د. آمال موسى
في فترة ما اعتقد العالم أنّه وجد ضالته في الإبحار الإلكتروني عبر الإنترنت وأقام مجتمعات تواصلية افتراضية من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. ومن فرط إيجابيات العالم الافتراضي وخدمات الإنترنت ذهب في ظننا أنها جنة للتواصل وكنز للمعلومات وأنها متنفس وبديل ومكمل للواقع الذي نعيشه.
أشياء كثيرة جعلت النّاس تنظر للعالم الافتراضي نظرة وردية حجبت عنا ممارسة أي حذر حيث كان إقبالنا إقبال الجائع للحرية وللبدائل وللاكتشاف.
طبعاً ومن باب الموضوعية لا نستطيع أن ننكر فوائد الإنترنت وما قامت به شبكات التواصل الاجتماعي من مزايا في حياة الأفراد والجماعات وكيف سهلت الوصول إلى المعلومات وأيضاً جعلت التواصل بين الناس متاحاً وغير مكلف مادياً. بل إن الإنترنت أصبحت ذاكرة إلكترونية لا غنى عنها وذات جدوى عالية في العمل وفي عالم المعرفة.
فالإبحار في العالم وأنت في مكانك والسفر دون أن تبرح سريرك أو الكرسي الجالس عليه يعدان من الإنجازات المدهشة للإنسان الحديث.
ولكن ما قادنا للكتابة عن العالم الافتراضي ليس مديح الخدمات التي يقدمها بقدر الانحرافات الخطيرة التي عرفها هذا العالم أو ربما هي مرافقة له منذ البداية، والنظرة الوردية وحجم الدهشة بمعجزة الإبحار الإلكتروني منعا النّاس من الانتباه والحذر من ذلك.
سنكون أكثر وضوحا: لقد أصبح العالم الإلكتروني مخترقاً من أطراف خطيرة إلكترونية وظهر نوع آخر من المخابرات والجوسسة تذكرنا بالأشكال التقليدية الشمولية للمراقبة ولطرق اختراق الخصوصيات والأسرار.
اليوم أصبح العالم الافتراضي سوقاً مربحة جداً، وبما أن تأثير شبكات التواصل الاجتماعي هو حقيقة وواقع بات مدركاً من جميع الفاعلين في السياسة والاقتصاد وغيرهما، فإن هذا التأثير الحتمي والكبير أصبح محل شراء وبيع وسوقاً مربحة جداً.
لقد تم ابتكار تطبيقات خطيرة جداً لاستثمارها في الحملات الانتخابية للأحزاب والشخصيات التي تمثل حرفاء سريين للسوق السوداء الافتراضية. ويقدم أرباب هذه السوق لحرفائهم الباحثين عن المعلومات وعن كيفية تنقية الافتراضي من تعليقات سلبية ضدهم خدمات ثمينة جداً يتم فيها الاعتداء على الخصوصيات والأسرار، حيث يعدون بواسطة هذه التطبيقات تقارير غنية ومفصلة بالمعلومات حول من يضعون (جامات) ومن يعلقون إيجابياً أو سلبياً ويقومون بتحسين الصورة في الافتراضي الذي أصبح اليوم مؤثراً أساسياً في السياسات وفي المواقف من الفاعلين وفي تحويل وجهة الحملات الانتخابية نحو من يدفع أكثر ومن لا يدخل اللعبة يتم التهامه ولو كان يمتلك أهم برنامج انتخابي. وهذه التقارير هي بمئات المليارات. والأمر لا يتوقف عند الأحزاب فقط بل رجال الاقتصاد يلجأون لهذه التطبيقات كي تمحى التعليقات السلبية حول السلع ويتم ضمان ترويج المنتوجات دونما تشويش وانتقادات.
إذن ملايين الناس الذين يمتلكون حسابات على الفيسبوك وغيره هم مصدر استثمار خيالي لرجال أعمال العالم الافتراضي الذين يديرون هذه السوق بتطبيقات مخابراتية المفهوم والهدف ومخيفة التوظيف بما أنها تشرع للفساد على مصراعيه.
فهل أنّ وجود مثل هذه التطبيقات، يسمح لنا اليوم بالحديث عن انتخابات نزيهة وديمقراطية؟
في الحقيقة من الصعب اليوم الوثوق بمثل هذا الحديث والحال أن عالم الخدمات والمعلومات قد انحرف للتحايل على الواقع وتحويل وجهة الافتراضي لتؤثر على الواقعي. فشن المعارك ضد الفساد والغش وتدليس الوقائع ومحاربتها في الواقعي أسهل من مطاردتها في الافتراضي الذي لا تملك أسراره ومفاتيحه إلا قلة قليلة جداً.
فاليوم الاختراق يتم من الافتراضي الذي أصبح محدداً رئيسياً في كيفية تشكيل الواقع وتحديد اتجاهاته. والمشكلة الأكبر هي أن أكثر المتميزين في مجال الافتراضي والتطبيقات الإعلامية هم الأكثر خطورة لأنهم يستغلونها للبيع والشراء وفي تحويل ملامح المعلومات الحقيقية وفي الاختراق بشكل لا يحترم الحرية ولا المعطيات الشخصية.
كما أن أرباب الإرهاب وتجار الدين قد أظهروا براعة منقطعة النظير في توظيف الافتراضي والاختراق الإلكتروني السري في انتداب الشباب للجهاد وللانخراط في شبكات التكفير والقتل ويتواصلون مع بعضهم البعض افتراضياً وينفذون مخططاتهم الدموية بالافتراضي والتطبيقات التي تحافظ على سريتهم وتؤمن اختراق ضحاياهم وخصومهم.
بيت القصيد: لقد آن الأوان لرفع شعار اليقظة تجاه العالم الافتراضي خاصة نحن الشعوب العربية التي بحكم عوامل عدّة فإننا الأكثر استعمالاً لشبكات التواصل الاجتماعي، أي أننا نمثل النصيب الوافر من الحسابات الافتراضية التي يستعملها أرباب السوق السوداء الإلكترونية الافتراضية سواء كانوا في خدمة أجندات سياسية أو مصالح اقتصادية أو أجندات تكفيرية إرهابية. فالعالم الافتراضي مختطف من الفاسدين ذمة وطمعاً وعقيدة.
نحتاج إلى حملات توعوية جادة من وسائل الإعلام التي يجب أن تقوم بدورها التنبيهي والتوعوي بشكل يجعل كل صاحب حساب في الفيسبوك أو تويتر أو غيرهما يكون على دراية بأن (جاماته) وكتاباته ومواقفه تباع وتشترى في السوق السوداء الافتراضية.
أشياء كثيرة جعلت النّاس تنظر للعالم الافتراضي نظرة وردية حجبت عنا ممارسة أي حذر حيث كان إقبالنا إقبال الجائع للحرية وللبدائل وللاكتشاف.
طبعاً ومن باب الموضوعية لا نستطيع أن ننكر فوائد الإنترنت وما قامت به شبكات التواصل الاجتماعي من مزايا في حياة الأفراد والجماعات وكيف سهلت الوصول إلى المعلومات وأيضاً جعلت التواصل بين الناس متاحاً وغير مكلف مادياً. بل إن الإنترنت أصبحت ذاكرة إلكترونية لا غنى عنها وذات جدوى عالية في العمل وفي عالم المعرفة.
فالإبحار في العالم وأنت في مكانك والسفر دون أن تبرح سريرك أو الكرسي الجالس عليه يعدان من الإنجازات المدهشة للإنسان الحديث.
ولكن ما قادنا للكتابة عن العالم الافتراضي ليس مديح الخدمات التي يقدمها بقدر الانحرافات الخطيرة التي عرفها هذا العالم أو ربما هي مرافقة له منذ البداية، والنظرة الوردية وحجم الدهشة بمعجزة الإبحار الإلكتروني منعا النّاس من الانتباه والحذر من ذلك.
سنكون أكثر وضوحا: لقد أصبح العالم الإلكتروني مخترقاً من أطراف خطيرة إلكترونية وظهر نوع آخر من المخابرات والجوسسة تذكرنا بالأشكال التقليدية الشمولية للمراقبة ولطرق اختراق الخصوصيات والأسرار.
اليوم أصبح العالم الافتراضي سوقاً مربحة جداً، وبما أن تأثير شبكات التواصل الاجتماعي هو حقيقة وواقع بات مدركاً من جميع الفاعلين في السياسة والاقتصاد وغيرهما، فإن هذا التأثير الحتمي والكبير أصبح محل شراء وبيع وسوقاً مربحة جداً.
لقد تم ابتكار تطبيقات خطيرة جداً لاستثمارها في الحملات الانتخابية للأحزاب والشخصيات التي تمثل حرفاء سريين للسوق السوداء الافتراضية. ويقدم أرباب هذه السوق لحرفائهم الباحثين عن المعلومات وعن كيفية تنقية الافتراضي من تعليقات سلبية ضدهم خدمات ثمينة جداً يتم فيها الاعتداء على الخصوصيات والأسرار، حيث يعدون بواسطة هذه التطبيقات تقارير غنية ومفصلة بالمعلومات حول من يضعون (جامات) ومن يعلقون إيجابياً أو سلبياً ويقومون بتحسين الصورة في الافتراضي الذي أصبح اليوم مؤثراً أساسياً في السياسات وفي المواقف من الفاعلين وفي تحويل وجهة الحملات الانتخابية نحو من يدفع أكثر ومن لا يدخل اللعبة يتم التهامه ولو كان يمتلك أهم برنامج انتخابي. وهذه التقارير هي بمئات المليارات. والأمر لا يتوقف عند الأحزاب فقط بل رجال الاقتصاد يلجأون لهذه التطبيقات كي تمحى التعليقات السلبية حول السلع ويتم ضمان ترويج المنتوجات دونما تشويش وانتقادات.
إذن ملايين الناس الذين يمتلكون حسابات على الفيسبوك وغيره هم مصدر استثمار خيالي لرجال أعمال العالم الافتراضي الذين يديرون هذه السوق بتطبيقات مخابراتية المفهوم والهدف ومخيفة التوظيف بما أنها تشرع للفساد على مصراعيه.
فهل أنّ وجود مثل هذه التطبيقات، يسمح لنا اليوم بالحديث عن انتخابات نزيهة وديمقراطية؟
في الحقيقة من الصعب اليوم الوثوق بمثل هذا الحديث والحال أن عالم الخدمات والمعلومات قد انحرف للتحايل على الواقع وتحويل وجهة الافتراضي لتؤثر على الواقعي. فشن المعارك ضد الفساد والغش وتدليس الوقائع ومحاربتها في الواقعي أسهل من مطاردتها في الافتراضي الذي لا تملك أسراره ومفاتيحه إلا قلة قليلة جداً.
فاليوم الاختراق يتم من الافتراضي الذي أصبح محدداً رئيسياً في كيفية تشكيل الواقع وتحديد اتجاهاته. والمشكلة الأكبر هي أن أكثر المتميزين في مجال الافتراضي والتطبيقات الإعلامية هم الأكثر خطورة لأنهم يستغلونها للبيع والشراء وفي تحويل ملامح المعلومات الحقيقية وفي الاختراق بشكل لا يحترم الحرية ولا المعطيات الشخصية.
كما أن أرباب الإرهاب وتجار الدين قد أظهروا براعة منقطعة النظير في توظيف الافتراضي والاختراق الإلكتروني السري في انتداب الشباب للجهاد وللانخراط في شبكات التكفير والقتل ويتواصلون مع بعضهم البعض افتراضياً وينفذون مخططاتهم الدموية بالافتراضي والتطبيقات التي تحافظ على سريتهم وتؤمن اختراق ضحاياهم وخصومهم.
بيت القصيد: لقد آن الأوان لرفع شعار اليقظة تجاه العالم الافتراضي خاصة نحن الشعوب العربية التي بحكم عوامل عدّة فإننا الأكثر استعمالاً لشبكات التواصل الاجتماعي، أي أننا نمثل النصيب الوافر من الحسابات الافتراضية التي يستعملها أرباب السوق السوداء الإلكترونية الافتراضية سواء كانوا في خدمة أجندات سياسية أو مصالح اقتصادية أو أجندات تكفيرية إرهابية. فالعالم الافتراضي مختطف من الفاسدين ذمة وطمعاً وعقيدة.
نحتاج إلى حملات توعوية جادة من وسائل الإعلام التي يجب أن تقوم بدورها التنبيهي والتوعوي بشكل يجعل كل صاحب حساب في الفيسبوك أو تويتر أو غيرهما يكون على دراية بأن (جاماته) وكتاباته ومواقفه تباع وتشترى في السوق السوداء الافتراضية.
الشرق الأوسط