الأب ميلاد الجاويش
هذه السنة،
سأخون الشرّ. لن أُحبَّه. قلبي لغيره.
لن أُدخلَه مخدعي ولن أمارس معه ألاعيبَه الماكرة.
سأَخونه مع عشيقتي، والمحبّة عشيقتي.
سأَخون الحقد. سأخدعُه. لن أنصاع إلى إغوائه. قلبي مطرحُ حبّ.
سأَخون الكذب. سأكذبُ على الكذب. سأردُّ عليه صاع الخبث صاعَين، صدقًا ووضوحًا.
سأَخون العتمة. سأفضحها. سأُشعلُ سوادَها بِوَهج النهار. سأطردها إن تسلّلت إلى نفسي. أنا من عشّاق الشمس والريح.
سأَخون الثرثرة. لن أُسلّم لساني إلى سيفِها. سأُغيظُها بعفّتي، بحيائي، بخَفَري… بملاكٍ أُقيمُه حارسًا على شَفَتَيّ.
سأَخون الكسل على سرير الجَهد والطاقة. سأغازل النجاح إن أغراني، والتفوّق إن أغواني.
سأَخون الضجيج. سأُخرسُه بصمتي، بهدوئي، بصلاتي التي في الخفية.
سأَخون الغضب وإن غضب منّي. سأُطفئه بنفحةٍ رقيقة، بهمسةٍ عذبة.
سأَخون الشرّ مرّةً واثنتَين وثلاثًا… طالما الشرُّ شرًّا.
وبعد الخيانة،
سأُمارس المحبّة أمام الله. فَلْيَضبُطني الله وليُقِم عليَّ الناسَ شهودًا…
سأتمرّغ في حوض الفضائل وأستحمّ بإشعاعات النور…
وإن وهنتْ عزيمتي، وَسَتَهِن حتمًا، فما لي إلاّ أن أتمسّك بحبائل الرحمة، أستجيرُ بها.
وإبليس… سأخونه طالما حييت، لأنّي لم أحبّه يومًا ولا لحظةً ولا تكّةً…
سأخونه دائمًا أبدًا…
تلذّ الخيانة إذا كان الشرُّ هو المخدوع
حلالٌ هي، عندها، لا حرام.
سأترك للنعمة أن تَغويني،
أن تغويني بوجهها البهيّ ومعشرها الدمِث.
النعمةُ تُغري أنقياءَ القلوب، من لهم قلب طفل.
هبني، ربّي، قلب طفل.
محبّو الشرّ كُثُر، أمّا خائنوه فقليلون.
في هذه السنة،
قَوِّني، ربّي، على أن أكون من مصفّ تلك القلّة
أن أكون من أولئك الخونة… ونِعمَ الخيانة!