السلايدر الرئيسيكواليس واسرار
“” تكشف اسرار حروب المخابرات العراقية ـ الاسرائيلية
ـ خاص ـ بعد سقوط النظام العراقي سرق من ارشيف العراق الكثير، بمساعدة عملاء تابعين للمخابرات الامريكية والاسرائيلية، حاولت اسرائيل قبيل سقوط النظام بسنوات طويلة استحصال ملفات تابعة ليهود العراق، لكن محاولاتها بائت بالفشل، وبعد السقوط حصلت اسرائيل على ملفاتها من اقبية المخابرات العراقية بمساعدة عملاء لها.
في التقرير الذي اعده الزميل ديار العمري ل القصة التي تروي محاولة بائسة من عمليات الموساد داخل العراق.
*ملاحظة ابطال القصة مازالوا على قيد الحياة، فرحان الاسم الرمزي في احد دول المهجر والأمريكي عاد الى الولايات المتحدة.
عملية الجذور
السجلات اليهودية
الزمن: 1993
المكان : مكتب الخدمة السرية في المخابرات العراقية / بغداد.
في صباح يوم تموزي،من صيف العراق اللاهب كان السيد (ابو عمر) احد ضباط مكتب الخدمة السرية في المخابرات العراقية يدقق في عدد من الملفات الموضوعة امامه، حتى رن هاتفه مكتبه الخاص ليتلقى اشاره مشفره من مؤتمن له (عميل) يطلب مقابلة سريعة بالقرب من مبنى الجهاز الكائن في منطقة المنصور.
على وجه السرعة توجه السيد (ابو عمر) للاجتماع بوكيله السري/ الذي اسرى له بعدد من المعلومات الهامة وبعض الملاحظات التي حصل عليها، ولم يكن هذا العميل سوى موظف في وزارة الاعلام / ولنرمز له بالاسم الحركي (فرحان).
كانت المفاجاة كبيرة وغريبة فالمعلومات التي قدمها (الفرحان) لضابط المخابرات تتخلص في محاولة صحفي أمريكي مستقل الحصول على ملفات الأحوال المدنية الخاصة بالطائفة اليهودية في العراق.
الصحفي الذي سنطلق عليه (صمؤيل) أمريكي يهودي الديانة ويعمل في احدى الصحف الامريكية الواسعة الانتشار محليا في الولايات المتحدة، ويحمل صمؤييل طلبا خاصا من قبل رئيس الطائفة اليهودية المقيمة في الولايات المتحدة المساعدة بالحصول على نسخ اصلية او مصورة لجميع الملفات الشخصية والسجلات المدنية ليهود العراق بحجة وضع دراسة شاملة للانساب اليهودية في الشرق الاوسط.
حدق السيد( ابو عمر) في وجه وكيله السري (فرحان) متسائلا :
هل طلب منك التوسط لنقل طلبه الى الجهات المعنية للمساعدة في الحصول على مبتغاه بشكل مباشر؟
اجاب العميل السري فرحان: الغريب نعم طلب ذلك، ولقد كنت في جلسة سمر مع صحفية أمريكية معروفة ( لاحقا قتلت الصحفية في احداث الحرب السورية)، في فندق بغداد في شارع السعدون ببغداد وبعد ذلك قدمتني الصحفية الامريكية للسيد (صمؤييل) الذي التحق بِنَا بعد ساعة من بدء الجلسة وقد طلبت مني أني اعمل معه لقاء اجر يومي، ومساعدته في عمله من خلال التنسيق مع وزارة الاعلام .
وأضاف الفرحان: التقينا في اليوم الثاني وبعد تقديم صمؤييل أوراقه وبياناته الشخصية للمركز الصحفي خرجنا للغذاء في فندق بغداد من جديد وهناك طلب مني هذا الطلب/ فنقلته لكم.
شعور داخلي انتاب الضابط (ابو عمر) وهو الضابط المحنك والمعروف بخبرته الطويلة في مكافحة شبكات التجسس في العراق ان الامر ليس بتلك البساطة بل ان هناك شي ما قد خطط له خارجيا.
عاد (ابو عمر) الى مكتبه في الجهاز وعلى الفور طلب الاجتماع مع عدد من ضباط شعبته لبحث تفاصيل المعلومات التي حصل عليها، اتفق الجميع على الاستمرار في دفع (فرحان) الموظف في وزارة الاعلام / للاستمرار في العمل مع المدعو(صمؤييل) وتشكيل فريق المتابعة والرصد.
لاحقا، اتصل (ابو عمر) (بعميله او مؤتمنه ) وطلب منه الاجتماع بشكل عاجل معه، لوضع خطه العمل والتحرك مع الانتباه والحذر الشديد من (صمؤييل) والاستمرار معه بشكل لا يلفت الانتباه.
تحرك جهاز المخابرات العراقي سريعا من اجل الحصول على مزيد من المعلومات عن المدعو (صمؤييل) من خلال محطته المخابراتية في واشنطن.
وبحكم وضع العراق والمقاطعة الدولية بسبب الحصار الاقتصادي والدبلوماسي فقد كان وضع محطته المخابراتيه في واشنطن صعبا، خصوصا وانه لايوجد تمثيل دبلوماسي بل ان السفارة الجزائرية تكفلت بالقيام بأعمال الخاصة بالعراق، وان اغلب العاملين في البعثة الدبلوماسية في الامم المتحدة كانوا موضع مراقبة لصيقة من قبل المخابرات الامريكية..
كانت تبدو مهمة صعبة الا انها ليست مستحيلة وخلال ايام كانت المعلومات موضوعة في ملف خاص امام الضابط (ابو عمر).
كانت المعلومات تتلخص:
صمؤييل، محامي سبق ان عمل في مجال مهنته لمدة عشر سنوات.
يهودي الديانية، تولد واشنطن.
متزوج من أمريكية يهودية والدها كان يعمل في جيش الدفاع الاسرائيلي استقال بعدها ليعمل في مجال التحقيقات الأمنية في تل ابيب.
صمؤييل عمل في مجال الصحافة ايضا وسبق ان نشر عدة تحقيقات صحفية.
صمؤييل ملتزم دينيا وحرصه على الصلاة يوم السبت معروف للكل.
لديه علاقات واسعة مع رئيس الطائفة اليهودية في واشنطن ونيويورك.
زار اسرائيل عدة مرات.
متطرف في آرائه السياسية.
سبق لهان قدم خدمات استشارية في اسرائيل لمؤسسات الأمن القومي.
المتابعة اليومية اثبتت انه على علاقة جيدة مع السفارة الاسرائيلة في واشنطن.
انتهى التقرير.
كان الساعات تمضي بشكل سريع وكان فريق العمل يتابع ويراقب كل نشاط يقوم به الصحفي
(صمؤييل) مع محاولات عدم التضيق عليه مباشرة وفسح المجال له لكشف اوراقه امام مرافقه (فرحان).
لم يكن (صمؤيل) سهلا بل كان دقيق الملاحظة، وكان يعمل بشكل مباشر وطبيعي، لكي لايلفت الانظار اليه، فتراه يتجه الى الدوائر المعنية بشكل مباشر ليشعر الطرف المراقب بان عمله او مهمته طبيعية ولا تستدعي المراقبة.
انتقل (صمؤييل) برفقه (فرحان) في جولات متعددة في عدد من مدن العراق من اجل عمل تحقيقات مصورة لصحيفته الامريكية (نتحفظ عن ذكر اسمها) وقام بنشرها، وكان صمؤييل / نشطا في اتجاه التعرف على عدد من الشخصيات الادبية والصحفية العراقية وتوثيق العلاقات معها عن طريق الدعوات الخاصة.زار ” صمؤييل ” عدد من محافظات العراق وركز في زيارته على مرقد نبي الله ذو الكفل (حزقيال) كما هو معروف عند اليهود في التوراة، أو ذو الكفل، كما هو مذكور في القرآن في مدينة الكفل “العراقية، حيث سميت المدينة نسبه إلى قبر “ذو الكفل”، يظهر على الجدران الداخلية نصوص باللغه العبرية تحت قبة مزودة بتصاميم تحتوي على نقوش للزهور تعود إلى العصور الإسلامية.
