العالم
إدانة الكاردينال الاسترالي بيل ثالث أرفع مسؤول في الفاتيكان بجرائم جنسية بحق أطفال
ـ ملبورن ـ دين الكاردينال الأسترالي جورج بيل، المسؤول الثالث في الفاتيكان، بالاعتداء الجنسي على فتيين في جوقة كنيسة ليصبح بذلك أرفع مسؤول في الكنيسية الكاثوليكية يدان بارتكاب جرائم جنسية بحق قاصرين.
وكانت هيئة محلفين استرالية قد أدانت بالإجماع في 11 كانون الأول/ديسمبر بيل في قضية اعتداء جنسي وأربع قضايا تحرش بحق صبيين في كاتدرائية سانت باتريك في ملبورن في التسعينات الماضي. لكن لم يتم نشر القرار قبل الثلاثاء لاسباب قانونية.
واتُهم بيل البالغ من العمر حاليا 77 عاما، بحشر الصبيين في زاوية وكان عمرهما يومها 12 و13 عاما، وإرغامهما على القيام بأفعال جنسية.
ورجل الدين الذي بقي خارج السجن بموجب كفالة، نفى كافة التهم وانتهت محاكمة أولى دون أن تتوصل هيئة المحلفين إلى قرار بشأن إدانته أو تبرئته، الأمر الذي استدعى إجراء محاكمة ثانية انتهت في 11 كانون الأول/ديسمبر بإدانته.
وبموجب قرار واسع من القاضي يحظر نشر المعلومات في هذه القضية، مُنعت وسائل الإعلام من التحدث حتى عن وجود إجراءات قضائية والمحاكمات المتعاقبة منذ أيار/مايو.
وتم رفع حظر النشر خلال جلسة محاكمة الثلاثاء بعدما قرر الادعاء صرف النظر عن محاكمة ثانية في قضية منفصلة بحق بيل تعود إلى سبعينيات القرن الماضي.
وعلق الفاتيكان بالقول إنه “يحترم” النظام القضائي الاسترالي في أعقاب “الأنباء المؤلمة” عن إدانة الكاردينال.
وقال المتحدث باسم الكرسي الرسولي الساندرو جيسوتي “نكرر كل الاحترام للسلطات القضائية الاسترالية. وباسم هذا الاحترام ننتظر الآن نتيجة عملية الاستئناف”.
ومساء الثلاثاء أعلن جيسوتي أن الكاردينال بيل “لم يعد وزيراً للاقتصاد”.
وقال جيسوتي في تغريدة على تويتر “بوسعي أن أؤكّد أنّ الكاردينال بيل لم يعد محافظ الأمانة العامة للاقتصاد” في دولة الفاتيكان.
من جهتهم قال محامو الدفاع عن الأسقف في بيان إن “الكاردينال جورج بيل دائما ما أصر على براءته ويواصل ذلك” وأضافوا بأنهم استأنفوا حكم الإدانة.
وأشار البيان إلى العديد من الاتهامات والادعاءات بحق بيل والتي تم سحبها أو إسقاطها.
وعبر رئيس الوزراء سكوت موريسون عن شعوره “بالصدمة العميقة” لإدانة بيل مضيفا أن النظام القضائي أثبت أن “لا أسترالي فوق القانون”.
“وحش”
وأحد الصبيين اللذين دين بيل بالاعتداء عليهما توفي في 2014 جراء جرعة زائدة من المخدرات، وتقول عائلته إن السبب يعود للصدمة التي تعرض لها.
وقال الضحية الثاني في بيان أصدره محاميه الثلاثاء إن العملية القضائية المستمرة تسبب التوتر “ولم تنته بعد”.
وقال الرجل الذي لم يعلن عن هويته “مثل كثير من الناجين اختبرت العار والوحدة والاكتئاب والصراعات”.
وأضاف “في مرحلة ما ندرك بأننا وثقنا بشخص كان علينا أن نخشاه ونخشى تلك العلاقات الأصيلة المفترض أن نثق بها”.
وأمام محكمة كاونتي في مقاطعة فكتوريا هتف أقارب وأصدقاء أطفال تعرضوا لاعتداءات جنسية “وحش” وتعفن في جهنم” فيما كان بيل يسير ببطء مستعينا بعصا ليدخل سيارة بعد انتهاء الجلسة.
وقال رجل تعرض لاعتداء جنسي عندما كان طفلا ويدعى مايك للصحافيين أمام المحكمة “إنها أعجوبة. أمر لا يصدق”، مضيفا بأنه يود رؤية الكاردينال في السجن بعد عزله من الكنيسة.
وتم الإعلان عن جلسة تسبق النطق بالحكم الأربعاء، يتوقع خلالها توقيف بيل وسجنه. ويواجه عقوبة بالسجن مدة تصل إلى 25 عاما في حال رفض الاستئناف الذي قدمه محاموه وفق المدعين.
وخلال المحاكمة الثلاثاء جلس بيل دون إظهار أي مشاعر وكان يرتدي معطفا لونه بيج فوق قميص داكن وياقة كهنوتية.
وتمثل إدانته ضربة جديدة للكنيسة التي بذلت مساع حثيثة لإقناع العالم بجديتها بشأن التصدي للانتهاكات بحق أطفال والاعتداء الجنسي عليهم.
وكان البابا فرنسيس قد عين بيل لإدارة مالية الفاتيكان في 2014 وكان أحد أقرب مستشاري الحبر الأعظم بوصفه عضوا في مجلس سي-9 إلى حين إقالته من هذه الهيئة بعد إدانته في 11 كانون الأول/ديسمبر.
وستمثل أنباء إدانته انتكاسة كبيرة في وقت يقود البابا حملة لإظهار تصميم الكنيسة على محاربة الاعتداءات الجنسية.
وقبل يومين فقط اختتم البابا قمة تاريخية في الفاتيكان حول الاعتداءات الجنسية التي يرتكبها كهنة بتشبيه الانتهاكات ب”بالأضاحي البشرية”.
وقال البابا فرنسيس في الإعلان الختامي للقمة “نتعامل مع جرائم مقيتة يتعين محوها عن وجه الأرض” متعهدا التعاطي مع كل قضية من قضايا الاعتداءات ب”أقصى درجة من الجدية”.
لكن المنتقدين يقولون إن الكنيسة لا تزال تتحرك ببطء كبير في التعاطي مع مشكلة بحجم عالمي وتعود على الأقل، إلى عقود مضت.
حظر النشر
أثارت قضية بيل استياءا في استراليا حيث كان الكاردينال يحظى باحترام شخصيات بدءا من رئيس الحكومة، وحيث كان من أهم الأصوات المحافظة إزاء قضايا تتراوح من زواج المثليين إلى التغير المناخي.
وعلى مدى عقود من الزمن، نفى بيل أن يكون ارتكب اعتداءات جنسية أو تستر على اعتداءات كتلك، لكنه أقر بأنه “أخطأ” في التعامل مع كهنة اعتدوا على أطفال في مقاطعة فيكتوريا.
وخلال محاكمته سخر محامو الدفاع من التهم بحقه وقالوا إن غرفة حفظ المقدسات في الكنيسة كانت تعج بالحركة بعد قداس الأحد ومن المستحيل الاعتداء على صبيان الجوقة في مثل تلك الظروف.
واحتجت وسائل الإعلام الاسترالية بقوة على الأمر بحظر المعلومات في هذه القضية، والتي منعتها حتى من ذكر وجود القضية أو أمر الحظر نفسه.
وفي أعقاب إدانة بيل في كانون الأول/ديسمبر، أوردت بعض وسائل الإعلام العالمية قرار المحكمة، فيما نشرت صحف محلية على الصفحات الأولى تقارير تبلغ القراء بأن مواطنا استراليا مهما دين بجرائم خطيرة، لكن لم يتم السماح لها بالكشف عنها أو عن هويته.
وقالت وسائل الإعلام الاسترالية الثلاثاء إنها تلقت تاليا رسالة “تشرح” أسباب عدم توجيه اتهامات لها بازدراء المحكمة لنشرها معلومات عن القضية.
وواحد من بين خمسة استراليين كاثوليكي أي ما يصل إلى 5 ملايين شخص.
وذكر تحقيق أجرته لجنة واستمر خمس سنوات في اعتداءات على أطفال في تقرير نشر العام الماضي، أن عشرات آلاف الأطفال تعرضوا لاعتداءات جنسية في كنائس كاثوليكية ودور أيتام ونواد رياضية ومجموعات شبابية ومدارس في “مأساة وطنية” لأجيال عدة.
وقبل بيل، كانت أبرز قضايا الانتهاكات الجنسية في الكنيسة في استراليا هي إدانة الأسقف السابق لأديلايد فيليب ويلسون العام الماضي بتهمة التستر على جرائم كاهن اعتدى على أطفال في السبعينات الماضية.
واستأنف ويلسون الإدانة وكسب الاستئناف. (أ ف ب)