تحقيقات
محمد الحوثي: إن وافق الطرف الآخر على السلام فنحن رجال سلام
ـ صنعاء ـ أكد محمد الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا لجماعة أنصار الله الحوثيين، اليوم الأحد، التزام الحوثيين باتفاق مشاورات السويد، واستعدادهم لمواصلة ما دعوا له منذ البداية “إيقاف القتال في كل الجبهات إذا توقفت دول العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي وحلفائها (قوات التحالف العربي)”، معتبراً أن الكرة الآن في ملعب الطرف الآخر.
وقال محمد الحوثي في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) بصنعاء “نعتبر الحديث بسلبية عن اتفاق السويد من الطرف الآخر أمراً يعكس عدم الجدية في التوجه نحو السلام، نحن جددنا تأكيدنا في أكثر من مناسبة على أننا ملتزمون باتفاق السويد، ودعونا لوقف شامل للحرب”.
وأوضح الحوثي أنه تم مناقشة جهود إحلال السلام وتنفيذ اتفاق السويد، والجوانب المتصلة بجولة المشاورات القادمة ورواتب الموظفين ومطار صنعاء الدولي وعدد من القضايا الإنسانية والاقتصادية، مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، مارتن جريفيث.
وتابع “طالبنا بأن تكون هناك لجنة تحقيق مالية مستقلة ذات مهنية، لتطلع على حسابات البنك المركزي اليمني والفروع لكشف التلاعب والاختلال الذي يحصل لدى المرتزقة (الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا)، وأفاد مارتن بأنه سيعود إلى صنعاء مجدداً بعد ذهابه للرياض للقائه بالطرف الآخر”.
ولفت إلى أن المبعوث الأممي عرض عليهم من خمس إلى ست دول أوربية وغير أوروبية، “وقد أبلغناه مبدئيا بالأولوية، ولا زلنا ننتظر ما سيؤول الأمر له وعندها سنقرر بإذن الله”.
وأكد الحوثي، استعدادهم للمشاركة في الحل السياسي والسلمي من خلال الأمم المتحدة، في إشارة إلى جولة المشاورات القادمة التي دعا إليها جريفيث مؤخراً.
وقال: “لسنا وحدنا من لديه قناعة بأن تحقيق السلام لن يكون إلا من خلال العودة إلى طاولة المفاوضات ومن خلال التحرك في السلام ودعم جهود المبعوث الأممي، فالمجتمع الدولي، ومجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وصلوا إلى هذه القناعة أن الحل في اليمن سياسي لا عسكري، والدول الكبرى سواءً الصين أو روسيا أو غيرها من الدول أمريكا أيضاً فرنسا بريطانيا، وبالتالي نحن نأمل في أن تثمر جهود المبعوث نحو الخروج إلى الحل السياسي ونحمّل أيضاً الطرف الآخر في عدم التزامه باتفاق (السويد) أي كارثة إنسانية قد تقع”.
وفيما يتعلق بإعادة الانتشار التي نفذها الحوثيون في ميناء ومدينة الحديدة (غرب اليمن)، واتهامات الطرف الآخر(الحكومة اليمنية) بأن عملية الانتشار تلك ماهي إلا “مراوغة و مسرحية”، قال الحوثي :”على الرغم من أن ميناء الحديدة مدني فقط، إلا أننا نفذنا ما هو مطلوب منا في الاتفاق، وأثبتنا المصداقية الكاملة وحرصنا على خدمة الشعب وإزاحة شبح المجاعة عنه، حيث أعيد انتشار القوات، وتسلمت قوات خفر السواحل (تتبع الحوثيين) ميناء الحديدة، بحضور فريق الأمم المتحدة، كخطوة رئيسية تم تنفيذها عملياً وأفقدت دول العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي ومرتزقتهم أي مبرر لإعاقة أو عرقلة اتفاق السلام”.
وأعتبر الحوثي تواجد الأمم المتحدة اليوم في ميناء الحديدة من قبل جنرالها المكلف الهولندي باتريك كوميرت “تأكيدا أن ما قيل من تهريب السلاح وغيره هي مزاعم ومبررات وإشاعات سوقها العدوان وحلفاؤه ضد ميناء الحديدة المدني، وبالتالي فإن استمرار الحصار جريمة مركبة يتحملونها”.
وأكد الحوثي، أنهم قبلوا برقابة أممية على ميناء الحديدة كأمر طبيعي يشبه عمليات الرقابة على الانتخابات “ولا نرى في هذا أي انتهاك للسيادة، كما أن الدور الرقابي للأمم المتحدة في ميناء الحديدة هو دور محدد وضعه اتفاق السويد بشأن الحديدة، والذي تم لفض النزاع في الحديدة فقط كحالة خاصة”.
وأشار إلى أن ممثلي جماعته في لجنة وقف إطلاق النار وأثناء نقاش اللجنة المشتركة بالحديدة قدموا مقترحا للجنرال كوميرت بإعادة انتشار القوات العسكرية التابعة للطرفين لمسافة 50 كيلومترا، بهدف خروج ودخول المساعدات بغير عوائق، وتنفيذ اتفاق السويد بصورة بناءة على مرحلتين، مع إيجاد قياس التحقق “لكن لم يقبل ممثلو تحالف العدوان في اللجنة المقترح، ولم يقدموا خيارا آخر”.
واستطرد : “نأمل أن يدرك باتريك بأن لديه اتفاق السويد وأن عليه أن يتحرك وفقه فقط، وهذا ما تحدثنا به مع المبعوث الأممي مارتن جريفيث والذي أكد أنه تحدث إلى باتريك وأوضح له كل المسائل”.
وقال “اتفاق ستوكهولم واضح، وعلى باتريك أن يذهب نحو خيارات مكتوبة واضحة ومعروفة لدى الجانبين ومتفق عليها لتنفيذ اتفاق ستوكهولم”.
وفيما يتعلق بملف الأسرى، وإن كانت عملية التبادل ستتم في التاريخ المحدد 20 كانون ثان /يناير الجاري حسب اتفاق السويد، أجاب الحوثي، “لم يلتزم الطرف الآخر بتنفيذ ما عليه من التزامات بموجب الاتّفاق”.
وأكد الحوثي التزامهم من خلال اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى (مشكلة من الحوثيين) بتنفيذ اتّفاقَ تبادل الأسرى، مضيفا “نفذناه تنفيذا كاملا ووفقا لآليته المزمّنة التي ينص عليها ويوزعها على ثلاث مراحل”.
وأشار إلى أن الذي تم حتى الآن هو تبادل كشوفات أسماء الأسرى، وهو كان المطلوب في المرحلة الأولى من الاتّفاق، وتم في 11 كانون أول/ ديسمبر الماضي في السويد، لكن المرحلة الثانية والتي تتطلب تقديم الإفادات من قبل الطرفين على الكشوفات التي استلماها “شهدت عدم وفاء الطرف الآخر بالمطلوب منه، إذ لم يفد إلا عن 7% فقط من الكشوفات التي تسلمها، بينما قدمنا إفاداتٍ عن 95% من كشوفات الطرف الآخر، في 24 كانون أول/ ديسمبر الماضي”.
وتابع “كما أن الطرفَ الآخرَ ـ للأسف ـ أنكر وجود المئات من أسرى الجيش واللجان الشعبيّة الذين قدمنا أسماءهم، رغم أن لدينا أدلةٌ ومعلومات عن وجود هؤلاء الأسرى وعن السجون التي يتواجدون فيها”.
ولهذا أوضح الحوثي، أن اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى (تتبع الحوثيين)، طالبت الأممَ المتحدةَ، بتشكيل لجنة للنزول إلى سجون الطرف الآخر التي يتواجد بها أسرى الجيش (التابع للحوثيين) واللجان الشعبيّة والمختطفون لإثبات وجودهم “ودحض ادّعاءات الطرف الآخر حول عدم معرفته بهم”.
وعبر الحوثي عن أمله في أن تضطلع الأمم المتحدة بدور ضاغط على الطرف الآخر ليتسنى تنفيذ المطلوب في المرحلة الثالثة من الاتفاق، وتبادل الأسرى في الوقت المحدد لذلك، أي في 20 من الشهر الجاري.
