منوعات

هل تصمد المرأة أمام الهجمات “الوحشية” على الإنترنت؟

ـ برلينأول ـ مثل الكثير من النساء، ولا سيما من يتمتعن بالشهرة، تعرضت لينا ماير-لاندروت لإهانات عبر الانترنت، من بينها : “أنت وقحة غبية”، “عاهرة”، “قبيحة وعديمة القيمة”، “إمرأة مثيرة للاشمئزاز”.

لقد طفح الكيل بالمغنية الألمانية 27/ عاما/ التي فازت بجائزة مسابقة “يوروفيجن” الأوروبية للأغنية عام 2010، وكتبت جميع الرسائل على مرآة بقلم أسود، ونشرت صورة سيلفي لها مع هذه الرسائل على انستجرام. وفي غضون يوم واحد، حصد المنشور ما يقرب من 150 ألف إعجاب، مع آلاف الردود.

ويمكن لأي إمرأة في دائرة الضوء، أن تتحول إلى هدف سهل للإهانة عبر الإنترنت: الممثلات والسياسيات والمراسلات الصحفيات والمغنيات.

وتقول إنجريد برودنيج، وهي صحفية نمساوية ألفت كتابا عن طريقة التعامل بين رواد الإنترنت:”الكراهية على الإنترنت تؤثر على الجميع، لكنها تأخذ وجها مختلفا مع المرأة”.

وتوضح بالقول:”عندما تتعرض المرأة للإهانة عبر الإنترنت، سرعان ما يتعلق الأمر بالجسد والمظهر”.

وتقول إنه عادة ما تأتي التهديدات بعد ذلك، ومنها الاغتصاب. وتضيف :”الأمر يتعلق بالحط من قدر شخص ما كإنسان”.

وهناك قائمة طويلة من النساء اللواتي تحدثن عن تجاربهن مع هذا النوع من الإساءة عبر الإنترنت.

وفي عام 2018، تعرضت كلاوديا نويمان للكثير من رسائل الكراهية، وهي خبيرة كرة قدم في ألمانيا علقت على مباريات في بطولة كأس العالم.

وكتبت الممثلة الأمريكية كيلي ماري تران، بطلة فيلم “حرب النجوم: الجيداي الأخير”، في مقال افتتاحي نشر في صحيفة “نيويورك تايمز” في آب/أغسطس 2018 :”لم تكن (المشكلة تتمثل في) كلماتهم، إنما أنني بدأت أصدقهم”. ومنذ ظهورها في الفيلم، تعرضت الممثلة الشابة 29/ عاما/ للتنمر عبر الإنترنت لعدة أشهر.

وفي وقت من الأوقات، حذفت تران محتويات حسابها على انستجرام، لأنها لم تعد تتحمل التعليقات البذيئة حول جنسها ومظهرها. ولا يزال الحساب، الذي يضم 236 ألف متابع، فارغا حاليا.

وجمعت السياسية الألمانية اليسارية جوليا شرام، ذات التواجد النشط على تويتر، كل رسائل الكراهية التي تلقتها ووضعتها في مدونة، ثم نشرتها في كتاب في بداية العام. وقالت :”أعتقد أن معظم من يكتبون مثل هذه العبارات لا يعرفون حتى ما هو تأثيرها”.

وتقول برودنيج :”من السهل أن تكون وحشيا على الإنترنت، لأنك لا ترى الشخص الآخر، لأنك لست مضطرا للنظر إلى ما تفعله؛ ولأن الشخص الآخر لا يراك”.

ووفقا لخبير علم النفس الاجتماعي الألماني أولريش فاجنر، فإن هذا الوضع يتفاقم بسبب “التحيز الجنسي الوحشي”الذي يتحد مع اللغة الوحشية. ويقول إنه”من السهل كثيرا هنا استغلال الصور النمطية السلبية للمرأة”.

وقبل ظهور الإنترنت، كانت مثل هذه الرسائل الوضيعة ممكنة فقط عبر خطاب من مجهول، حسب خبير علم النفس. ويقول :”لا توجد الإثارة نفسها عندما تضطر إلى الذهاب إلى صندوق البريد أولا، ثم تتخيل أن الرسالة ستصل في غضون يومين، ليس على الفور بهذا الشكل الذي هو عليه حاليا” مشيرا إلى الزيادة في رسائل الكراهية عبر الإنترنت.

أولئك الذين يكتبون هذا النواع من النصوص لديهم مجموعة من الدوافع. يقول فاجنر :”يمكن أن يكون ذلك بسبب شيء مثل التمييز الجنسي، بل وأيضا الغضب الشديد”.

كما ترى برودنيج أنواعا مختلفة من موجهي الإهانات. وتقول :”البعض يريدون تفريغ شحنة العدوانية الكامنة في صدورهم، وبعضهم يستمتع بإهانة الآخرين”. وتوضح أن المتصيدين، على سبيل المثال، يتصفحون الإنترنت فقط للاستمتاع بمعاناة الآخرين.

وكان رد فعل ماير-لاندروت بالطريقة الصحيحة تماما عبر نشر سيلفي المرآة، حسبما تقول برودنيج.

وتقول برودنيج :”إنها تسرق كلماتهم لإثارة الاهتمام بالقضية”.

من المهم التحدث عن هذه الأنواع من التجارب. تقول برودنيج :”حتى المشاهير يعانون من هذه الإهانات، حيث لا يوجد هناك من هو بمنأى عنها… أسوأ ما في الأمر هو أن يضطر الضحايا لتحمل شيء كهذا ولا يشاركونه”.

وتقول إنه يجب الإبلاغ عن الإهانات بالغة القسوة.

وتعرب عن قلقها بشأن أمر آخر: وفقا لدراسات أجرتها منظمة العفو الدولية، على سبيل المثال، لم يعد العديد من النساء يجرؤن على التعبير عن آرائهن عبر الإنترنت بسبب هذه الأنواع من الهجمات.

تكمن الخطورة هنا في اضطرار المرأة للـ:” انسحاب من المناقشات العامة، بسبب المعاناة من إنترنت مختلف وأكثر وحشية”.

وفي اليوم التالي لنشر صورة المرآة، نشرت ماير-لاندروت صورة أخرى لنفسها. وبجانب صورتها كتبت عبارة”النمو من خلال المقاومة”، ودعت متابعيها للتركيز على الإيجابية والحب. (د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق