شرق أوسط
أكثر من خمسة ملايين طفل يمني يواجهون خطر المجاعة
ـ تضع الحرب في الحديدة مليون طفل إضافي في اليمن في مواجهة خطر المجاعة، حسب ما حذّرت الأربعاء منظّمة “أنقذوا الأطفال” (سايف ذي تشيلدرن) الإنسانية، خصوصا في ظل استمرار قطع طريق رئيسي يربط المدينة بمحافظات أخرى.
وقالت المنظمة البريطانيّة في تقرير إنّ الهجوم على الحُديدة سيزيد عدد الأطفال المهدّدين بالمجاعة في اليمن إلى 5,2 مليون طفل.
ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعا داميا قتل فيه نحو عشرة آلاف شخص معظمهم من المدنيين وبينهم نحو 2200 طفل، بين قوات موالية لحكومة معترف بها دوليا يدعمها تحالف عسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، والذين يسيطرون على صنعاء والحديدة ومناطق أخرى.
وحذر مدير برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيسلي الأربعاء من أن “الوقت بدأ ينفد” لمنع وقوع “مجاعة مدمرة” في اليمن. وأضاف بيسلي “لا يمكننا تحمل أي تعطيل” لتوزيع المساعدات الإنسانية على “الضحايا الأبرياء للنزاع”.
وتقول الأمم المتحدة إن ثلاثة من بين كل أربعة من سكان اليمن البالغ عددهم 27 مليون نسمة بحاجة لمساعدة غذائية، بينما يواجه حوالى ثمانية ملايين شخص خطر المجاعة، في وقت تهدد موجة جديدة من الكوليرا البلاد التي تفتقد لقطاع صحي فعّال بسبب الحرب.
وقالت هيلي ثورننغ شميدت، المديرة التنفيذية لمنظمة “أنقذوا الأطفال” (سايف ذي تشيلدرن) غير الحكومية، في التقرير إن “ملايين الأطفال لا يعرفون متى ستأتي وجبتهم التالية أو ما إذا كانت ستأتي أصلاً”.
وأضافت “في مستشفى قمتُ بزيارته في شمال اليمن، كان الأطفال ضعفاء لدرجة أنهم لم يقووا على البكاء وأجسادهم كانت نحيلة جدا بسبب الجوع”.
وحذّرت من أن “هذه الحرب تهدّد بقتل جيل بأكمله من الأطفال اليمنيين الذين يواجهون أخطارا متعددة من القنابل الى الجوع إلى أمراض يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا”.
وقال وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد ميليباند الأربعاء بعد أن انهى زيارة إلى اليمن إن “الوضع الإنساني هش للغاية”.
وصرح ميليباند وهو المدير التنفيذي لـ”لجنة الإنقاذ الدولية” (آي آر سي) لوكالة فرانس برس “تقييمي في ثلاثة أيام في اليمن هو أن الملح على المستوى الانساني لا يتطلب ضمان تدفق أفضل للبضائع ووصولا أفضل لعمال الإغاثة فحسب، بل يتطلب أيضا وقفا لاطلاق النار للسماح لعملية السلام بالمضي قدما”.
على نطاق غير مسبوق
وبحسب الامم المتحدة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في اليمن بنسبة 68 بالمئة منذ 2015، العام الذي بدأ فيه التحالف العسكري بقيادة السعودية عملياته ضد المتمردين الحوثيين الشيعة.
وتدخُل عبر ميناء الحُديدة المطل على البحر الاحمر غالبية المواد التجارية والمساعدات الموجّهة الى ملايين السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين وفي مناطق أخرى.
لكن التحالف العسكري يرى في الميناء ممرا لتهريب الأسلحة للمتمردين ومنطلقا لشن هجمات ضد سفن في البحر الاحمر.
وكانت القوات الحكومية أطلقت بدعم من التحالف في 13 حزيران/يونيو الماضي حملة عسكرية على الساحل الغربي بهدف السيطرة على ميناء الحديدة، قبل ان تعلن عن توقف الحملة افساحا في المجال أمام المشاورات السياسية.
والاثنين، أعلن مسؤولون في التحالف استئناف العملية الهادفة الى السيطرة على مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي بعد قطع طريق رئيسي يربط الحديدة بصنعاء ومدن اخرى.
وحذّرت شميدت من ان “أيّ اضطراب في إمدادات الغذاء والوقود التي تمرّ عبر الحُديدة يمكن أن يسبّب مجاعة على نطاق غير مسبوق”.
وتواصلت الأربعاء الاشتباكات المتقطعة في محيط مدينة الحديدة، رغم تراجع وتيرتها بشكل كبير.
وقال مسؤول في القوات الحكومية لوكالة فرانس برس إن الهجوم باتجاه المدينة “تباطأ”، مشيرا الى ان المتمردين الحوثيين “يشنون هجمات في مناطق أخرى في محافظة الحديدة في محاولة لفتح جبهات بديلة”.
وتابع أن قوّاته تمكّنت الثلاثاء من صد هجمات في مديريتي التحيتا وحيس الواقعتين جنوبي مدينة الحديدة.
وبحسب المصدر ذاته، فإن منسقة الشؤون الانسانية للامم في اليمن المتحدة ليزا غراندي تزور مدينة الحديدة حاليا، ما “أدى الى تراجع المواجهات عند أطراف المدينة بشكل كبير والى عدم شن التحالف غارات جوية جديدة منذ امس الثلاثاء”.
ووصل مبعوث الامم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث الى السعودية الأربعاء بعد ثلاثة أيام أمضاها في اليمن في محاولة لاعادة احياء الآمال بعقد جولة محادثات سلام بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية.
“هذا حرام”
وفي صنعاء، بدت آثار الحرب في الحديدة واضحة في طرقات المدينة التي تعاني من أزمة في توفير الوقود والغاز المنزلي.
ويقضي مئات اليمنيين ساعات أمام محطات الوقود ضمن صفوف طويلة من السيارات والشاحنات والدراجات النارية، بينما يسير آخرون في الشوارع وهم ينقلون قوارير غاز من مكان الى آخر.
وخسر الريال اليمني أكثر من ثلثي قيمته مقابل الدولار منذ 2015.
وأعلن المصرف المركزي في مدينة عدن الجنوبية الثلاثاء رفع سعر الفائدة على الودائع إلى مستوى قياسي بلغ 27%، في محاولة للحفاظ على سعر العملة المتدهور والذي أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية.
وكانت اليزابيث راسموسن نائبة الرئيس التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي قالت في الرياض قبل نحو عام إن الغذاء “أصبح يستخدم كسلاح حرب”.
وترى منظمة “المجلس النروجي للاجئين” أن خطر الانهيار الاقتصادي قد يفوق خطر الحرب المباشرة.
وكتبت المنظمة في تقرير في أيلول/سبتمبر الحالي أن “الانهيار الاقتصادي يمكن أن يقتل أكثر من العنف”.(أ ف ب)