أقلام مختارة

تطوير حقل «لفيتان» أكبر مورد للثروة الطبيعية في اسرائيل

وليد خدوري

وليد خدوري

أعلنت الشركات العاملة في حقل «لفيتان» الغازي الضخم أن تطوير الحقل يمضي قدماً بحسب الخطة، كما جاء في نشرة «غلوبس» الاقتصادية الإسرائيلية. وبعد رحلة بحرية طالت نحو شهر من تكساس الى إسرائيل، وصلت المواد والأدوات الأساسية لتشييد قاعدة المنصة التي ستستعمل للحفر في حوض هذا الحقل الضخم الذي يقع غرب حيفا. وسترسى في الأسابيع القليلة المقبلة أساسات المنصة على قاع البحر.

وقال وزير الطاقة والموارد المائية والبنية التحتية الإسرائيلية يوفال ستينتز إن «بدء العمل بالمرحلة الحالية لتطوير حقل لفيتان، يشكل المرحلة التطويرية الأخيرة بأضخم مورد للثروة الطبيعية تم اكتشافها في إسرائيل». وأضاف في تصريحات صحافية: «المرحلة الأخيرة لتطوير لفيتان تتطلب أشهرا قليلة، والاستفادة من الحقل لإسرائيل ستستمر عقودا، إذ سيضيف الريع المالي من انتاج الحقل بلايين الدولارات سنوياً خلال العقود المقبلة وسيتم دعم الموازنات السنوية العامة بالأموال للتعليم والصحة والنفع العام». ولفت إلى أن «الإنتاج الغازي سيفتح المجال لتحويل محطات كهرباء كبرى، مثل هاديرا واشكلون، التي تستخدم الفحم الحجري حالياً، ما سيحسن البيئة المحلية، وإضافة للاستهلاك المحلي، سيصدر الغاز الى كل من مصر والأردن وأوروبا».

وأفاد كونسورتيوم الشركات العاملة والمساهمة، أي نوبل انرجي الأميركية والشركات الإسرائيلية ديليك للحفر وراتيو اويل للحفر في حقل «لفيتان»، بأن الإنتاج من الحقل سيبدأ نهاية العام الحالي، وسيبدأ التصدير الى كل من الأردن ومصر بحسب الاتفاقات معهما وأيضا مع أوروبا، مشيراً إلى أن عملية التصدير «ستدعم موقع إسرائيل إقليمياً».

وتفيد المعلومات بأن طول العواميد الداعمة للمنصة يبلغ نحو 98 متراً لكل عامود، بينما يبلغ وزن العواميد أكثر من 15 ألف طناً. وسترسى هذه العواميد في قاع البحر على مسافة 86 مترا تحت سطح الماء، بينما ستمتد أدوات الحفر الى عمق 5 كيلومترات تحت قاع البحر، ما يدل على عمق الحقول الغازية في شرق البحر الأبيض المتوسط. وسيتم في المرحلة الأولى تشييد أربعة منصات للإنتاج تبلغ الطاقة الإنتاجية لكل منها في المرحلة الأولية نحو 300 مليون قدم مكعبة يومياً، ومد انبوبين من المنصات مباشرة طول كل منها 130 كيلومترا لنقل الغاز . وستتم معالجة الغاز على المنصات البحرية ذاتها، حيث سيتم نقل الغاز المعالج والمكثفات الناتجة عنه من خلال انبوبين منفصلين لإيصالهما الى الساحل وربطهما هناك مع الشبكة الوطنية لنقل الغاز التابعة للشركة الإسرائيلية لنقل الغاز الطبيعي والى شبكة انابيب الغاز التابعة لمحطة «اشكلون» الكهربائية الضخمة.

ويقع حوض «لفيتان» نحو 125 كيلومترا غرب ساحل حيفا، وتم اكتشافه عام 2010. ويدل تأخر الإنتاج لمدة عقد من الزمن الى طول المدة الزمنية التي تتطلبها تشييد الحقول الغازية البحرية. وبالنسبة للصناعة الإسرائيلية، فركزت الشركات العاملة الأولوية لتطوير الحقلين الضخمين «لفيتان» و»تامار» بدلاً من محاولة تطوير الحقول العشرة المكتشفة في المياه الشمالية، نظرا لضالة حجم احتياطات الحقول الثمانية الأخرى، حيث يبلغ حجم الاحتياط لكل حقل منها نحو 5 تريليون قدم مكعبة. ويتوقع تطوير الحقول الصغيرة نسبياً مستقبلاً في حال توفر بدائل اقتصادية وافية لاستغلالها لتلبية متطلبات الاستهلاك الداخلي او التصدير. ولأسباب استثنائية تم تطوير حقل «كريش» الصغير الحجم نسبيا والمحاذي للمياه اللبنانية.

هناك عادة عوامل إضافية استثنائية تؤخر من تطوير الحقول . فبالنسبة لإسرائيل ، تكمن جميع الحقول الغازية في المناطق المغمورة العميقة، الامر الذي يتطلب وقتا إضافيا لتخطيط العمل واستيراد المنشآت والأدوات اللازمة.

كما طرأ خلاف عميق ما بين السلطات الحكومية والشركات العاملة حول «احتكار» الإنتاج نظرا لهيمنة الكونسورتيوم الذي تقوده «نوبل انرجي» على مجمل الإنتاج الغازي الشمالي، مما يعطيها الامكانية مستقبلا في تقرير كميات الغاز التي تسلمها للسوق الداخلي، بالإضافة الى التحكم في سعر الغاز ومن ثم أسعار الكهرباء، الامر الذي أدى الى خلافات حادة وواسعة في أوساط المجتمع المحلي والكنيست. وقد وصل الخلاف الى المحاكم التي قضت بتوزيع واستبدال حصص الشركات من الحقلين الضخمين مع بعض الشركات العاملة في الحقول الصغيرة. وواجهت الشركات العاملة تحديا مهما في تأخر حصولها على عقود بيع وشراء مع الدول الأوروبية، من ثم اللجوء الى أسواق الدول العربية المجاورة، التي وفر ولوجها ، من خلال دعما دبلوماسيا كبيرا من الولايات المتحدة بالإضافة الى توفر مصالح اقتصادية مشتركة ، عاملا جيواستراتيجيا مهما لإسرائيل لتوطيد التطبيع على المدى البعيد مع الدول الموقعة اتفاقيات سلام معها. كما تأخر تطوير الحقلين الضخمين الى حين انتظار حل الخلاف القانوني حول «احتكار» ملكية الحقول، ومن ثم الحصول على عقود البيع والشراء مع الأسواق العربية التي شكلت ضمانا لهذه القروض التي منحتها المصارف الدولية والبالغة نحو 12 بليون دولار (لتطوير حقلي تامار ولفيتان).

ويعتبر حقل «لفيتان» اضخم اكتشاف غازي بحري عالميا خلال العقد الماضي، حيث قدر حجم الاحتياطي نحو 18.9 تريليون قدم مكعب بالإضافة الى 39.1 بليون برميل من المكثفات، وتقدر طاقة الحقل الإنتاجية نحو 18.9 تريليون قدم مكعب سنوياً.

ومن ناحية أخرى، يقدر احتياط حقل «تامار»، ثاني أكبر حقل غازي بحري في إسرائيل حتى الآن، بنحو 10 تريليون قدم مكعب، وتبلغ طاقته الإنتاجية نحو 250 مليون قدم مكعب يومياً. وبدأ الإنتاج فعلاً من الحقل في نيسان (أبريل) 2003، ويقع على عمق نحو 16 ألف قدم من المياه و2500 متراً تحت قاع البحر.

* كاتب عراقي متخصص في شؤون الطاقة.

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق