زياد الدريس
بالأمس دخلنا سنة ميلادية جديدة في حياة البشرية.
وبناءً على الأحداث الجسيمة والوقائع الوخيمة التي حدثت في العام المنصرم ٢٠١٨، فإنه لا يمكن لأحدٍ أن يجرؤ على وضع توقعاته للعام الجديد ٢٠١٩.
كانت وسائل الإعلام في سنوات مضت تتسابق على استقطاب المحللين والخبراء الاستراتيجيين من أجل التنافس في ما بينها لحشد أكبر قدر ممكن من التوقعات الصائبة للعام الجديد، مما سيزيد بالطبع في نهاية العام من مصداقية الصحيفة أو القناة التلفزيونية وتعزيز قدرتها أمام القارئ على استشعار الأحداث قبل حدوثها.
في السنين القليلة الماضية تضاءلت هذه القدرة الاستشعارية لدى وسائل الإعلام على التنبؤ بأحداث لم تخطر على البال، ولم يتوقعها المنجمون أنفسهم «ولو كذبوا»!
لم تعد أحداث العالم تجري وفق تسلسل منطقي تتسق بدايته مع نهايته، وإن لم تخل من مفاجآت تضيف نكهة وبهارات على مجريات الأحداث. ولكن مع النسق المتسارع الذي يكتنف القرارات والمواقف الجارية في العالم الآن، يصبح كل شئ غير متوقع متوقعاً حدوثه في لحظة مفاجِئة.
من كان يتوقع أن تؤول الأحداث الدامية في سوريا إلى ما آلت إليه، الأسبوع الماضي، من إعادة الاعتراف بالرئيس بشار الأسد، بعد أن كانت القرارات الدولية الكبرى تقول إن الحل الوحيد هو في تنحّي بشار، وأن لا رجعة في هذا الخيار!
من كان يتوقع، وسط الدمار الذي يغشى غرب آسيا أن يحدث العكس في شرق آسيا فتتصالح الكوريتان الشمالية والجنوبية فجأة بعد عداء وقطيعة أكثر من سبعين عاماً، بل وأن يتبع هذا لقاء قمة بين الرئيسين اللدودين الأمريكي والكوري الشمالي؟! من كان يتوقع، أن يشتعل (الربيع العربي) مجدداً ومتأخراً، في شوارع السودان، بعد الدروس المؤلمة لتجارب دول الربيع العربي، وتَبيّن الفاتورة الباهظة والفشل الذريع الذي آلت إليه تلك الدول؟
من كان يتوقع أن يقوم الفرنسيون بتخريب باريس وتشويه مبانيها التاريخية، باسم الغضب من الحكومة، وهم الذين كان الغرور يملؤهم دوماً بمدينتهم الجميلة، وحُقّ لهم ذلك؟
المتوقع الأكيد والوحيد لعام ٢٠١٩ أنه سيكون الأثقل من بين كل الأعوام التي سبقته، ليس بسبب ما يمكن أن يقع فيه من أحداث ومآسٍ أخرى، ولكن فقط لأنه العائق بيننا وبين الوصول إلى العام المنتظر ٢٠٢٠، الملئ بالوعود الجميلة.
* كاتب سعودي
الحياة اللندنية