تحقيقات

الاعتصامات سمة ملازمة للانتقال السياسي في تونس منذ 2011

ـ تونس ـ من ساحة القصبة إلى ساحة باردو، ومن مناطق الحوض المنجمي إلى مواقع انتاج النفط والغاز، لم تخل سنوات الانتقال السياسي في تونس منذ 2011 من الاعتصامات التي ظلت سمة ملازمة للديمقراطية الناشئة حتى العام الجاري.

أطلقت الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الألسن من عقالها، ومكنت من صناعة واقع سياسي جديد يقوم على التعددية الحزبية، لكن الحاكمون الجدد عجزوا عن تلبية المطالب الملحة لتحسين ظروف العيش ومكافحة البطالة في أغلب المناطق الداخلية للبلاد.

في ولاية سيدي بوزيد، حيث انطلقت شرارة الثورة، لا تغيب الاحتجاجات المطالبة بفرص عمل، حيث يتهم العاطلون الحكومات المتعاقبة بالتنكر لوعودهم والتخلي عنهم.

تقول أماني زويدي متحدثة باسم اعتصام “حراك 24 ديسمبر” في مدينة منزل بوزيان لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) “منذ 2012 ونحن نعتصم كل عام. لا شيء تغير في المدينة منذ الثورة وحتى اليوم. والحكومات لا تنفذ الوعود والاتفاقيات”.

وتضيف أماني “نحن نطالب بأن تكون هناك تنمية قبل كل شيء في المدينة، ولن نتوقف عن الاعتصام إلى حين تحقيق مطالب الجهة”.

والحال في منزل بوزيان، التي شهدت سقوط أول شهيد في أحداث الثورة بعد انتحار البائع المتجول محمد البوعزيزي حرقا، لا يختلف عن حال الكثير من المدن الداخلية التي تتهم السلطة المركزية بالتسويف والمماطلة.

وفي كل بقعة من تونس هناك احتجاجات واعتصامات متكررة للمطالبة بفرص عمل وتحسين ظروف العيش، لا سيما قرب مناطق انتاج النفط والغاز في الجنوب والفوسفات بمنطقة الحوض المنجمي في ولاية قفصة، وهي غالبا ما تطفو على السطح في مثل هذه الفترة بموازاة إحياء ذكرى الثورة.

وبينما اختار عاطلون محتجون الاعتصام أو تنظيم مسيرات وقطع مسافة مئات من الكيلومترات نحو العاصمة من أجل إبلاغ أصواتهم، تدفع حالات اليأس في كثير من الأحيان، الشباب إلى المقامرة بحياتهم عبر الهجرة السرية عن طريق البحر، أو محاولات الانتحار.

وشهدت سواحل جزيرة قرقنة، جنوب شرق العاصمة، أسوأ كارثة غرق لمركب مهاجرين سريين في تونس العام الماضي، شملت أكثر من ثمانين مهاجرا.

وفي كانون أول/ديسمبر الماضي توفي أيضا مصور صحفي حرقا، تشبها بمحمد البوعزيزي، وسط احتجاجات في مدينة القصرين ضد البطالة والفقر، أدت إلى اضطرابات في الجهة على مدى أيام، كما أشعلت محاولات مماثلة في جهات اخرى.

وظلت نسبة البطالة في مستويات عالية بتونس منذ 2011 اذ تبلغ حاليا حوالي 15 بالمئة على المستوى الوطني لكنها تتجاوز الضعف في مناطق بغرب البلاد أو في الجنوب.

ويمثل حاملو الشهادات العلياأكثر من ثلث العاطلين، ما يخلق ضغطا مستمرا على الدولة لتوفير مشروعات.

وقالت النائبة عن حزب “التيار الديمقراطي” المعارض في البرلمان سامية عبو “مطالب الثورة لم يتحقق منها شيء منذ ثماني سنوات، بسبب غياب إرادة سياسية حقيقية. الوضع يتجه كل يوم إلى الأسوأ”.

ويعتصم الموظفون أيضا في عدة قطاعات للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية وظروف العمل في قطاعات التعليم والصحة والنقل العمومية.

ويستعد الاتحاد العام التونسي للشغل لتنظيم إضراب عام في الوظيفة العمومية يوم 17 من الشهر الجاري، لفشل مفاوضاته مع الحكومة حول الزيادة في أجور أكثر من 650 ألف موظف.

وقالت سامية عبو في تجمع للحزب اليوم في مدينة سوسة “دولة القانون والمؤسسات التي طالما حلم بها الجميع لم تتحقق. مازلنا نعاني من دولة العائلات والنفوذ ودولة الولاءات. وهذا هو سبب الانهيار الذي نعيشه اليوم”.

وتعهدت حكومات متعاقبة بأن تكون الحرب على الفساد ذات أولوية في برامج عملها، غير أن الجهود لم تفض إلى كبح الفساد المتفشي في عدة قطاعات ومؤسسات عمومية. (د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق