ـ القاهرة ـ من شوقي عصام ـ تمر اليوم الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ليسقط نظام استمر، راسخة أقدامه بقوة في جذور الدولة المصرية، حوالي 30 سنة إلا أيام، ويعتبر سقوطاً مؤقتاً لنظام حركة الضباط في عام 1952، الذي عاد مرة أخرى، باعتبار أن العيد القومي المستمر لمصر ، هو 23 يوليو.
رموز نظام “مبارك”، كانوا قوة الرهان على استمراره، فطوال 30 عاماً، كان هذا النظام يتمتع بشخصيات لها أدوار خاصة، جعلتها من أهل الثقة، واستمراريتهم علت بخبرتهم، ودعم استكمال وجود النظام، فهذه الرموز التي كانت مظاهر الدولة العميقة، التي تتميز بها مصر، فبالرغم من أن فكرة الدولة العميقة ترهق الشعب، ولكنها تحافظ على سيادة الدولة دائماً.
رموز “مبارك”، على الرغم من انتهاء مستقبلهم السياسي، إلا أنهم لم يخسروا إلا قليلاً، فهناك من دخل السجن وخرج واستكمل حياته، والقليل كسب كثيراً من سقوط هذا النظام، وهناك من كان سقوط النظام فرصة العمر، ليكونوا في سدة الحكم، ولكن ظروف الحياة والموت حالت دون ذلك.
المشير طنطاوي… الرابح الوحيد
هو الرابح الوحيد من سقوط النظام، لم يستطع أحد مساسه، يعتبره البعض الأب الروحي للرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، فهو الرجل الذي ثار من أجله قادة الجيش في حكم “مرسي”، عندما شنت جماعة “الإخوان” حملة ضده لغرض محاكمته، فحصل على صك الحماية الأبدية، ليكون حاضراً بمقام عالٍ، بجانب رئيس الجمهورية في أهم المناسبات المصرية.
طنطاوي تسلم الحكم بعد مبارك، لكونه رئيساً للمجلس العسكري الحاكم في فترة ما بين حكم مبارك وتسلم “الإخوان”، وعمل على حماية وضع الجيش مع تسلم محمد مرسي السلطة، وأدار عملية توصيل مدير المخابرات العسكرية لمنصب وزير الدفاع، اللواء السيسي وقتئذٍ، وقائد الجيش الثالث اللواء صدقي صبحي وقتئذٍ، ليكون رئيساً لأركان حرب الجيش المصري، لحماية القوات المسلحة من مخطط الأخونة.
حبيب العادلي… قبضة الأمن القوية
كان صمام الأمن في عهد مبارك، حيث فرض قبضة أمنية كانت الأقوى في تاريخ مصر، ارتكب الجهاز الشرطي بعض التجاوزات في عهده، وكان سلوك بعض الشرطيين، دافعاً للغضب الشعبي في 25 يناير، هون من تحركات الشارع في يناير، ليسقط الجهاز الأمني في جمعة الغضب 28 يناير، ويخرج من وزارة الداخلية في مساء هذا اليوم متخفياً في سيارات عسكرية، تخوفاً من الفتك به.
للعادلي، شعبية كبيرة في الجهاز الشرطي، وأيضاً في الشارع المصري، لا سيما أن معدل الأمن في فترة توليه سلطة الداخلية، كان في أعلى معدلاته، لا سيما أنه كان محجماً لعمل جماعة “الإخوان” في الشارع، ويخضع الآن لمحاكمات قضائية في تهم إهدار المال العام، ولكن مثوله أمام القضاء غير واضح للرأي العام.
عمر سليمان… لغز الحياة والموت
كان اللواء عمر سليمان، صاحب شعبية قوية على المستوى الشعبي في مصر، وأيضاً على مستوى العلاقات الدولية، فهو رئيس تاريخي لجهاز المخابرات المصرية، وتسلم منصب نائب الرئيس في آخر حكم مبارك، ولكن جماعة “الإخوان” بذلت جهداً كبيراً لعدم وصوله إلى السلطة، أو إمكانية خوضه انتخابات الرئاسة، أمام مرشح الجماعة في عام 2012.
توفي سليمان، خلال عملية جراحية في الولايات المتحدة، وهي حالة الوفاة المحيطة بغموض الرجل القوي، لدرجة أن البعض يظن أنه لا يزال حياً، وسط قصص عن أن وفاته كانت في سوريا، خلال اجتماع خلية أزمة داخل مبنى الأمن القومي السوري في حي الروضة وسط دمشق، أسفر عن مقتل شخصيات كبيرة في أركان النظام السوري، أبرزهم وزير الدفاع داود راجحة، ونائبه آصف شوكت.
صفوت الشريف… مهندس النظام
أنهى مشواره السياسي، بالتورط في “موقعة الجمل”، التي قصمت ظهر نظام مبارك في فبراير 2011، ظل في محاكمات قضائية في جرائم الكسب غير المشروع، والتورط في قتل متظاهرين، والآن اختفى عن الأنظار تماماً.
كان مساهماً في ملفات صنع القرار في مصر، منذ أن كان ضابطاً بجهاز المخابرات منذ منتصف الستينيات، سقط في قضية فساد المخابرات الكبرى وقت النكسة، عاد للعمل في عهد أنور السادات، ثم أصبح مهندساً للبروباجندا لحكم مبارك، وأسهم في وضع أساساته، وكان صاحب فكرة مسلسل “التوريث”، ليحكم جمال مبارك بعد والده.
الشريف كان الرجل الأول سياسياً في نظام “مبارك” طيلة 30 عاماً، من وزارة الإعلام، حتى إعادة نفخ صورة الحزب الوطني، ليكون كل شيء، ما بين رئيس لمجلس الشورى، الأمين العام للحزب الوطني، رئيس المجلس الأعلى للصحافة.
فتحي سرور… المشرع التاريخي
عاد للوقوف أمام منصة القضاء كمحامٍ، بعد خروجه من السجن، بعد اتهامات بالتورط في موقعة الجمل.
هو أبو القانون الجنائي على مستوى العالم، ظل رئيساً لمجلس الشعب المصري، لما يصل إلى 20 عاماً، وأعطت خبرته وحنكته الدستورية، مساحة واسعة لإصدار التشريعات، التي أعطت قوة للنظام.
سامي عنان… المذبحة التي صنعته
تم توقيفه عسكرياً منذ عام، عقب إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية، واقتيد للنيابة العسكرية، لمخالفة لوائح وقوانين القوات المسلحة بإعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية، دون الحصول على موافقة القوات المسلحة، أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء استدعائها له، حيث تضمنت أوراق عنان إنهاء خدمته في القوات المسلحة، على غير الحقيقة، الذي عده البيان جريمة تزوير في المحررات الرسمية.
لم يلعب الحظ في حياة شخص، مثلما كان مع عنان، فهو الرجل العسكري، الذي كان على بعد لحظات من إنهاء خدمته، حيث كان قائداً للفرقة 15 بالأقصر، لتأتي مذبحة السياح بالأقصر، التي لاحق فيها عناصر إرهابية، متهمين بالجريمة عند الهروب بجوار المنطقة العسكرية، فجاء مبارك إلى مكان الحادث، ليجده الوحيد الذي تحرك في مواجهة هذه الجريمة، فترقى ليكون رئيس عمليات سلاح الدفاع الجوي، ثم رئيساً لأركان السلاح، ثم قائد قوات الدفاع الجوي، ثم رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة، في أقل من 8 سنوات.
وقت 25 يناير، كان عنان في الولايات المتحدة، ليعود شريكاً لطنطاوي، في قيادة المجلس العسكري الحاكم، لتنتهي مسيرته مع عمله على الترشح للرئاسة، لا سيما أن شعبيته محدودة في الشارع.
أحمد عز… رجل التنظيم الحديدي
حاول العودة للسياسة، عبر الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لكن تراجع عن خوضها، بعد 25 يناير، واجه السجن في تهم إفساد الحياة السياسية، وتهم تتعلق بالذمة المالية، ورخص الحديد، حيث يعتبر أحد أهم صناع الحديد والصلب بالعالم.
كانت مهمته خلق تنظيم سياسي له قواعد، يواجه القوة التاريخية لجماعة الإخوان في الشارع منذ عشرينيات القرن الماضي، حيث كان أميناً للتنظيم للحزب الوطني، والمقرب لجمال مبارك، ويتهم من جانب مؤيدي نظام “مبارك”، بأنه أسقط النظام بتجريفه التربة السياسية، وما تردد عن تزوير الانتخابات البرلمانية عام 2010، التي سقط النظام بعدها بأقل من شهر.
زكريا عزمي… حاكم الديوان
حصل مؤخراً على تأييد من المحكمة بحكم البراءة في قضايا الكسب المشروع، التي تورط فيها بعد 25 يناير، بعد أن قضى وقتاً بالسجن في فترة حكم الإخوان.
لقب بـ”كاتم أسرار” مبارك في فترة حكمه، كان رئيساً للديوان الرئاسي، وقيادياً بالحزب الوطني الحاكم، وكان له نفوذ كبير في تعيين الوزراء واختيار المسؤولين، وكان يرتدي أحياناً أمام الرأي العام، ثوب المعارض لسلوك الهيئة البرلمانية للحزب الوطتي، تحت قبة مجلس الشعب.
مفيد شهاب… محامي النظام
عاد للعمل القانوني على المستوى الدولي، فهو أبو التحكيم الدولي، وكان قائداً في وفد مصر أمام إسرائيل وقت التحكيم الدولي على طابا، لتعود هذه المدينة إلى الأراضي المصرية.
هو من القلائل بالنظام، الذين لم يعبروا أبواب السجن بعد 25 يناير، كان وزيراً للشؤون القانونية والبرلمانية، لذلك كان يلقب بـ”محامي الحكومة”، فضلاً عن دوره في تطوير عمل الحزب الوطني، الأمر الذي كان يصطدم بـ”أحمد عز” ورجاله.
أحمد شفيق… الإخوان أضاعوا حلمه
يُقال إن الفريق أحمد شفيق، كان فائزاً بالانتخابات الرئاسية في 2012 على مرشح الجماعة محمد مرسي، وأن النتيجة تغيرت عند نزول الإخوان في الشارع، قبل الإعلان عن النتيجة، مهددين بإحراق البلد، وقنص المواطنين، بعد أن اتخذوا من أسطح البنايات مواقع في المناطق الحيوية بمصر .
يحضر شفيق، الآن، المناسبات العامة بين حفلات الزفاف وتقديم واجب العزاء، بعد أن عاد إلى مصر من الإمارات، وغيّر توجهه بالترشح على المنصب الرئاسي في الانتخابات الأخيرة.