أقلام يورابيا

قراءة فى القمة العربية الاوروبية الاولى بشرم الشيخ

فادي عيد

* فادي عيد

قمة عربية اوروبية شعارها “نستثمر فى استقرارنا”، قمة هى الاولى فى ظل تراجع منطقة الشرق الاوسط من تركيز الامريكي الذى يضع امريكا اللاتينية واسيا الوسطى فى دائرة اهتماماته الان بشكل كبير.

قمة دون مبالغة عكست مدى اهمية مصر لدى القارة العجوز، وان قاطرة اوروبا برلين لم تكن مخطئة عندما قالت منذ ثلاثة اعوام “ان مصر هى الحارس الامين والحقيقي لحدود اوروبا الجنوبية”، ولا يخفى على أحد أننا سنفتقد كثيرا شخص المستشارة انجيلا ميركل بعد رحيلها.

قمة تمنح فرصة امام الدول العربية (بدرجات متفاوتة بحسب سياسة وذكاء كل دولة) فى الخروج من حالة الاستقطاب والاستغلال بين الكبيرين الامريكي والروسي، فى ظل حضور اوروبي عالى المستوى واهتمام مصر باوروبا، بالتزامن مع تعمد الامير محمد بن سلمان فى زيارته لدول اسيا لارسال رسالة للكونجرس الامريكي (الذى يعمل جاهدا لايقاع كلا من ترامب وبن سلمان معا) بأن السعودية ايضا لديها بدائل وحلفاء غير واشنطن.

القمة العربية الاوروبية الاولى فى شرم الشيخ فجرت غضب تركيا بشكل جنوني، حتى شاهدنا تصريحات اردوغان المتلفزة، وتغريدات ابراهيم كالن المتحدث بأسم الرئاسة التركية فى منتهى الصبيانية.

الحقيقة مشهد شرم الشيخ الذى جاء بعد حضور الرئيس المصري فى مؤتمر ميونخ أعاد لتركيا مشكلتها المزمنة تاريخيا وجغرافيا ايضا، فتركيا ليست دولة عربية ولا اوروبية، وهى ايضا ليست دولة اسلامية بمفهوم الدولة الاسلامية، ولم ولن تعد علمانية كما أسسها اتاتورك مطلقا.

وجعل الصدام مع مصر فى كل بقعة تحاول تركيا ان تضع يدها بها فى أوج حالاته، بداية بالسودان والقرن الافريقي، مرورا بليبيا وغزة، وصولا لشرق المتوسط.

ولذلك جائت اليوم كافة الصحف الموالية للحزب الحاكم بتركيا جائت فى هجومها على مصر والحاضرين بالقمة بمنتهى التفاهة وأبعد ما يكون عن العمل الصحفي والتحليل السياسي الواقعي.

خلاصة القول شرم الشيخ جائت كرد صاعق على وارسو، التى غاب عنها الاوربيون جمعاء وكذلك مصر، بعد أن جاء العرب والاوربيون معا الى شرم الشيخ لمناقشة نفس الملفات التى فتحت فى وارسو، ولكن بصيغة مختلفة بعيدة تماما عن صيغة الاسرائيلي بوارسو.

فالخارجية المصرية دوما ما كانت تخلق الفرص فى اوقات انعدامها، وتفوت الفرصة على المتربصين، ولو كانت باقي مؤسسات الدولة فى مجهود وذكاء حركة ومستوى رؤية الخارجية المصرية الواسع العميق لكان لنا شأن آخر.

نعم الماضي والحاضر يقول ان المنطقة لا تقبل بالقوتين فى معادلة واحدة، يا “مصر” يا “تركيا”.

*باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الاوسط
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق