شرق أوسط
تنظيم داعش محاصر في آخر كيلومتر مربع في شرق سوريا
ـ حقل العمر النفطي ـ يدافع تنظيم داعش بشراسة عن جيبه الأخير في شرق سوريا، عبر تحصنه في أنفاق وشنّ هجمات انتحارية، بعدما تقلصت مساحة سيطرته الى كيلومتر مربع، في مواجهة هجوم تشنّه قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
مُني التنظيم الذي أعلن في العام 2014 إقامة “الخلافة الاسلامية” على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين. ولم يبقَ له حالياً إلا بضع مئات من الارهابيين المحاصرين في ريف دير الزور الشرقي.
وبدأت قوات سوريا الديموقراطية، وهي فصائل كردية وعربية مدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، السبت هجومها الأخير ضد التنظيم المتحصن في أجزاء من بلدة الباغوز، إلا أن التقدم لا يزال بطيئاً.
وأفاد المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديموقراطية في دير الزور عدنان عفرين وكالة فرانس برس عن “اشتباكات عنيفة ومعارك طاحنة” لافتاً إلى “مقاومة لا يستهان بها” من قبل مقاتلي التنظيم.
وبات مقاتلو التنظيم وبينهم أجانب، وفق عفرين محاصرين حالياً داخل “كيلومتر مربع من المنازل بالإضافة إلى مخيم جنوب الباغوز”.
وترجح قوات سوريا الديموقراطية وجود “ألف وما فوق بين مقاتلين ومقاتلات” داخل هذه البقعة، من دون توفر معلومات عن عدد المدنيين، بحسب عفرين.
وتتقدم هذه القوات ببطء داخل بلدة الباغوز المحاذية للحدود العراقية. وتحدث عفرين عن وجود “أنفاق كثيرة، لهذا السبب تأخرت الحملة” لافتاً الى أن “هناك الكثير من الانتحاريين الذين يقتحمون مناطق قواتنا على متن سيارات ودراجات مفخخة”.
وتعرضت قوات سوريا الديموقراطية الثلاثاء لهجومين نفذتهما انتحاريتان فجّرتا نفسيهما، وفق المصدر ذاته.
وغالباً ما يعتمد التنظيم على الهجمات الانتحارية والمفخخات لاعاقة تقدم خصومه وايقاع أكبر عدد من الخسائر البشرية في كل مرة يحاصر فيها داخل معاقله.
“تركي وفرنسي وانكليزي”
ودفعت العمليات العسكرية أكثر من 39 ألف شخص إلى الخروج من مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع كانون الأول/ديسمبر، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الارهابيين، بينهم أكثر من 3400 مشتبه بانتمائهم الى التنظيم، وتم توقيفهم، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويتم نقل المدنيين وكذلك زوجات وأطفال الارهابيين إلى مخيمات للنازحين في شمال البلاد، بعد التدقيق في هوياتهم وجمع معلومات أولية في منطقة فرز قرب بلدة الباغوز. وتتطلب مرحلة التدقيق هذه أن يبيتوا عدة ليال في العراء في أرض صحراوية قاحلة قبل نقلهم شمالاً.
وقالت فاطمة التي وصلت في عداد 300 امرأة وطفل، غالبيتهم عراقيون، الأربعاء الى نقاط قوات سوريا الديموقراطية “بكى الأطفال طوال الليل من البرد. إنها الليلة الثانية التي ننام فيها في البرية”.
إلى جانبها، يلهو أولاد وهم حفاة الأقدام، يمضغ أحدهم ملعقة بلاستيكية وآخرون الحصى والتراب بينما يبكي أولئك الأصغر سناً.
وبعد عملية الفرز، تنقل قوات سوريا الديموقراطية المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم إلى مراكز تحقيق خاصة.
وقال عفرين إن “غالبية قياديي” التنظيم الموجودين في الجيب الأخير هم أجانب بنما “يدير قياديون عراقيون المعارك”.
وأوضح أن مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية يتمكنون بعد ضبط أجهزة الاتصال اللاسلكي على التردد الذي يستخدمه الارهابيون، من سماعهم يتحدثون خصوصاً “بالتركي والفرنسي والانكليزي”.
أين البغدادي؟
وفي الأسابيع الأخيرة، خرج عدد من الارهابيين الأجانب من نقاط سيطرة التنظيم أبرزهم الألماني مارتن ليمكي والفرنسي كانتان لوبران، غير أن مصير زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الذي قيل مرات عدة إنه قُتل، لا يزال مجهولاً. ويعود التسجيل الأخير المنسوب إليه إلى آب/أغسطس 2018.
وطالما لجأ التنظيم، الذي تبنى عدة هجمات دامية، في المناطق التي خرج منها، الى زرع الألغام والمفخخات خلفه لمنع المدنيين من الخروج ولإيقاع خسائر في صفوف خصومه.
وخلال ذروة سيطرته، وضع التنظيم مناهج دراسية خاصة به، وعمل على تكرير النفط وبيعه وجمع الضرائب من المقيمين في مناطق سيطرته بالإضافة الى اصدار عملة نقدية خاصة به.
وفي وقت يبدو التحالف الدولي حذراً بشأن الجدول الزمني، يؤكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستمرار أن الإعلان الرسمي وخصوصاً الرمزي، عن انتهاء “الخلافة” سيحصل في الأيام القادمة.
ويمهد اعلان الانتصار على تنظيم داعش الطريق أمام ترامب لتنفيذ قراره المفاجئ الذي أعلنه في كانون الأول/ديسمبر، بسحب جميع قواته من سوريا والتي يقدر عددها بنحو ألفي جندي.
وتُشكل المعركة ضد الارهابيين حالياً الجبهة الأساسية من الحرب في سوريا التي تسببت بمقتل 360 ألف شخص منذ اندلاعها في العام 2011.
ويسيطر نظام الرئيس بشار الأسد بفضل دعم حليفتيه روسيا وإيران، على ثلثي مساحة البلاد تقريباً، بعدما حقق انتصارات على حساب الفصائل المعارضة والتنظيمات الارهابية.
ويجتمع الرؤساء الروسي والإيراني والتركي الخميس في سوتشي في روسيا لمحاولة إعادة إطلاق عملية تسوية النزاع السوري. (أ ف ب)