أوروبا
الاوروبيون يحاولون الالتفاف حول العقوبات على ايران
– تبحث دول اوروبية إنشاء نظام تجاري بديل يقوم على المقاصة من أجل الالتفاف على العقوبات الاميركية والسماح لايران بالاستمرار في تصدير النفط.
وتدرس فرنسا والمانيا وبريطانيا تأسيس “منشأة ذات غرض خاص” تشبه المقاصة بهدف اخراج ايران من التعقيدات المالية وفي الوقت ذاته تسمح لها بالتجارة، بحسب مجلة “در شبيغل” وصحيفة “هاندلسبلات” المتخصصة في الاعمال.
وإذا باعت إيران مثلا النفط الى شركة اسبانية وقام مصنّع ألماني بتجهيز منشأة في طهران فان المبلغ المتوجب مقابل النفط سيستخدم مباشرة لدفع كلفة المزوّد الالماني.
وقال مسؤول فرنسي كبير رفض الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس إنه “نظام مقايضة متطور. المشتري يدفع حقوق تعويض تعطي إيران حق شراء مواد أساسية”، موضحا أن البرنامج يمكن أن تشارك فيه دول اخرى على غرار الصين أو الهند.
روغم ان برلين ولندن وباريس تقف وراء الخطة، إلا أن “در شبيغل” ذكرت أنها ستكون مفتوحة أمام دول الاتحاد الأخرى في حال إنشائها.
وتردد أن ايطاليا مهتمة بالمشاركة في الخطة.
وصرح متحدثون باسم وزارتي الاقتصاد والمالية الالمانيتين أن هذا المشروع هو احد الخيارات العديدة التي تناقشها هذه الدول مع المفوضية الاوروبية لاستحداث “قنوات دفع مستقلة” لطهران.
وقد انسحب الرئيس الاميركي دونالد ترامب في أيار/مايو من الاتفاق الدولي حول الملف النووي الايراني الذي يهدف الى منع إيران من حيازة السلاح النووي وإخراجها تدريجيا من العزلة الاقتصادية عبر رفع العقوبات التي كانت تشلّها.
– وسائل تقنية –
وأعادت واشنطن منذ ذلك الحين فرض عقوبات مشددة تستهدف مؤسسات أو دولا أجنبية تواصل التبادل التجاري مع إيران. وتحت وطأة هذا التهديد أوقف العديد من المجموعات الكبرى (توتال وديملر…) التي تملك مصالح في الولايات المتحدة أي نشاط مع إيران تفاديا لعقوبات أميركية.
في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر ستدخل حزمة جديدة من العقوبات حيز التنفيذ وستستهدف صادرات النفط الايرانية بشكل مباشر والعمليات المصرفية مع هذا البلد الذي سيصبح معزولا عن الشبكات المالية الدولية بحكم الامر الواقع.
تملك إيران رابع احتياطي للنفط في العالم وتحتاج دول عدة في العالم للتزوّد بالنفط الخام الإيراني إذ أن مصافيها معدّة لهذا النوع من النفط دون سواه.
وأوردت “هاندلسبلات” نقلا عن وثيقة للمفوضية الاوروبية أن الاوروبيين بإنشائهم مقاصة للتبادل “سيحدون من العمليات المالية عبر النظام الدولي من وإلى إيران”. وهكذا تظل المصارف الدولية المعرضة خصوصا لخطر العقوبات الأميركية في منأى من هذه التبادلات.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية الاوروبية مايا كوسيانسيتش أن بروكسل ترغب في “التأكد من التقليل إلى أدنى حد من تأثير العقوبات على الشركات التي ترغب في القيام بأعمال قانونية مع ايران وداخلها، وفي الوقت ذاته تستطيع الحصول على التمويل الضروري”، مضيفة أن “العمل جار حاليا”.
وختم دبلوماسي أوروبي بالقول “المسألة بالنسبة الينا تتعلق بإيجاد وسائل تقنية لتتمكن إيران من الاستمرار في التصدير والاستيراد رغم العقوبات الاميركية ودون أن يتعرض المتعاملون الاوروبيون لعقوبات”.
المانيا وفرنسا وبريطانيا مصممة على إنقاذ الاتفاق الموقع في 2015 مع روسيا والصين وذلك لتفادي عودة ايران الى برنامج لتخصيب اليورانيوم ما يمكن أن يؤدي الى سباق نحو السلاح النووي في المنطقة.
– مسألة سيادة –
تشعر هذه الدول الثلاث بالقلق إزاء تراجع في موقف الرئيس الايراني حسن روحاني المدافع الشرس عن الاتفاق النووي لكن دون أن يحصد حتى الان منافعه الاقتصادية المرجوّة.
وحذر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان من أن “الاجراءات التي اتخذتها واشنطن … يمكن أن تعزز المواقف الاكثر تشددا في النظام”.
وأضاف لودريان في مقابلة مع مجلة “ليكسبرس” الاسبوعية الفرنسية في أواخر ‘آب/أغسطس الماضي “تعتقد واشنطن أن هذه الضغوط يمكن أن تؤدي الى تغيير في موقف النظام نفسه لكننا لسنا من هذا الرأي”.
ويندد الاوروبيون بأن العقوبات الاميركية تشكل تعديا على سيادتهم وعلى مصالحهم الاقتصادية وليس فقط على المصالح الايرانية.
وتخشى برلين خصوصا من أن تنعكس العقوبات الاميركية على روسيا سلبا على الصناعة الالمانية في هذا البلد.
وإزاء هذه التهديدات شدد وزير الخارجية الالمانية هايكو ماس “علينا الرد وتعزيز استقلال وسيادة أوروبا على الصعيد التجاري والاقتصادي والمالي”.(أ ف ب)