السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا

“نتحجب ويكفينا الله شر الطوفان”… ردا على شامتين في ضحايا الفيضانات بتونس

ـ تونس ـ خاص ـ غضب عارم يجتاح مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الوضع الاجتماعي الكارثي الذي كشفته فيضانات منطقة الوطن القبلي وجل مدن وأحياء محافظة نابل، خسائر بشرية ومادية بالجملة 5 أموات وعائلات باتت من دون مأوى بعد انهيار منازلها أو تلف أثاثها… وغضب من نوع آخر بسبب تدوينات وتعليقات تبدو تافهة حول الكارثة ولكن مضمونها حمّال لمعان كثيرة.

تعليقات صادرة عن بعض مرتادي شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، موقع التواصل الاجتماعي الأكثر استخداما في تونس، حملت شحنة من الشماتة في متساكني محافظة نابل المنكوبين حيث علق على المسألة قائلا ما معناه بأن الكارثة التي حصلت مع هؤلاء المواطنين سببها “عراؤهم على البحر وفسقهم” والمقصود بالعري لباسهم على شواطئ البحر أثناء الاصطياف اما وصفهم بالفسق فهو منطلق من فكرة عامة في تونس مفادها أن محافظة نابل التي تعتبر منطقة سياحية تمتاز بنمط معيشة عصري وحداثي منفتح على الآخر.

وعلق استاذ جامعي يعتبر أحد أبرز المدونين في تونس حيث تحظى صفحته بعدد هام من المتابعين قائلا “تعليق لأحدهم في شأن الفيضانات في نابل يلخص ما دونه كثيرون في هذا المعنى عن “أسباب” الطوفان. عادة يأخذني الضحك عند قراءة مثل هذا الكلام. اليوم بدا لي أن أسأل أصحاب تلك “الأفكار” لماذا تتجنون على الله؟ هل مشكله مع العباد هو العري؟ ألا يغضب إلاّ لذلك؟ أفلا يغضب للسرقة مثلا وللنفاق ولتجويع الناس ولترك المرضى بلا دواء والتلاميذ بلا نقل والمتقاعدين بلا جراية؟ وماذا عن أكل أموال اليتامى والرشوة وشهادة الزور وكتم الحق؟ ماذا عن الغش وعن الرياء وعن قطع الطريق وعن الشعوذة وعن قطع الرحم وعن النميمة والغيبة؟ ألا يغضب الله للقتل وللاغتصاب وللتحرش ولعقوق الوالدين ولهتك أعراض الناس ولليمين الغموس وللتكاسل في العمل وللتواكل وللكِبر وللشماتة وللحسد؟”

مضيفا “فإذا عاقب الله أهل نابل لعريهم وعفا عن البقية نفهم أنهم من غير العراة وأن الله لا يغضب لشيء ممّا ذُكر أعلاه غير العري. جميل سنتحجّب إذن وسيكفينا الله شر الطوفان ونحن نسرق وننافق ونقتل ونغش ونشهد الزور ونغتاب الناس ونعق الوالدين ونتكاسل ونهرّب الدواء والدم… سنفعل كل شيء إلاّ أن نعري أنفسنا”.

تعليقات كثيرة ناقشت ما ورد في نص الأستاذ الجامعي الذي قدم صورة نموذجية لحاملي الفكرة التي تقوم على الشماتة في من يصاب بمصيبة أو بحدث أليم بسبب نمط معيشته أو نمط لباسه والذي يدينونه بسببه لأنه عصري أو متحرر أو يعيش بأسلوب لا ينسجم ولا يروق لمرجعيتهم الفكرية المتشددة والرجعية. هذه الفئة ممن يشمتون في شخص يعاني بسبب حادثة أو مرض أو غيره هي ذاتها التي تكفر الناس وتسمح بنفسها بإصدار الأحكام عليهم وبتحديد مصائرهم حتى بعد الموت.

استنكر عدد واسع من المعلقين على ما دونه الأستاذ الجامعي ما ورد على لسان الشامتين في متساكني نابل وأيدوا تساؤلاته التي وجهها لحاملي هذا الفكر الذي يظل غريبا على التونسيين وعلى ثقافتهم وأكدوا أن حاملي هذا الفكر لا يمكن أن يعتبروا أنفسهم مواطنون تونسيون منتمين إلى دولة مدنية تبني مجتمعا ديمقراطيا قادرا على استيعاب جميع الأطياف والألوان والانتماءات الفكرية والسياسية على اختلافها دون المرور إلى محاسبة أي طرف بسبب خياراته في الحياة أو توجهاته الدينية والفكرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق