شرق أوسط

طلاب في شمال غرب سوريا يحتجون على إغلاق عدد من الجامعات

ـ إدلب ـ منذ أسابيع، يعترض طلاب كلية الطبّ في مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، عبر اعتصامات وتحركات، على قرار أصدره مجلس تربوي متعاون مع هيئة تحرير الشام، يقضي بإغلاق كافة الجامعات غير المرخصة منه.

وعلى غرار هذه الكلية التابعة لجامعة خاصة، تم إغلاق أكثر من عشر جامعات في المحافظة بناء على قرار صدر عن مجلس التعليم العالي بهدف “تنظيم” القطاع الجامعي. وتولت تنفيذه وزارة الداخلية التابعة لـ”حكومة الإنقاذ”، التي تعدّ الواجهة المدنية لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) التي تسيطر على كامل المحافظة.

ولم يعد بامكان آلاف الطلاب في مدن عدة في إدلب متابعة تحصيلهم إلا في بضع جامعات تحظى بترخيص من هذا المجلس. ويشكو هؤلاء من عدم قدرتهم على تحمل أقساطها الباهظة.

خلال اعتصام للطلاب في معرة النعمان تعبيراً عن احتجاجهم، يقول الطالب في كلية الطبّ مضر درويش (28 عاماً) بأعلى صوته، “يضيع مستقبلنا بسبب قرارات مجحفة يتخذها عدد من الأشخاص بحق جامعتنا.. ولن نسمح بذلك”.

وشهدت محافظة إدلب، وهي الوحيدة الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، اقتتالاً داخلياً انتهى في كانون الثاني/يناير بالتوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار، أتاح لهيئة تحرير الشام بسط سيطرتها على كامل هذه المنطقة مقابل انسحاب فصائل اسلامية ومعارضة منها.

وخسرت القوات الحكومية صيف العام 2015 المحافظة، التي تؤوي نحو ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم نازحون من محافظات أخرى. وانتقلت إدارة المؤسسات التعليمية الموجودة فيها تباعاً إلى هيئات تعليمية تابعة للمعارضة السورية كما تم استحداث جامعات بإدارات مدنية خاصة في مناطق سيطرة الفصائل.

إلا أنه وبعد تفرّد هيئة تحرير الشام بالسيطرة على المحافظة تبدّلت الأمور، وبات لزاماً على الجامعات أن تحظى بترخيص من مجلس التعليم العالي. وتشترك جامعات المحافظة كافة في كون الشهادات التي تمنحها غير معترف بها وتسمح لحاملها بإيجاد وظيفة في المنطقة فقط.

ويقول درويش بإنفعال لفرانس برس “لن يقضي قرار إغلاق الجامعة على مستقبل طالب واحد بل على مستقبل 1700 طالب” من زملائه في الكلية.

 “جامعات الدولار” 

ويضيف “ندفع قسطاً لا يتجاوز 300 دولار أميركي، ولا يمكننا أن ندفع 1800 دولار في الجامعات” التي منحتها السلطات المحلية ترخيصاً.

ويوافقه الرأي الطالب في اختصاص التمريض محمد شحود (23 عاماً). ويقول لفرانس برس “الجامعات الخاضعة لقرارات حكومة الإنقاذ هي +جامعات دولار+ ولا تختلف شيئاً عن الشركات التجارية”.

في معرة النعمان، بدت الكلية التابعة للجامعة الدولية للإنقاذ، وهي جامعة خاصة، فارغة من طلابها وأساتذتها وبواباتها مقفلة، وفق مراسل فرانس برس. ولا تزال آثار القصف واضحة على مبنى الكلية.

وعُلقت التظاهرات في معرة النعمان بعد أسبوعين من بدء حركة الاحتجاج مطلع الشهر الماضي. وقرر الطلاب نقلها إلى مدينة إدلب، وتحديداً أمام مقر مجلس التعليم العالي.

إلا أن اعتصامهم الذي رفعوا خلاله لافتات وشعارات مناهضة لرئيس المجلس لم تستمرّ لوقت طويل. فقد وضعت هيئة تحرير الشام حواجز لمنع وصولهم إلى إدلب وهدّدت بتوقيف المحتجين إذا لم يكفّوا عن التظاهر، وفق ما روى طلاب لفرانس برس.

وتتعرض مدن عدة في الأسابيع الأخيرة لغارات وقصف مدفعي وصاروخي من قبل قوات النظام وحلفائها. كما يشهد بعضها بين الحين والآخر تفجيرات واعتداءات انتحارية ينفذها مجهولون.

 دروس في الشارع

وحظيت ثماني جامعات فقط في المحافظة بتراخيص رسمية، وفق ما يوضح رئيس مجلس التعليم العالي مجدي الحسني لفرانس برس.

ويشير إلى أن الهدف من هذه الخطوة “تأطير” عمل الجامعات في إدلب و”تحقيق جودة التعليم فيها” بعدما كانت “أكثر من 13 مؤسسة تعليمية تعمل من دون ضوابط أو رقابة”.

ويرى أن “تعدد المناهج واختلافها أمر صحي وأكاديمي ولكن يجب أن تكون هذه المناهج معتمدة”.

ويتواصل المجلس وفق الحسني، مع جامعات خارج سوريا، في تركيا وماليزيا وسواها “لتأمين نوع من الاعتراف” بالشهادات التي تمنحها الجامعات المستوفية للشروط.

يؤكد الحسني “تفهم ردة فعل الطلاب”. ويقول إنه “سيتمّ تشكيل لجنة خاصة لدراسة أوضاع الطلاب” المتضررين من القرار.

ورغم تراجع حركة الاحتجاج في الأيام الأخيرة، إلا أن عدداً من الطلاب والأساتذة ما زالوا يعبّرون عن غضبهم إزاء قرارات المجلس.

وقرر طبيب في علم التشريح وأستاذ آخر في كلية الطبّ إعطاء دروس في الشارع، أمام مبنى الكلية المغلقة في معرة النعمان.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي رجلاً غزا الشيب شعره يرتدي قميص طبيب ويقف أمام مجموعة من الطلاب يجلسون على كراس بلاستيكية. ووقف أحد الطلاب إلى جانب الأستاذ رافعاً لافتة كُتب عليها “ندعو الكادر التدريسي للاستمرار معنا رغم كل الصعاب”.

وبدت خلف المدرس الذي اتخذ من الرصيف منصة له، بوابة الجامعة الخضراء مغلقة وعلى العديد من جدرانها آيات قرآنية. ولم تستمرّ هذه الدروس إلا يومين وعُلقت بسبب عمليات القصف.

ويتوقع الطالب شحود أن يكون “إغلاق الجامعة سبباً لتخلي الكثير من الطلاب عن الدراسة، فمنهم من سيلازم المنزل والبعض الآخر سيبحث عن فرص عمل”.

أما مضر فيقول “الجامعة انتشلتنا من الشارع وإذا استمرّ الإغلاق، سيفتح كل طالب مصلحة” ليعتاش منها.

ويضيف “سيعود كل طالب إلى الشارع ليعمل في محل فلافل مثلاً أو غيره”. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق