تحقيقات

هل يبث اعتذار ميركل بشأن “ماسن” الحياة من جديد في الائتلاف الحكومي؟

– برلين – لم يكن سير أنجيلا ميركل نحو المنصة سهلا.

بدت الحيرة على المستشارة عندما رسمت بسمتها المعتادة أمام الكاميرات. وقد أغلقت عينيها برهة.

ما حدث بعد ذلك على المسرح في ساحة المقر الرئيسي للحزب المسيحي الديمقراطي الذي ترأسه المستشارة، لم يحصل خلال 13 عاما تولت فيها ميركل المنصب، فقد قدمت ميركل / 64 عاما/ اعتذارا للشعب الالماني عقب أزمة حكومية استمرت أسبوعين بشأن رئيس هيئة حماية الدستور (المخابرات الداخلية) والحل الوسط الذي تم التوصل إليه في الجولة الثانية من الأزمة.

كما اعتذرت المستشارة عن عدم تفكيرها بشكل كاف فيما يعتقده الالمان بشأن الأزمة، حسبما قالت ميركل نفسها.

وأضافت: “أعتذر عن حدوث ذلك.”

وأضافت ميركل أنها بالغت عند اتخاذ قرار نقل رئيس الهيئة، هانز جيورج ماسن، للعمل كوكيل في وزارة الداخلية، في التفكير في المستقبل الوظيفي له، “وفي التفكير في المكانة الوظيفية ومسارات العمل بوزارة الداخلية ولكنها لم تفكر كثيرا فيما يحرك الناس وبشكل محق عندما يسمعون كلمة ترقية ماسن”.

كعادتها في كثير من الأحوال، قوبلت الفيزيائية ميركل من قبل منتقديها باتهامها بالمبالغة في الظهور كسياسية تجيد التكتيك من منطلق منصبها القوي وعدم الاكتراث كثيرا بمشاعر المواطنين.

واستمر بيان ميركل بشأن المستقبل الوظيفي لرئيس هيئة حماية الدستور في ألمانيا ثلاث دقائق و 50 ثانية، ولم تكن هناك فرصة لتوجيه أسئلة لها عقب البيان.

بدت كلمات المستشارة وكأنها تصفية حساب عسير مع نصف السنة الأول للحكومة الائتلافية الموسعة.

وكان هناك تعبير استخدم كثيرا من قبل طرفي الائتلاف ( التحالف المسيحي الديمقراطي الذي ترأسه ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، برئاسة أندريا ناليس) وهو تعبير “حالة العمل الجديدة” والتي طالب أعضاء الائتلاف الموسع بأن تكون أفضل وأقرب إلى هموم الناس.

وقال لارس كلينجبايل، الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي، مشيرا لخطر حل الائتلاف بشكل سريع بسبب الاختلاف بشأن رئيس إحدى الهيئات الألمانية: “علينا أن نخرج من الحالة الهستيرية”.

واقرت ميركل، في اقعية تامة، بأن الحكومة انشغلت كثيرا بنفسها عن هموم الناس.

يأتي الاعتراف بعد عام بالضبط من الانتخابات البرلمانية في ألمانيا وبعد تشكيل للحكومة بعد أشهر من الانتخابات بشكل ضاق به صدر الناخبين وبعد أزمتين حكوميتين كادتا أن تنتهيا بحل الائتلاف الحكومي الموسع.

ورأت المستشارة أنه أصبح من الضروري الآن التركيز على العمل الموضوعي للحكومة، حيث قال: “سأبذل ما أستطيع من جهد حتى يحدث ذلك في الفترة المقبلة”.

يبدو الأمر وكأن ميركل قد ضغطت بهذه الكلمات على مفتاح “إعدادات المصنع”، وذلك بعد الفوضى الكثيرة داخل الائتلاف الحكومي.

وسعى الحزب الاشتراكي الديمقراطي هو الآخر اليوم الاثنين لنزع فتيل التوتر، حيث وقف مجلس رئاسة الحزب المؤلف من 45 عضوا خلف رئيسته أندريا ناليس لشد أزرها في هذه الأجواء من الضغط العصبي الذي تعرضت له.

وأعلن الحزب قبوله للحل بشأن ماسن، ذلك الحل الذي يقضي بأن يصبح ماسن مستشارا لوزير الداخلية هورست زيهوفر، بنفس الراتب والدرجة الوظيفية.

كانت رئيسة الاشتراكيين وجهت خطابا لميركل وزيهوفر تقول فيه: “لقد أخطأنا” مشيرة بذلك الى الاتفاق الذي توصل إليه ممثلو الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، ميركل و ناليس و هورست زيهوفر، رئيس حزب “الاتحاد المسيحي الاجتماعي في ولاية بافاريا”، بشأن نقل ماسن من رئاسة هيئة حماية الدستور لمنصب وكيل بوزارة الداخلية. وفي ظل الانتقادات الواسعة في قاعدة الحزب لماسن واتهامه بترويج نظريات التآمر اليمينية، طالبت ناليس في خطابها بإعادة التفاوض بشأنه، خاصة وأن أعضاء حزبها يعارضون ترقيته لدرجة وظيفية أعلى بعد الأخطاء التي ارتكبها.

ولكن ناليس نالها خلال هذه الأزمة ما نال الائتلاف، فقد اهتزت صورتها كثيرا، كما اهتزت صورة الائتلاف. فهل تفيق هي الأخرى من آثار هذه الأزمة؟

يشار إلى أن هذا هو الخلاف الثاني الذي تعرض له الائتلاف الحاكم في ألمانيا بعد واحد بشأن اللاجئين.

وللاختلاف الثاني صلة بآثار الأحداث التي وقعت عام 2015، عندما ألح الحزب المسيحي الاجتماعي على المستشارة بالاعتراف بوجود أخطاء،حيث كانت أزمة اللاجئين بلغت ذروتها عندما قدم مئات الآلاف من المهاجرين لألمانيا وتسببوا في مخاوف لدى الكثيرين من سكان ألمانيا، ألح في مطالبة ميركل بالاعتراف بوقوع أخطاء.

ولكن ميركل لم تسد هذا المعروف لمنتقديها. يبدو أنها لن تعتذر أبدا بهذا الشأن. ولكنها أكدت أن ما حدث في عام 2015 لن يتكرر مرة أخرى، وأصبحت تناضل من أجل المزيد من حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وتسافر كثيرا الى أفريقيا وتروج لإبرام اتفاقات هناك حتى لا يفر الناس من وطنهم.

وربما دفع زيهوفر فاتورته الشخصية عقب الانتخابات البرلمانية المقررة في ولاية بافاريا في الرابع عشر من تشرين أول/أكتوبر المقبل، وذلك لأن هناك غضب هائل بين المشاركين في المعركة الانتخابية إزاء الحزب.

ويرى أحد أعضاء البرلمان المحلي لولاية بافاريا أن تصرفات زيهوفر في الأشهر الماضية كانت “ضارة للغاية”.

في البداية كان عدول زيهوفر عن الاستقالة من منصب وزير الداخلية، تلته الأزمة الحكومية الأولى، والآن التجاذبات السياسية بشأن ماسن، عقب مؤتمر حزبي سار بشكل جيد، ويرى النائب أن كل هذا يضر بالحزب.

إذا استطلعنا الأجواء داخل الحزب المسيحي الاجتماعي الذي يرأسه زيهوفر، ربما وجدنا أن الصبر قد نفد مع الرئيس. فقد أصبح أعضاء الحزب منذ وقت طويل يحملون زيهوفر المسؤولية الرئيسية عن تردي شعبية الحزب بشكل كبير في استطلاعات الرأي الأخيرة.

(د ب أ –  يورج بلانك و جيورج إيسمار وكريستوف تروست)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق