تحقيقات

محادثات واشنطن وطالبان.. تساؤلات بشأن اليوم التالي لاتفاق محتمل

ـ كابول ـ بعد أكثر من 17 عاما على الاجتياح الأمريكي لأفغانستان، تبدو واشنطن وحركة طالبان أقرب من أي وقت مضى الى التوصل إلى اتفاق، قد يجلب المتمردين إلى طاولة المفاوضات لبحث فرص السلام.

لكن مع اعتبار انسحاب القوات الأمريكية جزءا من الاتفاق، تزداد المخاوف بشأن ما قد يعنيه خروج الولايات المتحدة بالنسبة لأفغانستان في وقت تتعرض القوى الأمنية لخسائر كبيرة وتواجه الحكومة اضطرابات تتعلق بالانتخابات ويدفع المدنيون الثمن الأكبر لنحو عقدين من الحرب.

وفي ما يلي ملخص لوضع المحادثات وما يمكن توقعه مستقبلا:

ما الذي حصل حتى الآن؟

عقد ممثلو الولايات المتحدة وطالبان عدة جولات من المفاوضات في الأشهر الأخيرة في إطار التحرك الدبلوماسي الرامي لإقناع المتمردين بالانخراط في محادثات السلام.

وانتهت آخر جولة في قطر السبت بعد ستة أيام متتالية من المفاوضات، وهي أطول فترة يجتمع فيها الطرفان بشكل متواصل حتى الآن.

وشاركت في المحادثات كل من السعودية والإمارات وباكستان — وهي الدول الوحيدة التي اعترفت بنظام طالبان في أواخر التسعينات. إلا أن الحكومة الأفغانية انتقدت عدم إشراكها فيها.

ويتفاوض عناصر الحركة المسلحة من موقع قوة إذ لديهم اليد العليا في ساحة المعركة بينما تخيم حماسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبدء سحب قوات بلاده من أفغانستان على المحادثات، وفق تقارير إعلامية.

ما هو هدف المحادثات؟

يبدو الهدف إيجاد طريقة لإقناع طالبان بالانخراط في مفاوضات سلام مع الحكومة في كابول لإنهاء النزاع الأفغاني.

وقد يتطلب ذلك إحراز بعض التقدم في مطالب الطرفين القديمة. وبالنسبة لطالبان، يشمل ذلك وضع جدول زمني لسحب القوات الأجنبية من أفغانستان بينما تسعى الولايات المتحدة للحصول على تعهدات بأن أفغانستان لن تُستخدم مجددا كمنصة لشن هجمات على الدول الأخرى.

وبين المسائل الأخرى، التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتبادل الأسرى وطريقة إدخال طالبان في الحكم في كابول دون تقويض شرعية الحكومة المنتخبة في كابول.

ويسود اعتقاد واسع بأن طالبان ترغب بالعودة إلى السلطة في أفغانستان وإعادة فرض حكم الشريعة الإسلامية رغم عدم وضوح الصورة بشأن إن كانت الحركة مستعدة للتخفيف من موقفها المتشدد بعد الانسحاب الأميركي.

ماذا قرروا؟

لا شيء بعد. لكن يُعتقد أن الولايات المتحدة وطالبان اقتربتا من التوصل إلى اتفاق أكثر من وقت مضى. وفي الوقت الحالي، اتفق الطرفان على مواصلة المحادثات.

بدوره، بدا المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد متفائلا حيث أفاد السبت أن المحادثات “كانت مثمرة أكثر مما كانت في السابق. أحرزنا تقدماً كبيراً بشأن قضايا مهمة”.

لكنه أضاف “لن يتم الاتفاق على شيء إلا إذا تم الاتفاق على كل شيء. و+كل شيء+ يجب أن يشمل حوارا بين الأفغان ووقفا شاملا لإطلاق النار”.

وأقرت حركة طالبان كذلك بإحراز تقدم رغم أن المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد نفى التقارير التي تحدثت عن خطة انسحاب مدتها 18 شهرا ووقف لإطلاق النار.

ما الذي سيحصل بعد ذلك؟

أعلن خليل زاد أنه سيعود إلى كابول لإجراء مشاورات حيث يرجح أن يعقد سلسلة اجتماعات مع الحكومة الأفغانية.

وذكر ممثلو طالبان أنهم ينوون “مشاركة تفاصيل الاجتماعات والحصول على المشورة” من قادتهم قبل المضي قدما، بينما تعهدوا باستئناف “اجتماعات مستقبلية مشابهة”.

ومن المتوقع اجراء مزيد من المحادثات قريبا، لكن لم يحدد أي من الطرفين تاريخا لذلك أو تاريخ الإعلان عن اتفاق.

وحتى ولو تم التوصل إلى اتفاق في المستقبل القريب، لن يشكل ذلك إلا بداية عملية السلام. وستكون هناك ضرورة لإدارة الانسحاب بحذر لمنع انهيار قوات الأمن الأفغانية بينما قد تستغرق أي مفاوضات بين طالبان والحكومة الأفغانية أشهرا إن لم يكن سنوات.

ما الذي يعنيه ذلك لمستقبل السلام؟

أوضح المحلل لدى “مجموعة الأزمات الدولية” برهان عثمان لوكالة فرانس برس أن “هناك الكثير من الأمور الغامضة (…) إنها البداية فقط. لا ينبغي على أي شخص الاستهانة بتعقيد وحساسية الطريق أمامنا من هنا”.

ولا يزال رفض طالبان الصريح إجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية يشكل نقطة خلاف رئيسية إذ يعتبرها المتمردون مجرد “دمية” في أيدي الغرب.

وحذر عثمان من أنه حتى ولو اتفقت واشنطن مع طالبان على طريقة لجلب عناصر الحركة إلى طاولة المفاوضات مع كابول، ستكون أي تفاصيل موضع “مفاوضات شائكة في إطار معركة إرادات طويلة بين أطراف معنية غير طالبان والولايات المتحدة”.

والعام الماضي، عرض الرئيس الأفغاني أشرف غني خطة سلام تشمل وقف إطلاق النار ودعا إلى انخراط طالبان في الحياة السياسية في البلاد.

لكن رد طالبان كان فاترا، بينما أشار خبراء إلى عدم وجود سبب يدفع الحركة لتغيير موقفها الآن.

وقال المحلل الأفغاني نزار محمد لوكالة فرانس برس إن “طالبان لن توافق على اتفاق لمشاركة السلطة”.

ويشير بعض المراقبين إلى أن طالبان تبدو وكأنها خففت من حدة موقفها بشأن بعض القضايا كموافقتها على هدنة مدتها ثلاثة أيام العام الماضي وتقديم تنازلات هامشية في ما يتعلق بحقوق المرأة.

لكن يرجح أن تدعو الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى اتفاق يتواءم مع مبادئ الديموقراطية، وهو أمر يستبعد أن توافق طالبان عليه. ويبدو غير واضح إلى أي مدى سيكون غني مستعدا أو قادرا على مجاراة المتمردين أو كيف ستتمكن واشنطن من تطييع طالبان دون أن تتواجد عسكريا في أفغانستان.

وسيحمل انسحاب الولايات المتحدة دون تحقيق نوع من التقارب بين طالبان وكابول تداعيات كارثية.

ويمكن أن تنقسم قوات الأمن الأفغانية — التي تتعرض إلى خسائر “لا يمكن تحملها” بحسب الخبراء — على أساس عرقي، وهو ما قد يتسبب باندلاع حرب أهلية أكثر دموية أو يفسح المجال لعودة نظام طالبان. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق