السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا

الجزائريون يتأهبون لتوديع العام الرابع من الأزمة ويستعدون لاستقبال 2019 بجيوب “منهكة”

نهال دويب

ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ كل المؤشرات الاقتصادية الحالية تنذر بعام أصعب جديد سيطرق أبواب الجزائريين بعد 14 ساعة من الآن، إذ تواجه الحكومة الجزائرية تحديات تفاقمت في آخر أيام 2018 التي لم يتبق من عمرها الكثير، مع دخول الأزمة المالية عامها الخامس على التوالي بسبب استمرار أسعار النفط في الأسواق الدولية، فالجزائريون سيستقبلون 2019 بجيوب “منهكة” بسبب انفلات الأسعار في مختلف السلع ذات الاستهلاك الواسع، واستمرار انهيار سعر الدينار الجزائري.

وإذا كانت الأزمات المالية تشكل كابوسا حقيقا للحكومة، لكن ما ينتظرها على المستوى الداخلي خاصة ما يتعلق بالمطالب التي رفعها قطاع عريض من العمال الجزائريين مؤخرا، ويشكل هذا تحديا كبيرا للجهاز التنفيذي يحمل في طياته أبعادا اقتصادية واجتماعية وأيضا سياسية لأن الشهران الأولان من عام 2019 سيكونان الأخيران في الولاية الرئاسية الرابعة للرئيس بوتفليقة، الذي لم يحسم بعد في مسألة ترشحه لولاية خامسة من عدمه.

فالحكومة التي قررت رفع قيمة التحويلات الاجتماعية المخصصة للعائلات وإعانات السكن والصحة، ودعم الأسعار، ضمن الميزانية المخصصة للعام القادم في إطار قانون المالية للعام المقبل، بنسبة 0,7 بالمائة، وبلغت قيمة التحويلات الاجتماعية المقررة في موازنة العام المقبل 1772 مليار دينار ما يمثل 8,2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، مقابل غلاف مالي يقدر بـ 1.760 مليار دينار للتحويلات الاجتماعية للعام الجاري، ستجد نفسها أمام عقبة كبيرة تتمثل في حماية القدرة الشرائية للمواطن التي باتت أدنى من الانهيار بسبب استمرار تهاوي سعر الدينار وهو ما أثر على وتيرة التضخم الذي بلغ 4,5 بالمائة شهر نوفمبر / تشرين الثاني الماضي.

تعبيرية لبعض المواطنين الجزائريين

ويقول في الموضوع الخبير الاقتصادي الجزائري ناصر سليمان في تصريح لـ “” إن سنة 2019 ستكون سنة صعبة على ما يبدو على الجزائريين، وأوضح “هذا ليس تشاؤماً منا ولكن كل المؤشرات توحي بذلك”.

وأضاف ناصر سليمان من جهته قائلا ” من الصعب أن نختصر كل توقعاتنا الخاصة بسنة 2019 في كلمات، لكن أعتقد أن المشكل الذي يقلقنا كثيراً هو لجوء الحكومة إلى الحلول السهلة والترقيعية كعادتها في معالجة المشاكل الاقتصادية للبلاد، وعلى رأس هذه الحلول اللجوء إلى التمويل غير التقليدي أي إغراق السوق الجزائرية بالنقود المطبوعة دون تغطية، ودون أن يكون لها مقابل من السلع والخدمات في ظل عجز الحكومة عن تحريك عجلة الاقتصاد وتنويعه، والخروج بأقصى سرعة من التبعية المفرطة للمحروقات”.

ويؤكد الخبير الاقتصادي الجزائري إنه واستنادا إلى تصريحات مسؤولين فمن المتوقع أن تبلغ الكمية المطبوعة من النقود في إطار التمويل غير التقليدي 5200 مليار دينار جزائري مع نهاية سنة 2018 أي ما يساوي 44 مليار دولار، وهو ما يمثل 60 بالمائة من ميزانية الدولة لسنة 2019، وهو مبلغ مهول بكل المقاييس.

ويشير المتحدث إلى أن ” هذا التمويل سيسبب بلا شك نسبة تضخم عالية، مما سيزيد من تدهور القدرة الشرائية للمواطن ومن تدهور قيمة الدينار الجزائري أمام العملات الصعبة، وطبعاً المواطن الجزائري لن يصدق الحكومة وهيئاتها عندما تعلن بأن معدل التضخم يتراوح بين 4.5 و 4.8 بالمائة لأن التضخم الحقيقي يلمسه يومياً في الميدان وهو أعلى من هذا بكثير، ومازالت الحكومة تكرر نفس الخطأ عندما تعلن في قانون المالية بأن معدل التضخم المتوقع لسنة 2019 هو 4.5 بالمائة وهي السنة التي ستشهد المزيد من إغراق السوق بالنقود المطبوع”.

وستواصل الحكومة للعام الرابع على التوالي كبح الواردات والتحكم في فاتورة غذاء الجزائريين، التي ارتفعت خلال الأشهر 11 الأولى من عام 2018، لتسجل 7,84 مليار دولار وهو ما يمثل 19 في المائة من إجمالي الواردات الوطنية، بينما بلغت في نفس الفترة من العام الماضي 7,76 مليار دولار.

وتوحي هذه الأرقام المعلنة من طرف مصالح الجمارك الجزائرية بأن مستويات الاستيراد لا تزال تحافظ على نفس التوجهات رغم الخطة التي تبتنها الحكومة سنة 2016، ترتكز على المنع الكلي للاستيراد عوض التقليص الكمي، وتم منع نحو 1000 منتج من الاستيراد بعدما قررت الحكومة إلغاء نظام الرخص الإدارية،  والذي يحدد كيمة وقيمة ما يتم استيراده سنويا من السلع.

استمرار التآكل السريع لاحتياطي البلاد من النقد الأجنبي، من أهم العقبات التي ستعرض طريق الحكومة الجزائرية أيضا، حيث هوى إلى 12ر82 مليار دولار نهاية نوفمبر / تشرين الثاني 2018 مقابل 33ر97 مليار دولار نهاية 2017 أي ما يعادل 21ر15 مليار دولار في غضون 11 شهرا حسبما كشف عنه محافظ بنك الجزائر محمد لوكال.

ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الجزائر، يحي جعفري، في تصريح لـ ” ” إنه ” شيء سيتغير في 2019, فهو استمرار لـ 2018 , وسيبقى الوضع على حاله إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية إذا جرت في وقتها ثم تكون هناك مشروع موازنة إضافية تستدرك كل ما فات من ضرائب باهظة ورسوم مرتفعة في مقابل عجوزات كبيرة الميزانية ومختلف الموازين والحسابات كالمدفوعات والتجاري والحساب الجاري وهي العجوزات التي ستستنزف الاحتياطات من العملة الصعبة “.

وأكد يحي جعفري, أنه وفي حالة بقاء الأوضاع على حالها فستلجأ البلاد إلى الاستدانة الخارجية مطلع 2020 أين يكون التمويل غير التقليدي قد استكمل دوره وانتهت مهمته ولم يعد مجد في إعادة التوازن وضمان السيولة أمام أثاره الكارثية على العملة والتضخم والقدرة الشرائية وهي الثالوث الذي يمكن أن يفتح باب حراك اجتماعي خطير قد يعود بالبلد إلى المربع الأول، لكن مع ذلك يقول المتحدث ” نتمنى الخير والاستقرار للوطن العزيز”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق