العالم

ترامب قد يطرح تخفيف العقوبات وإعلان السلام في قمته المقبلة مع كيم

ـ واشنطن ـ  يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تحقيق تقدم خلال قمته الثانية مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون متسلحا بخيارات قد تغري بيونغ يانغ من قبيل تخفيف العقوبات وتوقيع إعلان سلام وحتى سحب القوات من كوريا الجنوبية.

وبعد المصافحة التاريخية بين ترامب ومون في سنغافورة في حزيران/يوينو، يصّر صناع السياسات في واشنطن على الحاجة إلى تقديم بيونغ يانغ تنازلات ملموسة بشأن برنامجها النووي في القمة المقبلة التي يقول الرئيس الأمريكي إنها ستجري أواخر شباط/فبراير، على الأرجح في فيتنام.

لكن الكثير يعتمد على ترامب المتقلب الطباع، الذي أعلن أن مد يده لعدو الولايات المتحدة التاريخي كان بمثابة انقلاب دبلوماسي وندد بالانتقادات لقمتهما الأولى التي اعتبرتها مناسبة رمزية.

ويعتقد مراقبو الملف الكوري الشمالي أن هدف كيم الأساسي هو تخفيف العقوبات الدولية ويشككون في إمكان تخليه فجأة عن ترسانة بلاده النووية التي قضى نظامه المتوارث عقودا في بنائها حتى في فترة المجاعة.

وقال الاستاذ في جامعة “كوكمين” في سول الذي درس في بيونغ يانغ إن العقوبات “ليست شديدة بما يكفي لخلق مشكلات اقتصادية خطيرة في البلاد لكنها شديدة بما يكفي لجعل النمو الاقتصادي أمرا صعبا أو لا يمكن تحقيقه”.

واضاف “من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد والبقاء في السلطة، يعلم الكوريون الشماليون بأنه سيكون عليهم ردم أو على الأقل تضييق الفجوة العميقة بين اقتصادهم واقتصادات الدول المجاورة، وخصوصا كوريا الشمالية والصين”.

 خيارات معقدة

عندما التقى كيم ترامب في أول قمة في التاريخ بين البلدين، بدت كوريا الشمالية تسعى لمعاهدة أو حتى بيان ينهي رسميا الحرب الكورية (1950-53) التي انتهت بهدنة.

لكن مدير الدراسات الآسيوية في جامعة جورجتاون والمفاوض السابق مع كوريا الشمالية فيكتور تشا قال إن أي إعلان سلام سيكون في النهاية مجرد خطوة رمزية.

وقال “لا أعتقد أنهم سيرفضون ذلك. سيكون إعلان السلام مؤشرا الى نوايا غير عدائية. لكنهم يريدون دليلا ملموسا على النوايا اللاعدائية، أي رفع بعض العقوبات”.

وتعهد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عدم رفع العقوبات حتى نزع كوريا الشمالية لأسلحتها النووية. ولا يمكن رفع العديد من العقوبات الأمريكية المرتبطة بمسائل حقوق الإنسان والفساد بدون تدخل الكونغرس الذي يستبعد أن يتعاطف مع بيونغ يانغ.

لكن تشا قال إن الولايات المتحدة قد تقدم مساعدات بشكل غير مباشر عبر حكومة كوريا الجنوبية الداعمة للسلام، من خلال العمل في الأمم المتحدة على إزالة العقوبات التي تعرقل إعادة إطلاق المشاريع بين الكوريتين على غرار مجمع “كايسونغ” الصناعي.

وتستعد الولايات المتحدة لتخفيف القيود على المساعدات الإنسانية وقد تقترح تبادل مكاتب تنسيق مع بيونغ يانغ، في خطوة تسبق إعادة العلاقات الدبلوماسية.

ويشير ترامب إلى تعليق كوريا الشمالية الاختبارات الصاروخية والنووية كمؤشر الى التقدم الذي تم تحقيقه، بعد سنتين من بلوغ المخاوف من اندلاع حرب ذروتها. ويطالب المسؤولون الأمريكيون بجردة بجميع مواقع الأسلحة الكورية الشمالية مع السماح بحضور مفتشين.

لكن الخبراء يتوقعون أن لا توافق بيونغ يانغ إلا على تفكيك المنشآت القديمة مع المحافظة على قدراتها. وعام 2008، دعت كوريا الشمالية وسائل الإعلام الدولية لحضور عملية نسف برج تبريد في يونغبيون، الذي لا يزال يعتبر مجمعها النووي الرئيسي.

 اتفاق قد يتجاهل حلفاء واشنطن 

وتتساءل كوريا الجنوبية واليابان إن كان ترامب الذي رفع شعار “أمريكا أولا” سيركز على نزع برنامج كوريا الشمالية للصواريخ البالستية العابرة للقارات الذي يتطور بشكل متسارع.

وفي مقابلات جرت معه مؤخرا، وصف بومبيو دبلوماسية واشنطن حيال كوريا الشمالية بأنها وسيلة لحماية الأمريكيين.

وفي هذا السياق، قال الباحث بروس كلينغنر من “مؤسسة هيراتيج” في واشنطن إنه “سواء كان ذلك منصفا أم لا، يفسّر حلفاؤنا ذلك بأنه رغبة من الولايات المتحدة لوضع اتفاق يحمي أمريكا فقط ولا يأبه بسلامة حلفائنا”.

وتأتي القمة المقبلة على وقع جمود طال أمده في المفاوضات بشأن التكلفة التي على كوريا الجنوبية دفعها للولايات المتحدة لإبقاء جنودها البالغ عددهم 28500 فيها.

وأوضح كلينغنر أن “هناك مخاوف من أن ترامب قد يكون متحمسا للغاية لتحقيق نجاح لدرجة قد تدفعه للتوقيع على إعلان سلام واتفاق مرتبط فقط بالصواريخ البالستية بعيدة المدى أو حتى خفض عدد القوات الأمريكية في شبه الجزيرة إما مقابل تجميد تشغيل (مفاعل) يونغبيون واما ردا على الجمود الحالي في سيول”.

ولطالما شكك ترامب في قيمة تكلفة تحالفات واشنطن ويطالب سيول بدفع المزيد.

لكن أي وعد يقطعه ترامب لكيم بسحب الجنود سيقابل على الأرجح بمعارضة واسعة من الكونغرس وبغضب من حكومة اليابان المحافظة وقلق من كوريا الجنوبية، حيث يدعم الرئيس مون جاي إن الوجود الأمريكي أكثر من أسلافه اليساريين.

وحتى ترحيب كوريا الشمالية بالانسحاب هو أمر غير مضمون. وقال لانكوف إن بيونغ يانغ ترى أن القوات الأمريكية في شبه الجزيرة تشكل قوة موازنة للصين، حليفتها الأقرب والتي ترى بدورها أن كوريا الشمالية تشكل مصدر قلق على المدى البعيد. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق