أقلام مختارة

«اتفاقية البيئة الجديدة» ستدفع بأميركا إلى حافة الهاوية

نوح سميث

نوح سميث
شعر المشككون في وعد عضو الكونغرس الأميركي والناشطة السياسية أليكساندريا أوكاسيا كورتيز بقلق بالغ بسبب مقترحها صياغة «اتفاقية بيئية جديدة»، وأن تكون خطتها ليست سوى حصان طروادة جديد لمقترحات اقتصادية غير واقعية باهظة التكلفة لن يكون لها مردود يذكر على الحد من التغييرات المناخية.
فقد جاء الكشف عن الخطة ليعطي المشككين أسباباً للقلق، حيث تبدو «الاتفاقية البيئية الجديدة» التي تقدمت بها أوكاسيا وكأنها جمعت جميع اتفاقيات الإنفاق الكبيرة التي تقدم بها تيار اليسار السياسي في السنوات الأخيرة لتصيغ منهم حزمة واحدة ضخمة من دون ذكر تفاصيل عن مصادر التمويل.
لقد جاءت «الاتفاقية البيئية» بالصورة التي قدمت بها إلى الكونغرس أشبه بقرار غير ملزم يطرح سلسلة من الأهداف. ورغم طموح القرار فإنه جاء غامضاً، وجاءت الأسئلة التفصيلية عبر الموقع الإلكتروني لأوكاسيا كورتيز، التي أزيلت لاحقاً، لتزيد الغموض. فقد تضمنت الأسئلة تفاصيل مهمة لم يتطرق القرار نفسه ليها. وعبر صفحتها بموقع «تويتر»، أشار رئيس طاقم موظفي أوكاسيا كورتيز، سيكات شاكربارتي، إلى الأسئلة الأكثر إلحاحاً باعتبارها «نسخة سيئة» ووعد بعمل نسخة منقحة.
غير أن نسخة الأسئلة الأصلية قد تعطي فكرة عن الأهداف الحقيقة لمعسكر أوكاسيا كورتيز، حيث تبين أنه رغم أن «الاتفاقية البيئية الجديدة» تقدم نفسها بوصفها سياسة بيئية وبرنامجاً وظيفياً، فإنها البنود الأكثر تكلفة من حيث متطلبات الإنفاق جاءت غير محدودة.
أولاً، لكي نكون منصفين، من المهم مناقشة الأفكار الجيدة في الخطة. فالاتفاق الجديد سيقوم بتحديث جميع المباني والمصانع الأميركية لتصبح خالية من الكربون، وتحويل جميع وسائل المواصلات للعمل بالكهرباء، وتحويل شبكات الكهرباء لتعمل بمصادر الطاقة الخالية من الكربون. جميع هذه الأهداف طموحة إلى حد ٍكبير ويمكن العمل على تحقيقها كأهداف. إن خطة أوكاسيا تعتبر أن ضرائب انبعاثات الكربون لن تكون كافية لحث الشركات الخاصة على تنفيذ كل ذلك وحدها وأن البنية التحتية الكبيرة ذات التمويل الحكومي أمر مطلوب.
بالإضافة إلى ذلك، إن التركيز على تطوير الطاقة النظيفة من شأنه أن يدفع بالتكنولوجيا إلى الأمام وأن يساعد باقي الدول ذات الانبعاثات الكربونية للسير على خطى الولايات المتحدة.
لكن مثل تلك السياسيات البيئية ليست هي الأكثر تكلفة في القائمة نظراً لوجود بنود أخرى تتطلب الكثير من المال. فمن ضمن الأسئلة التي أزيلت هي أن كل مواطن أميركي يحق له التمتع بالتالي:
1 – وظيفة ذات أجر يكفل حياة كريمة للعائلة، وإجازة مرضية وإجازة لرعاية الأسرة وعطلات ومعاش تقاعدي.
2 – تعليم رفيع المستوى يشمل الجامعات والمدارس التجارية.
3 – برنامج رعاية صحية رفيع المستوى.
4 – إسكان آمن بسعر معقول.
5 – شبكة أمان اقتصادي لغير القادرين على العمل.
ولذلك يبدو أن الخطة تتضمن ضمانات لوظائف حكومية، وتعليماً جامعياً مجانياً وتأميناً صحياً، بالإضافة إلى راتب أساسي لغير القادرين على العمل يشبه إلى حدٍ بعيد بنداً ورد في مقترح اتفاقية بيئية سابق، لكن الجديد هنا هو توفير إسكان بسعر معقول.
لكن ما هي التكلفة التقديرية لهذه المقترحات؟ من الصعب معرفة ذلك، لكن السيناتور بيرني سنادرز توقع أن تتطلب كل تلك المقترحات نحو 3.2 تريليون دولار سنوياً، حيث إن التحويل إلى مصادر الطاقة المتجددة وحده سيتكلف نحو 400 مليار دولار سنوياً. ورغم تراجع التكلفة تدريجياً بسبب تطور التكنولوجيا، فإن تعديل تصميم جميع مباني الولايات المتحدة بحيث تكون نسبة العادم صفراً ستكون باهظة التكلفة، بمتوسط 88 ألف دولار أميركي على الأقل للمنزل الريفي، وسيكون المبلغ أكبر للمنازل الأكبر في المدن لتصل إلى 100 ألف دولار، بإجمالي 1.4 تريليون دولار سنوياً لمدة 10 سنوات.
وإذا حسبنا سريعاً جميع الوعود التي وردت في قائمة الأسئلة، سيكون الإجمالي نحو 6.6 تريليون دولار سنوياً، وهو مبلغ يعادل ثلاثة أضعاف ما تجنيه الحكومة الفيدرالية من الشعب سنوياً، ويعادل 34 في المائة لإجمالي الدخل القومي الأميركي.
إن هذه الأرقام تعني أن سداد تكلفة «الاتفاقية البيئية الجديدة» سيتسبب في عجز كبير في الموازنة، وهو ما يمثل خطرا ًكبيراً. ولذلك، رغم الحاجة الكبيرة إلى الطاقة المتجددة، فإن اتفاقية البيئة الجديدة قد تخلق مشكلة اقتصادية كبيرة، وبناء عليه أتمنى ألا تكون الخطة المطروحة أمام الكونغرس حالياً نهائية، وإلا فإن نتيجة التصويت عليها في الكونغرس ستكون «لا».
– بالاتفاق مع «بلومبرغ»
الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق