شرق أوسط
دوريات للجيش الأمريكي في مدينة منبج السورية واستنفار عسكري على الجبهات
ـ منبج ـ في أحد شوارع مدينة منبج، تشقّ عربات مصفحة للجيش الأمريكي الأحد طريقها وسط المدنيين، بعد أيام من قرار واشنطن سحب قواتها من سوريا، فيما تشهد الجبهات القريبة استنفاراً عسكرياً من قوات عدة.
تسير الدورية المؤلفة من أربع عربات بهدوء داخل المدينة، ووقف وراء المدفع الرشاش لكل منها جندي بكامل سلاحه، وفق ما شاهد مراسل فرانس برس في المكان. وتوجهت الدورية بعدها الى قاعدة أمريكية خارج المدينة.
وتشهد أسواق منبج حركة طبيعية رغم القلق الذي يعتري سكانها إزاء ما يخبئه لها المستقبل. وتقع المدينة في محافظة حلب، وهي خاضعة لسيطرة فصائل منضوية في صفوف قوات سوريا الديموقراطية المدعومة أمريكياً.
وأعلن الجيش السوري الجمعة أن وحداته دخلت منطقة منبج، بعد وقت قصير من اعلان وحدات حماية الشعب الكردية دعوتها الدولة السورية الى نشر قواتها لـ”حماية منطقة منبج أمام التهديدات التركية”.
وكررت تركيا مؤخراً تهديدها بشن هجوم على مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، التي يعد الأكراد مكونها الرئيسي وتصنفهم أنقرة “ارهاببين”.
وأثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي قراره سحب قواته من سوريا بعدما أنجزت مهمتها على حد قوله بإلحاق “الهزيمة” بتنظيم داعش، خشية الأكراد من أن يشكل ذلك ضوءاً أخضر لتركيا كي تبدأ هجومها.
قرب مطاحن الحبوب وسط مدينة منبج، تمر دورية أمريكية ثانية مؤلفة من خمس عربات مصفحة وكاسحة ألغام، ترفع بدورها الأعلام الأمريكية، وتكمل طريقها خارج المدينة التي تشهد مداخلها لليوم الثاني على التوالي استنفاراً من مقاتلين محليين يتولون تفتيش السيارات والتدقيق في هويات المارة.
وبحسب المتحدث الرسمي باسم قوات حماية الشعب الكردية نوري محمود “لا تزال القوات الأمريكية متواجدة في قواعدها ولم يتم البدء بالانسحاب حتى اللحظة” تنفيذاً لقرار ترامب.
“نفضّل النظام”
وازاء التطورات المتلاحقة، يعتري القلق العديد من سكان منبج، بينهم محمود أحمد (28 عاماً) مالك محل تجاري. ويقول لفرانس برس “الوجود الأمريكي يجعل الناس تشعر بالاطمئنان والراحة. منذ سمعنا الأنباء عن قرار انسحابهم بات الوضع متوتراً”.
ويوضح أن “وجود التحالف الأمريكي قوة لمنبج وخروجه منها يجعلها ضعيفة أمام تركيا والجيش الحر” في اشارة الى الفصائل الموالية لأنقرة.
وعلى غرار العديد من سكان المدينة، يفضّل أحمد عودة قوات النظام للحؤول دون حصول هجوم تركي. ويقول “إذا انسحب الأمريكي من الأفضل أن يرجع النظام”.
وبدأت وحدات من الجيش السوري الجمعة الانتشار في منطقة منبج. وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، انتشر أكثر من 300 عنصر في ريفي منبج الغربي والشمالي.
وقال مصدر ميداني لفرانس برس الأحد إن وحدات الجيش السوري تنتشر عند خطوط التماس بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية ومناطق سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، في المنطقة الممتدة من شمال منبج حتى مدينة الباب غربها.
وأوضح أن إحدى نقاط الجيش تتواجد على بعد نحو 500 متر من موقع للقوات التركية والفصائل الموالية لها.
ويواكب عسكريون روس وفق المصدر ذاته، انتشار وحدات الجيش. وتتواجد القوات الروسية داخل مركز تابع لها في بلدة العريمة الواقعة على بعد 25 كيلومتراً غرب مدينة منبج.
وذكرت مسؤولة محلية في مدينة منبج لفرانس برس قبل يومين أن روسيا تولت التفاوض بين الوحدات الكردية ودمشق.
تدريبات
على بعد نحو ستين كيلومتراً غرب مدينة منبج، يجري مقاتلون تابعون لفصيل سوري موال لأنقرة تدريبات عسكرية مكثفة، بانتظار تعليمات تركية للتوجه الى تخوم منطقة منبج، على غرار العديد من الفصائل الأخرى الموجودة في محافظة حلب.
ويتجمع في قرية أرشاف في ريف حلب الشمالي، وفق ما شاهد مراسل فرانس برس نحو 500 مقاتل ينتمون لفصيل “لواء المعتصم”، وهو فصيل معارض سبق وتلقى دعماً أمريكياً قبل أن يبدي استعداده مؤخراً للقتال مع القوات التركية.
ويقول رئيس أركان لواء المعتصم يوسف أبو ممدوح لفرانس برس “جهّزنا نخبة من المقاتلين بعد تلقيهم التدريبات اللازمة للقتال في فترة الشتاء”.
ويضيف “انتهينا من التجهيز للبدء في عملية السيطرة على مدينة منبج”.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية تنظيماً إرهابياً على غرار حزب العمال الكردستاني الذي تقول أنقرة إنّ الوحدات فصيل تابع له.
وفي خطوة تهدف إلى تعزيز الضغط على الأكراد، أرسلت تركيا مؤخراً تعزيزات عسكرية إضافية إلى حدودها الجنوبية. وعززت تواجدها على تخوم منبج، رغم اعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعليق الهجوم حالياً. (أ ف ب)