السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
تونس: كارثة فيضانات نابل تعكس سوء ادارة الدولة لثرواتها
– تونس – عاشت محافظة نابل نهاية أسبوع مأساوية بسبب تهاطل الأمطار الكثيف حيث سجلت أرقاما قياسية وغير مسبوقة في تونس، انتهت بحصيلة خمس وفيات بجانب خسائر مادية لم يتم حصرها نهائيا. ولم تكشف كارثة الفيضانات حجم اهتراء البنى التحتية في منطقة الوطن القبلي فحسب بل قدمت نموذجا لسوء تصرف الدولة في ثرواتها وفضحت حجم الإهمال والتهميش الذي تشهده هذه المنطقة التي عوض الاستفادة من ثرواتها الطبيعية والثقافية ومؤهلاتها السياحية والاقتصادية تحولت من مصدر للثروة والتنمية إلى منطقة منكوبة. كما فضحت عجز الحكومة التونسية على استباق ومواجهة الكوارث الطبيعية وضعف قدرات أجهزتها على التدخل العاجل.
اندلعت العديد من الحركات الاحتجاجية عقب كارثة الفيضانات التي عاشتها جل مدن محافظة نابل حيث عمد العديد من المواطنين إلى غلق الطرقات واشعال العجلات المطاطية في العديد من الأحياء والطرقات الرئيسية في قرى ومدن المنطقة، واعتبر عدد من متساكني المنطقة أن البنية التحتية المهترئة بجانب إهمال الجهة من الناحية البيئية وكذلك غياب القدرة على التدخل العاجل واللازم من قبل السلط المحلية والمركزية أدى إلى تفاقم الوضع وترديه. وأكد عدد منهم أن مخلفات المعدلات القياسية المسجلة من الأمطار تفاقمت بسبب الوضع البيئي ووضع البنية التحتية وكان من الممكن التخفيف من وطأة هذه الكارثة الطبيعية ومن الخسائر التي انجرت عليها إذا ما كان وضع البنية التحتية سليما وإذا كانت الدولة قادرة على مجابهة مثل هذه الكوارث.
ووجهت العديد من الانتقادات إلى الدولة من الرأي العام وقد حمل الجميع الحكومة الحالية والسلطات المحلية والجهات الأمنية مسؤولية التقصير والعجز عن التدخل السريع والناجع وقت الأزمة من جهة ومواصلتهم السير على منوال الحكومات السابقة منذ الاستقلال في تهميش وإهمال منطقة الوطن القبلي من الناحية التنموية ومن ناحية دعم البنية التحتية. بالرغم من أنها تعد ثروة وطنية طبيعية وانتاجية وسياحية كما وجه اللوم إلى السلطات المحلية التي عجزت على استباق الوضع الكارثي بالرغم من تحذيرات وكالات الرصد الجوي المحلية والأجنبية، والتي أثبتت عجزها شبه التام على التدخل العاجل لإنقاذ أرواح المواطنين أو العالقين وسط المياه الجارفة وللحد من حجم الخسائر البشرية والمادية التي من المرجح أنها بلغت المليارات.
وبالرغم من التداعيات الكارثية لواقعة الفيضانات الأخيرة في منطقة الوطن القبلي إلا أن الأوساط السياسية مازالت تتملص من المسؤولية وتلقيها على عاتق الطبيعة بجانب عدم الانسجام وأحيانا تضارب تصريحات بعض الوزراء والمسؤولين مثل وزير البيئة الذي اعتبر أن ما حصل من فيضانات في محافظة نابل يعد كارثة طبيعية لا دخل لضعف البنية التحتية فيها وتصريح وزير الفلاحة والصيد البحري سمير بالطيب الذي اعتبر أن الأمطار الأخيرة المسجلة نعمة مُعددا نتائجها الإيجابية على مجال الزراعة بحيث امتلأت السدود وتجددت المائدة المائية ما ينبأ بموسم زراعي واعد.
ولا تزال تبعات الفيضانات من انقطاع للطرقات المؤدية للعديد من المدن بين مدن محافظة نابل والعاصمة قائمة إلى اليوم ، بسبب ضعف إمكانيات الدولة في التدخل والإصلاح وقصور استراتيجياتها لمجابهة الكوارث إذ انهار عدد من الجسور ودمرت السيول الكثير من الطرقات بجانب تكدس الأوحال وحطام بعض المنازل والسيارات داخل الأحياء وفي الطرقات الرئيسية التي تربط الجهة بالعاصمة.
وأرجع جل المسؤولين المحليين وكذلك رئيس الحكومة ووزراؤها المسؤولية على المعدلات القياسية من الأمطار، ووفق مواقع عالمية فإن محافظة نابل سجلت السبت الماضي ثاني أعلى نسبة تهاطل أمطار في العالم خلال 24 ساعة حيث فاقت الـ200 مليمتر . واعتبر وزير البيئة والتنمية المحلية رياض المؤخر أن الأمطار الطوفانية التي تهاطلت السبت خلفت العديد من الأضرار الجسيمة في نابل مشيرا إلى أن ما حدث سببه كميات الأمطار وليس البنية التحتية، بالرغم من اعترافه بأن البنية التحتية في تونس تعاني العديد من المشكلات.
في النفس السياق أكد رئيس الحكومة على أن كميات الأمطار المسجلة في نابل السبت والتي تعتبر غير مسبوقة أدت إلى هذه الكارثة مؤكدا أن الدولة سوف تلتزم بالقيام بدورها في تعويض الخسائر للعائلات التي تكبدت خسائر مادية وكذلك سوف تتحمل مسؤولياتها في إصلاح الطرقات وغيرها.
وتعد منطقة الوطن القبلي إحدى أجمل المناطق الساحلية التونسية التي تزخر بمجموعة من المقومات الطبيعية والثقافية والتاريخية التي من شأنها أن تجعل منها وجهة سياحية عالمية، كما تضم المنطقة ثروات طبيعية تجعلها رائدة في العديد من المنتجات الزراعية غير أن هذه المقومات الطبيعية والاقتصادية لم تحظى بالعناية والاهتمام من الدولة على مر العقود الماضية بطريقة تثمن هذه الثروات ويتم استغلال نقاط قوتها كرافعة للتنمية والاقتصاد سواء في المجالين الزراعي والسياحي وغيرهما.