العالم
حكم إعدام يصعّد الخلاف الصيني الكندي وقلق من “سياسة احتجاز الرهائن”
ـ بكين ـ دافعت الصين بشدة الثلاثاء عن حكم الإعدام الذي صدر بحق كندي أدين بتهريب المخدرات، وسط تصاعد حدة الخلاف الدبلوماسي بين البلدين والذي يحذر محللون من تحوله إلى لعبة “سياسة احتجاز الرهائن” عالية المخاطر.
ونددت وزارة الخارجية الصينية بشدة “بالتصريحات غير المسؤولة” التي أدلى بها رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بعدما انتقد حكم الإعدام الصادر في الصين بحق روبرت لويد شلنبرغ (36 عاما).
وانخرطت بكين وأوتاوا في سجال منذ الشهر الماضي عندما أوقفت السلطات الكندية المديرة المالية لهواوي — أكبر شركة اتصالات صينية — بطلب من الولايات المتحدة التي تتهمها بانتهاك العقوبات المفروضة على إيران.
وفي تحرك اعتبره المراقبون بمثابة رد على توقيف منغ، اعتقلت السلطات الصينية مواطنين كنديين — هما الدبلوماسي السابق مايكل كوفريغ ورجل الأعمال مايكل سبافور — واتهمتهما بتهديد الأمن القومي.
وبعد ذلك، عادت السلطات للنظر في قضية شلنبرغ الذي حكم عليه بالسجن 15 عاما في تشرين الثاني/نوفمبر اثر إدانته بتهريب المخدرات.
وبعد شهر، أمرت محكمة عليا بإعادة محاكمته في مدينة داليان (شمال شرق) بعدما قضت أن العقوبة كانت متساهلة.
وأثار توقيت الحكم على شلنبرغ وسرعة الاجراءات القضائية وإضافة أدلة جديدة تظهره كمشتبه رئيسي في خطة لتهريب 222 كيلوغراما من الميثامفيتامين إلى أستراليا، شكوك المراقبين.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” كينيث روث على “تويتر” “في إطار لعبة سياسة احتجاز الرهائن، تسارع الصين لإعادة محاكمة مشتبه كندي وتحكم عليه بالإعدام في محاولة جليّة لدرجة لا بأس بها للضغط على كندا”.
واستخدم الاستاذ المتخصص في القانون الصيني في جامعة جورج واشنطن دونالد كلارك مصطلحا أكثر سوداوية لوصف الوضع مطلقا عليه “دبلوماسية التهديد بالقتل”.
وقال إن “الحكومة الصينية لا تحاول حتى التظاهر بأن المحاكمة كانت عادلة”.
وأعرب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن “قلقه البالغ” بشأن قرار الصين إصدار حكم بالإعدام “بشكل تعسفي”.
لكن المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا شونينغ نفت أن تكون بكين سيّست قضية شلنبرغ داعية كندا إلى “احترام دولة القانون واحترام السيادة القضائية للصين (…) ووقف الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة”.
وأصدرت أوتاوا تحذيراً جديدا يتعلق بالسفر لمواطنيها داعية إياهم إلى “ممارسة أعلى درجات الحذر في الصين نظرا لخطر التعرض إلى التطبيق التعسفي للقوانين المحلية”.
وبعد ساعات، أصدرت بكين ردا مشابها داعية المواطنين الصينيين إلى توخي “الحذر أثناء السفر” بعدما “احتُجزت في كندا في الآونة الأخيرة مواطنة صينية بشكل تعسفي بناء على طلب من دولة ثالثة”، في إشارة واضحة إلى توقيف منغ.
وأما صحيفة “ليغال دايلي” الرسمية، فنقلت عن المحكمة في مقاطعة لياونينغ تأكيدها الثلاثاء أن قراراتها “تتوافق مع بنود قانون الاجراءات الجنائية”.
توقيت مثير للشكوك
وتعدم الصين أجنبيا أو اثنين كل عام — جميعهم تقريبا لجرائم متعلقة بالمخدرات، بحسب جون كام مدير “مؤسسة دوي هوا” الحقوقية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها.
وأفاد خبراء أن الصين نادرا ما تعيد محاكمة مشتبه ما، خاصة في حال كان ذلك لتشديد الحكم، لكن المجموعات الحقوقية تشير إلى أن المحاكم لا تتمتع باستقلالية وبإمكان الحزب الشيوعي الحاكم التأثير عليها.
وفي هذا السياق، نوهت استاذة القانون في جامعة “سيتون هول” مارغريت لويس إن “الغريب هو كيفية تحول هذه القضية فجأة من البطء الشديد في التعاطي معها إلى السرعة الشديدة”.
ورأت أن القرار النادر من نوعه بالسماح لثلاثة صحافيين أجانب، بينهم مراسل وكالة فرانس برس، بحضور الجلسة “يوضح أن الحكومة الصينية ترغب بأن يتم تسليط الأضواء دوليا على هذه القضية”.
وقالت إن “التوقيت مثير للشكوك بينما تجعل جنسيته الأمر كله صارخاً” بشكل لا يمكن التغاضي عنه.
“خطأ جسيم”
ولدى شلنبرغ، الذي أصر على أنه بريء وأن أحد زملائه ورطه في الجريمة، عشرة أيام لتقديم طعن في الحكم لدى المحكمة العليا ذاتها التي رفضت استئنافه أول مرة.
ورجحت لويس بأن يتم تثبيت الحكم ليتم رفعه إلى “المحكمة الشعبية العليا”.
وقالت إن المحكمة العليا قد تثبت بدورها الحكم بالإعدام أو تصدر حكما بالإعدام مع وقف التنفيذ يتم تحويله إلى حكم بالسجن طويل الأمد أو تخفض العقوبة بحقه.
وقال كلارك “أتوقع بأن تماطل المحكمة الشعبية العليا في اتخاذ قرارها طالما أن مصير منغ لم يتحدد”.
ولا يزال مصير كنديين آخرين لا يعرف مكان احتجازهما غامضا.
والأسبوع الماضي، اتهم ترودو الصين باحتجاز كوفريغ وسبافور “بشكل تعسّفي وغير عادل”. وهما اعتقلا بعد تسعة أيام من توقيف كندا منغ.
ورفضت وزارة الخارجية الصينية إصرار ترودو على أن كوفريغ، الذي يعمل لدى “مجموعة الأزمات الدولية”، بتمتع بحصانة دبلوماسية.
وأفرجت محكمة كندية الشهر الماضي عن منغ بكفالة ما سمح لها بانتظار جلسة استماع في فانكوفر بشأن طلب الولايات المتحدة تسليمها.
وجددت بكين الثلاثاء دعوتها للإفراج عنها فورا، داعية كندا لتصحيح “خطئها الجسيم”. (أ ف ب)