تخطئ الحكومة القطرية في اللجوء إلى حمد بن جاسم بن جبر لإرسال رسائل مبهمة قد تفهم بأنها تصالحية، حيث من الواضح أن هناك توجيهاً باستخدام حمد بن جاسم رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري السابق في إجراء مقابلات مع وسائل إعلام عالمية كالمقابلة الأخيرة مع فرانس 24، وذلك نحو فتح قناة بعد أن انسدت الأبواب كافة أمام الدوحة ودبلوماسيتها البائسة بالرغم من وعود متنفذين مستفيدين.
ذلك لأن الرجل يحمل أثقالاً وأخطاء وخطايا في العديد من الملفات، ولا يمكن لدول المنطقة أن تعتقد بما يطرحه الرجل الذي تسعى الدوحة إلى إعادة إنتاجه وتثق فيه ، فليس حمد بن جاسم بن جبر، إلا عرّاب العلاقة القطرية «الإسرائيلية»، ولقد لعب دور المخرب في سوريا حتى فقدنا القدرة، كعرب، في التأثير على تطورات الأزمة السورية، فيما التدخلات متبوعة بالتأثير قائمة من أطراف لا علاقة لها، ومنها عدوّا الأمة العربية السافران في راهن العرب وهما إيران وتركيا.
ثالثة الأثافي تورط عرّاب الخراب حمد بن جاسم بن جبر في أشرطة كان يحيك فيها المؤامرات ضد الرياض والملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله.
سعى حمد بن جاسم إلى الترويج للمقولة القطرية بأن الأزمة الحقيقية مع أبوظبي فقط وليس الرياض، وفي هذا الافتراء ترويج للكذبة الكبرى، فكما أن هناك غضباً ضد قطر وممارساتها وسياسات غدرها وتآمرها في أبوظبي، فهناك غضب موازٍ ومماثل في الرياض، وهناك غضب في المنامة، وهناك غضب في القاهرة، ولا يظنن أحد أن الغضب رسمي فقط، ففي هذه العواصم والدول، ولها ثقلها، كما في غيرها، غضب شعبي حقيقي وعارم ضد قطر وأيديها الملوثة بدماء الأبرياء العرب في كل مكان.
لا يمكن إعادة إنتاج حمد بن جاسم، لكن الأكيد أنه أداة للسياسة القطرية القديمة التي ما زالت تمثل توجه الظل، والتي يمثلها في المقابل الأمير السابق حمد بن خليفة وتابعه حمد بن جاسم، والأكيد، إلى ذلك، أن إعادة تلميعه مؤشر إلى تعدد الدوائر والمسارات التي تتبناها أو تنتهجها قطر، في محاولة للخروج من أزمتها الحالية. في ضوء ذلك مثلاً، تمكن قراءة زيارة تميم الأخيرة إلى ألمانيا وقبلها إلى بريطانيا، فلا نتائج غير الوعود بالاستثمار، فيما لم تحمل الزيارتان في طياتهما أي قيمة سياسية، كما أن تأجيل القمة الأمريكية الخليجية شكل عامل إحباط كبيراً للدوحة، لأن السذاجة القطرية ما زالت تتوقع أن التدخل الأمريكي كفيل بحل الأزمة، أزمة قطر وحدها، التي ذهبت بها إلى طرق مسدودة أو طريق اللارجعة، شأن من ينتحر سياسياً غير منتبه، من فرط الغفلة أو الغرور أو قلة الذكاء لا فرق، أنه ينحدر إلى هاويته السحيقة، أو أنه يحفر قبره، حقيقة لا مجازاً، بيديه، والحقيقة هي الحقيقة لا غير: الأمل في التدخل الأمريكي أمل هش ساذج، ولا حل من دون التزام قطر تعهداتها بشأن التطرف والإرهاب، والتدخل في شؤون دول المنطقة، والتحالف مع أعدائها، وتقويض أمنها واستقرارها.
جاءت مقابلة حمد بن خليفة ل «فرانس 24» في هذا الإطار: دولة تعاني أزمة حيوية لم تنفع معها كل أدواتها المالية والإعلامية في الحل أو حتى «الحلحلة». دولة تستحضر شخصية من الماضي كما يستحضر الدجالون الأرواح، على أمل أن يفهم بأنها تقدم تنازلات أو تتجه إلى تقديم تنازلات، والقصد المكشوف، الساذج ثانية أو ثالثة، أن يعبر من هو في الظل بدل من هم في الضوء، فلا بأس، في نظر قطر، أن يعلو صوت الكواليس لعله يبعثر أو يشظي بعض العتمة التي تكدس بعضها فوق بعض. تكلم رجل الظل والكواليس حتى لا يرد الكلام من مصادر مسؤولة حالياً.
إذا كان لا بد من نصيحة بهذا الصدد، فسوف تكون مِن واقع الانتخابات العراقية، ومن واقع الجدل الدائر في العراق الآن عن مستقبله ومستقبل شعبه، حيث «المجرب لا يجرب».
فهذا سيئ الذكر يا جارة السوء.. هذا حمد بن جاسم بن جبر، عرّاب التواصل والتطبيع مع ««إسرائيل»»، عرّاب قاعدة العديد، عرّاب تقويض الأمن في سوريا يوم لم يجد في سوريا التاريخ والحضارة والعمق العربي إلا «صيدة» سائغة، والاقتباس من إحدى مقابلاته في مسلسل استخدامه بهذا الشكل البشع. هذا هو حمد بن جاسم بن جبر عرّاب التأمر على عديد دول عربية على رأسها مصر. هذا هو حمد بن جاسم بن جبر عرّاب التآمر على المملكة العربية السعودية الشقيقة، فهل يعاد إنتاجه؟
المرحلة يا جارة السوء، مرحلة الإمارات والسعودية، أبوظبي والرياض، التقدم و المعرفة والانفتاح والتسامح وسيادة القانون والقيم. المرحلة مرحلة خليفة بن زايد وسلمان بن عبدالعزيز، والمرحلة مرحلة محمد بن زايد ومحمد بن سلمان.
ليست المرحلة وإنما الزمن، فلا مكان في زمن الفرز والوضوح لمن حاول بث الفرقة في أرض الحرمين والمقدسات، المملكة العربية السعودية، ولمن أدخل ««إسرائيل»» إلى كل بيت عربي عبر قناة الجزيرة الإرهابية. لا مكان لمن تحالف مع الإخوان المسلمين لأنه منهم، ولمن دعم بالمال والإعلام تنظيمات «داعش» والقاعدة والنصرة وحزب الله اللبناني الإيراني وميليشيات الحوثي الإيرانية الانقلابية.
أما التباكي على مجلس التعاون، فإن الأشرطة المسرّبة من عرّابي تنظيم الحمدين، حمد بن خليفة وتابعه حمد بن جاسم بن جبر ترد عليه، وكذلك العقل ومنطق السياسة والتاريخ: مجلس التعاون وجد ليبقى، وهو باقٍ بقطر ومن دونها.
الأكيد أن حلم زايد الخير والآباء المؤسسين باقٍ، والأكيد فشل قطر الساذجة في كل شيء، وخصوصاً في إعادة إنتاج وإعادة تدوير منتهي الصلاحية حمد بن جاسم.
صحيفة الخليج