وعلى الرغم من وجود بعض الخلافات حول اتفاق مشاورات السويد بين الطرفين، إلا أن الحوثي أعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن فشل المشاورات أو فشل تنفيذ اتفاق السويد، أو فشل جهود السلام في اليمن التي ترعاها الأمم المتحدة.
وقال “المجتمع الدولي بات مدركا ـ كما كان واضحا في ستوكهولم ـ أن هذه الحرب إنما هي حرب تدميرية لا طائل ورائها، وشعوب العالم تقف اليوم إلى جانب أبناء الشعب اليمني، وكذلك وقف الكونجرس بقرار ضد ترامب وإدارته التي تشارك في هذه الحرب، وأعلن بصراحة أنها حرب غير قانونية ومرفوضة، وطالب بإيقاف دعم هذه الحرب التدميرية غير الأخلاقية”.
وردا على الاتهامات التي وجهها برنامج الغذاء العالمي للحوثيين بشأن “الاستيلاء على المساعدات وحجز السفن والشحنات الإغاثية”، قال الحوثي إن موقف البرنامج كان هروبا من الالتزام بالاتفاق الموقع معهم قبل أسبوع من نشر البيان.
وتابع “بدلا من التنفيذ عمدوا إلى التشهير ووضع نقاط الاتفاق التي من المفترض البدء بتنفيذها شروطا لاستمرار البرنامج، فأصبح ابتزازا سياسيا واضحا، بالإضافة إلى أنه استند إلى إجراءات غير صحيحة، كتعميم الاتهامات، وعدم تقديم الأدلة أو تحديد الجهة عند لقائنا بهم، وعدم التخاطب عبر القنوات الرسمية، وهو ما يوضح أن الهدف كان هو التشهير، وتلبية أغراض سياسية لا إنسانية، كما حذرنا من أن لا يكون محاولة من قبل البرنامج للتنصل من مسؤولياته في مواجهة خطر المجاعة في اليمن، كونه أحد المستفيدين من التبرعات، وملزما بعكس ما توعد به في بيانه”.
وأعتبر الحوثي “أنه لأمر مؤسف أن يغلب الطابع السياسي على هذا الموقف لبرنامج الغذاء العالمي، كما هو الحال في تعاملات أغلب المنظمات في اليمن، ولا نستبعد أن يكون وراءه المستشارون الجدد في مكتب المبعوث الأممي، من أجل الضغط السياسي وإثارة ضجة للفت الانتباه عن رفض الطرف الآخر تنفيذ اتفاق السويد، خصوصا وهؤلاء المستشارون الجدد ممن مثلوا الولايات المتحدة وبريطانيا في سفاراتهم كملحقين عسكريين”.
وأكد الحوثي، تشكيل لجان مستقلة للتحقيق في كل الادعاءات والتهم “وقد دعونا البرنامج إلى رفع دعوى أمام القضاء اليمني، وأكدنا على حق الجهة الحكومية التي شُهر بها في مقاضاة البرنامج أمام القضاء اليمني وفق القانون المعمول به”.
وحمّل الحوثي برنامج الغذاء العالمي المسؤولية “عن شراء كميات من الأغذية الفاسدة التي لا تصلح للاستهلاك الآدمي ومحاولة إدخالها إلى الجمهورية اليمنية، حيث تتوفر لدينا الوثائق والأدلة على ذلك”.
وأضاف: “وكذلك طالبناه ـ وغيره من منظمات الإغاثة ـ بالإفصاح عن السبب وراء عدم توريد أي سفينة تحمل الأدوية عام 2018، على الرغم من انتشار الأوبئة والأمراض والفشل الكلوي وعمليات القتل والجرح اليومية التي ترتكبها دول العدوان وحلفاؤها في قصفها لليمن، وحملناه المسؤولية الكاملة عن أي اختلالات ناتجة عن عدم التسريع بآلية الإغاثة النقدية المتفق عليها مع البرنامج وممثله المقيم”. (د ب أ)