وكما هو معروف فان يهود العراق يشكلون أقلية تعتبر من أكبر الأقليات المكونة للنسيج العراقي وتعتبر من أبرزها في الشرق الأوسط حتى منصف القرن المنصرم وقبل رحيلهم إلى إسرائيل قصرا، حيث يعتبر النبي حزقيال أحد انبياء بني إسرائيل إذ كانوا اليهود يتوافدون إلى القبر خلال أيام عيد الفصح اليهودي.أما المسلمون فيعتقدون أن القبر يعود إلى ذي الكفل على نهر الفرات قرب النجف وقام بالتقاط الصور للتوثيق.
لكن (صمؤييل) لم يكن يخفي لهفته في الحصول على مبتغاه وهي السجلات المدنية ليهود العراق، كان بين الحين والاخر يسأل (فرحان) عن الوسيلة التي يمكن له ان يحصل عليها، وكان (فرحان) وهو عميل (مدرب) يعرف كيف يتلاعب بشكل طبيعي بـ (بصمؤييل) فقال له: اسمع اعرف ان هناك كنيسا يهوديا في منطقة البتاويين وسط بغداد وان رئيس الطائفة اليهودية (الياس) يمكن له ان يساعده في هذا الامر.
كان الامر بالنسبة (لصمؤيل) بمثابة قطع منتصف المسافة نحو الهدف، عاد (فرحان) ليلتقى بضابط الاتصال في المخابرات العراقية ليبلغه بما دار من حديث بينهما / وقد تفاجا ضابط المخابرات من طرح فرحان عن لقاء اقترحه مع رئيس الطائفة اليهودية في بغداد، لكنه سرعان ما قرر ان يستفيد من هذا الطرح في توثيق الحدث والتثبت من نوايا (صمؤييل) .
كان المعبد اليهودي في حي البتاوين يقع وسط سوق شعبي ممتد على جانبية شقق سكنية قديمة وبعضها يوفر مكانا يطل بشكل مباشر على ساحة المعبد اليهودي الصغيرة، ومن خلال هذه المساحة الصغيرة استطاعت الفريق الفني التابع للمخابرات العراقية ان يغطي المكان بكاميرات مراقبة موزعة على اربع اتجاهات.كان هدف المخابرات العراقية الناكد من نوايا الصحفي صمؤيل / ومدى استجابة زعيم الطائفة اليهودية المدعو (الياس) لرغباته.
وصل صمؤييل برفقه (فرحان) الى المعبد اليهودي في منطقة البتاويين وكانت تعليمات ضابط المخابرات المشرف على العملية ان يبقى فرحان في سيارته الشخصية من دون الدخول في المعبد وترك الامر يسير بصورة طبيعية وترك صمؤيل يتحدث مع الياس بحرية.
استمر لقاء صمؤيل مع زعيم الطائفة اليهودية الياس قرابة ساعة ونصف واستطاع جهاز المخابرات عبر عملية جرئية انتزاع جزء من التسجيل الصوتي عبر اجهزة تصنت تم نشرها في داخل المعبد بطريقة سرية قبل يوم واحد من اللقاء تحيط بمكان الاجتماع بجانب جهاز استرداد الصوت حيث تم تجميع التسجيلات للحصول على صورة كاملة من اللقاء.
فكانت التسجيلات التي تم تفريغها من قبل ضباط المخابرات العراقية كالتالي:
صمؤييل : اسعدت مساءا سيدي، اتمنى ان تكون بخير وصحة.
إلياس: اهلا وسهلا اتمنى ان تكون باحسن حال، فرصة سعيدة، كيف زيارتك لبغداد؟
صمؤييل: جيدة ومتعبة في نفس الوقت فالبيروقراطية متعبة والتصوير والعمل ليس سهلا، سيدي دعني ادخل في قلب الموضوع، انت تعرف سبب زيارتي مسبقا فانا احمل طلبا من زعيم الجالية اليهودية في نيويورك وواشنطن بالحصول على وثائق تخص الارشيف اليهودي والسجلات المدنية لليهود.
الياس: مهمتك صعبة جدا كيف قبلت بها ؟ على كل حال السجلات والوثائق محفوظة في مكان خاص للحكومة العراقية وبعضها في اقبية الامن وهي ليست متاحة حتى لنا لكننا مازلنا نحتفظ ببعض منها لااعرف ان كانت بالاهمية التي تتصورها؟
صمؤييل: عظيم هو امر مهم ان احصل على تلك السجلات او نسخ منها، لانها تعتبر ثروة لنا.وساحاول ان استحصل على بعض منها بطرق اخرى.
إلياس: ماسر هذا الاهتمام في هذا الوقت بالذات للحصول على السجلات المدنية؟
صمؤييل: هناك من طلبها في تل ابيب وواشنطن،مؤسسات بحثية مرتبطة مع ماذكرت سابقا، وعوائل يهودية من اصل عراقي تحاول الحصول على تلك المستمسكات.انه امر يتعلق بوجودهم .
الياس: حسنا لكن دعني اسالك من هذا المرافق الذي يجلس في السيارة هل تثق به؟
صمؤييل: ليس كثيرا فانت تعرف انه موظف في وزارة الاعلام وقد يكون متعاونا مع الامن العراقي ويكتب التقارير ولكنه جيد ومتعاون والفلوس تعمل الكثير في هذا الوقت، ولكن في نفس الوقت لاريد ان اكون مجحفا بحقه .
الياس: على كل حال انتبه ستصلك المعلومات الى الفندق عن طريق شخص وسنعمل على تصوريها وارجوك لاتاتي الى هنا مجددا فالمعبد قد يكون مرصودا.
انتهت المقابلة .
كان التسجيل بمثابة دليل قوي ومستمسك على سعي اطراف اسرائيلية ومخابراتية للحصول على سجلات ووثائق تعتبر من سجلات الارشيف المدني الحكومي العراقي وربما قد تكون هناك دوافع اخرى!!!!!
من طرف الخيط هذا كان لابد من ان تتخذ المخابرات العراقية خطوة سريعة لكنها لاتريد في نفس الوقت الدخول في نراع مع الادارة الامريكية بحجة اعتقال مواطن أمريكي مما قد يزيد من احتقان الأوضاع.
استمر صمؤييل في طلبه بأشكال مختلفة وكانت الدوائر المعنية تماطل في تنفيذ الطلب وتضع العراقيل بأمر من المخابرات لحين اتخاذ قرار بشأنه.
كان القرار هو القاء القبض على صمؤييل عبر استدراجه بحجه بسيطة تمثلت بتصريف العملة الصعبة من مكان مشبوه، فالشخص صاحب محل بيع العملة يذهب الى الفندق ويدخل غرفه صمؤييل لتسليم المبلغ وبعد الخروج اقتحم عناصر المخابرات الغرفة بحجة التفتيش على الواقعة، ولَم يكن هناك اَي أوامر لضباط المخابرات بكشف ما يملكونه من معلومات ومحاولة وضع الامر في إطار البحث عن المتعاملين في العملة الصعبة خارج القانون ، اثناء التحقيق وبعد ان اجلس صمؤييل لخمس ساعات أو اكثر محجوزا في غرفته، ساله الضباط هل انت صحفي أم ماذا؟ هل تتاجر في العملة ؟
من شدة خوف صمؤييل تلعثم وبات يكشف قليلا ما جاء من اجله وتظاهر ضباط المخابرات بعدم الأكتراث له أو انهم غير مصدقين وباتوا يحققون معه حتى كان القرار هو طرده وتسفيره في نفس الْيَوْمَ برفقة مرافقين الى الحدود مع الاْردن انتهى الامر بسلاسة من دون مشاكل كبيرة ومن دون تدخل سياسي تجنبا للمزيد من التعقيدات.