مونتاري في أيار/مايو 2017 أنه “ليس هناك أي حادث تقريبا لا يفي للمعايير التي يجب توافرها كي تتم معاقبة الأندية. والعقوبات، وإن فرضت، فإنها مع وقف التنفيذ. إنه أمر مثير للسخرية”.
إدانات بالجملة
والخميس، أكد عمدة مدينة ميلانو جوزيبي سالا أنه “خجِل” من الصيحات العنصرية لجماهير إنتر ميلان وتقدم “باعتذار” باسم مدينته لمدافع نابولي.
واعتبر سالا في حسابه عبر “فيسبوك” أن “صيحات القردة التي وجهت لكوليبالي عار. عمل مشين، لاعب جدي يحمل بفخر لون بشرته”.
وأضاف “سأستمر في الذهاب لمشاهدة مباريات الإنتر، لكن عند الصيحات الأولى سأقوم بلفتة صغيرة. سأقف وأغادر (الملعب). سأقوم بذلك لنفسي، إدراكا مني أن أولئك الذين يطلقون الصيحات العنصرية تجاه رياضي أسود لا علاقة لهم برد فعلي. ولكنني سأفعل ذلك”.
وتابع “بانتظار ذلك، أعتذر لكاليدو كوليبالي، باسمي واسم ميلانو السليمة، التي تريد أن تظهر أنه بإمكاننا أن نشعر بأننا إخوة حتى في الأوقات الصعبة التي نعيشها”.
كما اقترح سالا أن يمنح إنتر ميلان في المباراة المقبلة شارة القائد لمدافعه الدولي الغاني كوادوو أساموا.
من جهته، اعتبر الهولندي مينو رايولا، وكيل الأعمال الجديد لكوليبالي، أنه “إذا لم تتمكن إيطاليا من التغلب على هذا السرطان، فليس لها مستقبل”، مضيفا “كرة القدم مرآة للمجتمع. يجب أن يكون هناك هدف واحد، شجاعة، أفكار صحية”.
وأعلن الرئيس الجديد للاتحاد الإيطالي للعبة غابرييلي غرافينا “ندين جميع اشكال العنف، سواء كانت جسدية او لفظية، التمييز العنصري عامل خطير. لا نقبل ان يكون مثل هذا السلوك ضارا بكرة القدم”، معربا عن رغبته في تبسيط القوانين للسماح للحكام بوقف مباراة بسهولة أكبر.
وحصلت أحداث خطيرة أيضا خارج الملعب مساء الأربعاء وأدت إلى وفاة أحد مشجعي إنتر (35 عاما) صباح الخميس بعدما دهسته سيارة خلال هجوم لمئات الألتراس لإنتر ضد شاحنة صغيرة لمشجعي نابولي.
وبحسب محافظ شرطة ميلانو مارسيلو كاردونا وهو حكم سابق في الدرجة الثانية، فإن عشرات من ألتراس الإنتر، ولكن أيضا فاريزي ونيس (جنوب شرق فرنسا) شاركوا في هذا الهجوم “الحقير” الذي أصيب على إثره أربعة من أنصار نابولي.
وتم إلقاء القبض على ثلاثة من ألتراس الإنتر، وأعلن المحافظ أنه سيطلب منع تنقل جماهير إنتر ميلان حتى نهاية الموسم، وكذلك إغلاق لمدة 6 مباريات للمدرج الذي تجتمع فيه المجموعات الرئيسية لمشجعي نادي النيراتزوري.
وأعلن وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني أنه سيستدعي في كانون الثاني/يناير مسؤولي ومشجعي أندية الدرجتين الأولى والثانية.
وشدد على أنه “من غير الممكن الموت من أجل مباراة كرة قدم”، دون الإشارة إلى الهتافات العنصرية تجاه كوليبالي. (أ ف ب)