ـ بغداد ـ من سعيد عبدالله ـ لم تتمكن تاره نبيل، المواطنة المسيحية العراقية، من الاحتفال بأعياد الميلاد والعام الجديد في مدينتها الموصل هذا العام أيضا رغم مرور نحو عامين على تحرير المدينة من داعش، لأسباب أبرزها الخوف من تدهور مفاجئ للوضع الأمني واستمرار خطاب الكراهية والتحريض ضد الأديان والأقليات غير المسلمة في العراق.
تجلس تاره في منزلها في مدينة أربيل، فقد هاجر غالبية أقاربها خلال الأعوام الماضية من العراق إثر تنامي العنف وتدهور الأوضاع الأمنية وسيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة من الأراضي العراقية التي شكلت أراضي الأقليات غالبيتها، إضافة الى حملات الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأيزيديون والمسيحيون والأقليات الأخرى على يد مسلحي داعش صيف عام 2014.
تقول تاره لـ”” “أوضاع المسيحيين صعبة جدا في العراق، انتظرنا زوال داعش كي نعود الى مناطقنا، لكننا الان نعاني من بطش الميليشيات الإيرانية التي تنفذ هي الأخرى حملات تهجير للمسيحيين من مناطقهم الأصيلة وتستولي على بيوتهم وأراضيهم مثلما فعل داعش خلال السنوات الماضية”، متسائلة “كيف أعود الى الموصل وهناك غياب لسلطة الدولة والقانون ونقص حاد في الخدمات وتحركات مكثفة للجماعات المتطرفة من داعش والميليشيات؟”.
وبحسب احصائيات غير رسمية كانت أعداد المسيحيين في العراق قبل عام 2003 أكثر من مليوني مسيحي، لكن موجات العنف التي تشهدها العراق منذ 2003 والهجمات التي تعرض لها المسيحيون وكنائسهم على مدار الأعوام الماضي أدت الى انخفاض أعدادهم الى نحو ربع مليون مسيحي غالبيتهم يعيشون في إقليم كردستان العراق ومناطق سهل نينوى شرق الموصل، بينما مازالت هجرة المسيحيين مستمرة من العراق.
في غضون ذلك أعلنت شبكة تحالف الأقليات في العراق في تقريرها السنوي استمرار تعرض الأقليات للانتهاكات والتميز الديني والعرقي والسياسي في العراق، وقال هوكر جتو، رئيس شبكة تحالف الأقليات في العراق في مؤتمر صحفي عقده في مدينة أربيل وحضرته “” إن التقرير السنوي للشبكة قسم التميز الذي يتعرض له الأقليات الى خمسة أجزاء، وأضاف “تبدأ أجزاء التقرير من التميز الحاصل ضمن التشريعات الرسمية، فلازال الكاكائيون والزرادشتيون والبهائيون لا يعترف بهم في العراق ولا يكتب على هوياتهم أنهم من أتباع هذه الديانات، إضافة الى قانون اسلمة القاصرين حيث يتحول الأطفال الى مسلمين بمجرد أنهم من أبوين مسلمين”، مشيرا الى وجود مشكلة في قانون العقوبات المادة 372 الخاصة بحماية الأماكن المقدسة لعبادات الأقليات الدينية.
وتابع جتو أن “الجزء الثاني من الملاحظات التميزية تتعلق بالممارسات وهنا ركزنا على ثلاثة جوانب مهمة منها حرمان الايزيديين من تولي المناصب مثل منصب القضاء، الايزيديون ورغم اجتيازهم كافة الامتحانات الخاصة بالقضاة الا أنهم لا يتسلمون منصب القاضي بل يحولون الى الادعاء العام”.
وأشار رئيس شبكة تحالف الأقليات الى وجود الكثير من المشاكل المتعلقة بأراضي الأقليات خصوصا المسيحيين والصابئة المندائيين الذين لازالوا يعانون من ممارسات الاستيلاء على أراضيهم، ومنعهم من العودة الى بيوتهم، مبينا “هناك تميز في التعينات الحكومية التي تحول الى يد الكتل والأحزاب السياسية الكبيرة، وهناك مشاكل في قبول أبناء الأقليات في مواقع معينة من الدولة”.
ولم يستثن تقارير تحالف الاقليات السلوك المجتمعي من المشاكل التي يعاني منها الأقليات في العراق، لافتا الى استخدام المنابر في بث خطاب الكراهية، وكذلك المشاكل الموجودة في المناهج الدراسية التي تحتوي على مواد دراسية كثيرة تشكل تميزا بين الأقليات الدينية والقومية مع الأغلبية. موضحا أن أبناء الأقليات تعرضوا خلال العام الماضي 2018 الى الاختطاف والقتل غدرا والتضييق والضغط على نشاطاتهم، مثلما واجهوا خطاب الكراهية.
واختتم جتو التقرير بالإشارة الى التميز السياسي الذي يعاني منه الأقليات، مضيفا “هناك تميز في الانتخابات من خلال سيطرة الأحزاب الرئيسية على السلطة واختيار لأشخاص كي يمثلوا الأقليات، ولا توجد مساواة في التعامل مع الأقليات التي تجبر على التعامل مع الأغلبية كي تمثلها سياسيا”.